أرسلتُ أفكاري في الريحِ
كطيورٍ مهاجرة تبحثُ
عن موطنِ
تزرعُ الحروفَ بينَ
السطورِ وتنتظرُ،
لكن لا تُلاقي صدى...
أصابعُ الكلماتِ تحبو
على نافذةِ الأصدقاءِ
كطفلٍ يشتهي الحكايا،
تتحسسُ أبواباً لم تُفتحْ،
فأغلقُ دفاتري بحذرٍ وأُحررُها
من الحاجةِ
لأعينٍ تتربّصُ
النصوصَ ولا ترى.
صوتي ليسَ بحاجةٍ إلى
الردود،
إلى مرايا مغبّرةٍ تُعانقُها الرياحُ
ثمَّ تُهملُها خلفَ
ظلالٍ بعيدة،
كمن يُلقي بالشِعرِ
في بئرٍ صامت،
ثم يمضي بلا اكتراثٍ...
سأبقى أكتبُ على
صخورِ الصمتِ،
حروفي نبضٌ لن
يُكسرَ،
صدى بعيدٍ في روحي
العارية،
ينحتُ معنىً في ظلالِ المسافات،
حيثُ لا حاجةَ
للاستشارات،
ولا شوقَ لردودٍ
تتلاشى كالغيمِ. **
حروفي كالبحرِ حين
يهدرُ في العتمةِ،
تبحثُ عن ميناءٍ،
عن عيونٍ تُبحرُ في المدى
لكنها لا تُبحرُ،
وأبقى أكتبُ للشمسِ،
للعتمةِ،
للورقِ الذي لا يخونُ
حين أُفضي إليه بسرّي.
كلماتٌ تشتعلُ في
صدري
نارٌ تتوهجُ من غير
رماد،
تملأُ الفضاءَ فرحًا ومرارةً،
ولا تعود،
تظلُّ في دربها،
خارجةً من كل الأبواب. *
لستُ بحاجةٍ لصدى
صوتي
ولا لصمتٍ يُوهمني
بالرضا،
أكتبُ للرياحِ
الهائمة،
لليلِ الذي يُصغي بلا
كلل،
لمدى لا يملُّ من
احتضانِ حروفي
كأنَّني في صمتِ الكونِ،
أطلقُ الزفراتِ،
ولا أرتقبُ يدًا
تُصافحني.
أحرّرُ كلماتي من
انتظارِ أجوبةٍ باهتة،
أُطفئُ فيها نيران الشوقِ للحضور،
وأمضي كالشِعرِ في متاهةٍ لا تنتهي،
حُرّةً،
عاريةً من الحاجةِ
للرضا. **
يا صديقَ الصمتِ،
يا صدقَ العزلةِ
خذ بيدي إلى مدنِ
النسيان،
حيث لا يخونُني
الصدى،
ولا يُخلفني الوعد.
سأمضي وحيدًا كفارسٍ يمتطي
صهوةَ حروفه،
يقطعُ مسافاتِ القلبِ
بلا رجوع،
بلا وداع،
أكتبُ لنفسي،
وأُحرّرُ قلبي من أوهامِ الصدى
وضياعِ الإجابة.
إرسال تعليق