ليل وسماء موسى صالح الكسواني
أنا وأنت توأمان
والليلُ والسماءُ يا حبيبتي حكايتان
أنا
أموتُ كل شهقةٍ بلا كفن
وكل ما يُشير نحو جبهتي
يُصيبني بثقلهِ
ويُوجع الزمن
يروي به ما ثرثرت
كواذبُ التاريخ عن جرائر المحن
وأنتِ نسجٌ ثائرٌ
تاهت أساطير القرون في خيوطكِ الملونات
لكنه المواتُ ذاتُه
يعود كلما زهت بنا الحياة
فالطفلة التي ينام فوقها التراب كانت نائمة
وشعرها المنمق الطويل منثور على
يباسِ جوعها المغطى بالغبار
وحلمها الذي شفى غليلَه منه الدمارُ كان لعبةً
تناثرت على الرصيف
حين فجرت يدُ المقاول الغدور خُفيةً
جمال بيتها الزجاجيَّ المُحلَّى
بالبراءة التي عاثت بها
كوارثُ المال الحرام
الطفلة الموءودة اشتهى
نُوَارَ خدها الورديِّ سادنُ الظلام
شتَّى تنوءُ أو نأت بهم قصورهم
تشي بهم رمالُهم
تخونهم ضواريهم فتأكل الضباع ذاتها
وآكلون الجوع زادُهم
هواؤهم
وكبرياءْ
فالموت يُنصف الجياع لحظة ابتلاعهم
يُنيمهم على حرير فارشٍ حنانَه السَّخيَّ
فوق ناشراتٍ من هناءْ
بيروت يا صنوبر المقدس القصيِّ
درةَ المدى البعيدْ
يا فوحة الزهور في الشرق المجيدْ
مُدِّي إليَّ عطر كفك المحنى بالدم العنيد
فقلبي الحزين فكرة صغيرة وعاصفة
نجوايَ أنت يا حبيبتي
نجوى لكل العاشقين في البلاد النازفة
وها أنا أموت كل شهقة بلا كفن
فيروز تُبكيني وتَبكيني
كأنها تلومني في نوحها المرير
فوق المَرفأ المغدورِ كلَّ حين
بيروت يا حبيبتي
أيا غواية الصَّبيَّة التي
تُناغش النجوم كل ليلة على
بَساط سيمفونية مِزاجها
ترفلُّ النوارس المغردات مثل قديسٍ فِنيقيٍّ
يُقيم وجهه للريح ثم يبدأ الصلاةَ
بالتسبيحِ فوق هزهزات الماءْ
وماء بحرها ترانيم اليمامْ
يموجُ في هديلها موجٌ
يَهيم ثم يَهوي ثم يستهوي جنونَه اللذيذَ كلما
تراقصت من حوله
ما يشرئب من أفانين النساء
بيروتُ يا حبيبتي
أنا وأنت توأمان
نموت كل شهقة بلا كفن
لكنه يُعيدنا الفينيق فوق بسطة من الضياء
يعيدنا إلى كنعانَ كي
نُقشِّر التاريخَ مرة أخرى
ونبدأ احتفالنا المهيب
في هلالنا الخصيب
___
9/8/2020
إرسال تعليق