في الليّلِ
كان الخلقُ من
تَعَبِ النّهارِ، جميعُهم،
كانوا نيامًا
تحتَ أغطيةٍ من الأحلامِ
في خِيّمٍ بلا
عَمَدٍ،
ولا تَقوى على
صدِّ العواصفِ
والقذائفِ
في مساءٍ غارقٍ
بالجوعٍ
والخوفِ المخبئ
في صباحٍ مُرتَجِف..
في الليلِ
تهجرني على إيقاعِ صوتٍ هاتفٍ روحي
تُحَلِّقُ في فضاءٍ
غامضٍ
تسري إلى مدنٍ
كأنّي سرتُ في
ليلٍ طويلٍ
في شوارِعِها
كأنّي أعرفُ
الحاراتِ والأضواءَ والأكواخَ والرّملَ
الذي لَسَعَت
حرارتُه شفا قَدَميّ
في الصيّفِ
الأخير
لم أستدل على
الشوارعِ
والأماكنُ لم
تعد تلكَ الأماكنَ
لا نوافذَ، أو
حدائقَ أو صباحاتٍ
تُطّلُّ بنشوةٍ
من فوقِ أجنحةٍ
مُحَلِّقًةٍ على الشُرُفاتِ
حُلْمًا ما أرى؟
أسريتُ ليلاً
لم تعد تلك
المقاعدُ في أماكنِها
ولم يأتِ
الصّحابُ
كأنّهم ضلّوا
الطريقَ إلى منازِلِهم
لقد حضروا،
وقد خُطِفَت
ملامحُهُم
أضاءوا من
أصابِعِهم مشاعِلَ في زوايا المسجدِ العمريّ
في ليلٍ شتائيّ
طويلٍ
كي يقيموا تحتَ
مئذنَةٍ هَوَت في القصفِ ليلَتَهم
على درجٍ من
العَتَماتِ قد صعدوا
زقاقٌ ضَيِّقٌ
والسوقُ في
البلدِ القديمةِ
لم تَعُد تأوي
إلى الأضواءِ
تُؤنِسُ وحدةَ
العُشّاقِ
يا ليلَ
الشّتاءِ فكن بِمَن ضلّوا الطّريقَ بهم رحيمًا
وافتح الأبوابَ
في المدنِ التي كانت
لطفلٍ يَتَّمتهُ
الحربُ
لأمرأه تَساقَطَ
فوقَ جَبهَتِها
ضياءٌ من سما
علويّةِ الأنوارِ
فانهارت على
أعتابِ منزلِها الذي احتَضَنَت حجارتُهُ
بقايا مَنْ قضوا
تحتَ الرُّكام...
حُلُمًا أرى،
أم أنَّ هذي
الحربَ قد خَطَفَت ملامحَهُم ؟!
لقد أسريتُ ليلا
لم أجد أحداً
يرافقني
لأبحثَ عن صدى
صوتي
وعن طُرِقٍ
يُغَطِّيها الغبار...
14/ آذار/
2024
إرسال تعليق