الإنسان
بالنسبة للإنسان ، رمزية ..
ليس غير رمز
مشفر ..
تماما كانت
شخوص الرواية بالنسبة لي مبهمة ، كما تبهم ورود معروضة على واجهة زجاجية ( فاترينا
) ، في محل ما من محلات لندن حيث تجولت مع
تمارا ، تشتري الوردة فتعرفها بعد ان اشتريتها ، فلا تعود رمزية ،
وتصبح حقيقة ، ويصبح من واجبك التأقلم واعتياد الرائحة حتى لو كانت غريبة ، او غير
متوقعة ، يصبح من واجبك فهم الزهرة بعد
شراء رمزيتها ، يصير لزاماً عليك فهم
الكل ،بعد ان اخترت الرمز وحده ، ولربما
كانت ياسمين زهرة شاكر التي احتاج للتأقلم مع تعقيدها البالغ ، بعد أن اختار
رمزيتها فقط ، فكلفته رواية كاملة ، احتاجت من جهده وسهره ما احتاجت .
كان من الجميل
أن أرى المرأة لأول مرة بالصوت والصورة
، لأول مرة اجد من يترجم الأصوات الغير
المسموعة الصادرة من جمال امرأة ، واتيقن بان للجمال صوتاً عدا صورته ، كنت اقرا
صفحات الخرافة ملتمساً الرائحة التي عبقت ، وامعنت في تشكيل تفاصيل المرأة ، فتفاصيل المرأة في
خيال الكل واضحة ، لكن قل من يرسم
التفاصيل بالكلمات ، كما فعل هو في خرافة
الياسمين ، كان طوال السطور ، ينحت بإبرة دقيقة ، تفاصيل التفاصيل ، يضرب في صخر
جسد نساء كثر استلقين على سطور
صفحاته ، فيعبق من رخامهن حبق وعطر ، الصدق أقول أنني كقارئ او ناقد نسيت
بأن للنص اساسيات كتابة ، نسيت أصلا بأنني أقرأ نصاً ، ورحت الهث وراء
الرائحة والرمزية ، أحاول فك مبهم الاحجية ، حزيناً على يعقوب ، ومتسائلاً كم يعقوباً في اعماقنا قتلته خيوط
الهيام والتبعية لمخلوق اخر ،
مخلوق لربما أراد (شاكر نواصره) ان يجعله خرافة او وهماً لأنه لا يستحق
ان يكون حقيقة ، فمعايير الجمال ظالمة ، والاستيلاء على الاخر جريمة لا تقرها كل مواثيق البشر ، الا ميثاق
الحب ، يعترف بها ويقر باستيلاء طرف على اخر الى حد الغاء الكيان الاخر ، كحرب
كيانين ، اعتراف قوي بأحقيته
بالسلطة المطلقة لا اكثر ، لازال البشر الى اليوم عاجزين عن رفع هيمنة الحب وسلطويته عن ملايين المظلومين في هذا العالم الذي يتسع
للملايين ، ويضيق خلال عينين جميلتين .
لا ادري إن كان (شاكر نواصره) ، قد كتب الرواية عن تجربة خاصة ، لكنني اشتممت بين أوراقه رغبة بالثأر من طرف ما ، استشعرت بأن الجرائم التي ارتكبت بين طيات الكتاب قد وقعت عليه بالأصل ، فأحب التشهير بالجناة ، جناة الحب ، في صفحات قرأناها جميعاً وبحكم جمال الصدفة ، في نفس المكان حيث جرت احداث الرواية ، في شارع الجامعة ، امام بسطة الكتب ، حيث نجتمع ونتفرق، نأتي ونذهب ، نغرق ونطفوا على السطح كل يوم ، الى ان وجدنا خرافة الياسمين تضع المكان كله في طيات كتاب ، المكان كله صار داخل كتاب بالرغم من اتساعه لألاف الكتب ، المكان مليئ بالكتب ، المكان يحتوي الرواية ذاتها تستلقي على الرصيف مثلنا ، والمكان موجود في طيات الرواية ، لتتكون دائرة غريبة نادرة الحدوث ، حدثت فقط في طيات راوية ( خرافة الياسمين ) ، مكان يحتوي كتاباً يحتوي المكان في داخله .
إرسال تعليق