مطالعة تأملية في رواية زعفرانة / الكاتب شاكر نواصره

لماذا كان هناك عدة شخصيات باسم زعفرانة – مطالعة تأملية في رواية زعفرانة ل : هدى النعيمي

في رواية "زعفرانة" لهدى النعيمي، يُلاحظ وجود شخصيات متعددة تحمل نفس الاسم، وهو من وجهة نظري اختيار سردي مقصود يعمّق من التعقيد الرمزي والموضوعي للقصة. هذه التقنية تخدم طمس الحدود بين الماضي والحاضر، بين الواقع والأسطورة، وكذلك بين الهوية الفردية والجماعية ..

الدلالة السردية والموضوعية

تكرار اسم "زعفرانة" بين الشخصيات المختلفة يخلق سردًا متعدد الطبقات يربط مصائرهم وتاريخهم. لا يُعتبر هذا التكرار مجرد تكرار للاسم، بل هو نسج لصفات ومصائر وتجارب مشتركة. يعكس هذا الاختيار السردي الطبيعة الأبدية لبعض التجارب الإنسانية والهوية الثقافية المشتركة، كما أنه يساعد على الربط بين الماضي والحاضر

فباختيار الكاتبة لنفس الاسم لشخصيات متعددة، فإنها تربط بين الأزمنة المختلفة وتخلق جسرًا بين الماضي والحاضر. هذا يبرز كيف أن تجارب الشخصيات الحالية متجذرة في تاريخ طويل ومعقد، وأنه لا يمكن فصل الحاضر عن الماضي. كل شخصية تحمل اسم "زعفرانة" تعيش تجربة مختلفة ولكنها مترابطة، مما يعكس استمرارية الحياة والهوية ..

الهوية الفردية والجماعية

تكرار الاسم يعزز من فكرة الهوية الجماعية وكيف تتداخل مع الهوية الفردية. في مجتمع تقليدي حيث الروابط العائلية والاجتماعية قوية، يمكن أن يكون للاسم المشترك دور في التأكيد على الترابط والتواصل بين الأجيال. من خلال هذا الاختيار، تظهر الكاتبة كيف تتداخل وتتشابك حيوات الأفراد في نسيج اجتماعي وثقافي واحد.

البعد الأسطوري

باستخدام نفس الاسم لشخصيات متعددة، تضفي الكاتبة بُعدًا أسطوريًا على الرواية. تصبح الشخصيات التي تحمل اسم "زعفرانة" رمزًا يتجاوز الشخصيات الفردية ليعبر عن معاني أوسع وأعمق. هذا يضيف للرواية طابعًا من الأسطورة والتراث، ويعزز من غموضها وجاذبيتها.

الفارق بين زعفرانة الأصل وباقي الشخصيات التي تحمل نفس الاسم

رغم تكرار اسم "زعفرانة" بين شخصيات مختلفة في الرواية، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بين "زعفرانة الأصل" وباقي الشخصيات التي تحمل نفس الاسم.

زعفرانة الأصل:

• الجذور والتاريخ: "زعفرانة الأصل" هي الشخصية التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ والتقاليد. هي التي تحمل التراث وتعيش تجارب وأحداث مميزة تجعلها محور السرد.
• الرمزية: تمثل "زعفرانة الأصل" الرمز الأصيل للمجتمع والتقاليد، وهي الحافظة للقيم والعادات التي تشكل هوية المجتمع.
• التأثير والتفاعل: تفاعلات "زعفرانة الأصل" مع الشخصيات الأخرى تكون دائمًا محورية وتؤثر بشكل كبير في تطور الأحداث والرواية بشكل عام.

عن باقي الشخصيات التي تحمل نفس الاسم:

• التنوع والتعددية: هذه الشخصيات تمثل التنوع في التجارب والظروف التي تعيشها. كل "زعفرانة" تعيش حياة مختلفة تمامًا عن الأخرى، مما يعكس تعددية التجارب الإنسانية.
• التحديات الفردية: تعكس كل شخصية تحمل اسم "زعفرانة" تحديات ومشكلات خاصة بها، وتواجهها بطرق مختلفة، مما يضيف عمقًا للرواية ويبرز تنوع الحياة.
• التكامل مع السرد: رغم اختلافهم، تساهم هذه الشخصيات في تعزيز السرد وإثراء الرواية من خلال تقديم وجهات نظر متعددة وتجارب متنوعة.

 

في الختام  أرى أن اختيار هدى النعيمي لتكرار اسم "زعفرانة" بين الشخصيات في روايتها ليس مجرد صدفة، بل هو استراتيجية أدبية تهدف إلى تعميق الأبعاد السردية والرمزية للقصة. من خلال هذا الاختيار، تربط الكاتبة بين الأزمنة المختلفة، وتعزز من فكرة الهوية الجماعية، وتضفي بعدًا أسطوريًا على السرد، مما يجعل الرواية تجربة قراءة غنية ومعقدة. الفارق بين "زعفرانة الأصل" وباقي الشخصيات يعكس تنوع الحياة وتجاربها، ويضيف عمقًا وفهمًا أكبر للقارئ حول تعددية الهويات والتجارب الإنسانية.