-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • النقد الادبي ، بين الحكم الثابت الوحيد للناقد وديناميكية التأويل / الشاعر إياد شماسنة

     

    النقد الأدبي مجال فكري معقد يتسم بالتجدد والتنوع، فهو يسعى إلى تحليل النصوص الأدبية وفهمها من خلال مجموعة من الرؤى المنهجية المختلفة. ومع ذلك، يظل السؤال قائمًا: هل النقد حكم ثابت وعلمي أم أنه تأويل فكري قابل للتغير؟
    للإجابة على هذا السؤال، يجب إدراك أن النقد الأدبي ليس عملية تعتمد على قوانين صارمة، بل هو اجتهاد فكري يستند إلى أدوات تحليلية قد تختلف من ناقد إلى آخر ومن فترة زمنية إلى أخرى.
    النقد الأدبي ليس علمًا تجريبيًا يعالج النصوص بموضوعية خالصة، بل هو عملية تأويلية تعتمد على السياقات الفكرية والثقافية التي ينتمي إليها الناقد. هذه العملية تتأثر إلى حد كبير بالتغيرات الزمنية والاجتماعية، مما يجعل النصوص الأدبية كائنات ثقافية حية قادرة على تجاوز حدود اللحظة التاريخية التي أُنتجت فيها. فالقراءات النقدية تتغير مع تغير الأطر الفكرية السائدة، وما يُعتبر قراءة نقدية رائدة اليوم قد يبدو متجاوزًا في المستقبل.
    النصوص الأدبية بطبيعتها مفتوحة على التأويل، فهي تطرح أسئلة أكثر مما تقدم إجابات، مما يمنحها القدرة على إثارة رؤى متعددة لدى النقاد والقراء على حد سواء. هذه الطبيعة المفتوحة تجعل من المستحيل اختزال النص في قراءة واحدة أو حكم نقدي ثابت. كل قراءة جديدة تضيف بُعدًا جديدًا للنص وتعيد اكتشافه في ضوء أسئلة ومقاربات مختلفة.
    ذاتية الناقد تلعب دورًا مهمًا في تشكيل النقد الأدبي. فالنقد ليس عملية تحليلية محايدة، بل هو انعكاس لتجربة الناقد الشخصية ومعرفته وسياقاته الثقافية. هذه الذاتية تضفي على النقد طابعًا إبداعيًا، مما يجعله استجابة فكرية للنصوص أكثر من كونه حكمًا مطلقًا عليها. لهذا السبب، يمكن أن نجد اختلافات كبيرة في التفسيرات النقدية لنص واحد، مما يعكس ثراء النصوص الأدبية وعمقها.
    النقد الأدبي كذلك يتغير مع تطور المناهج الفكرية. على مر العصور، ظهرت نظريات جديدة مثل النقد النسوي والنقد ما بعد الكولونيالي والتفكيكية، التي أعادت صياغة فهمنا للنصوص الأدبية ومنحتها قراءات غير متوقعة. هذا التطور المستمر يثبت أن النقد ليس عملية مغلقة، بل هو حوار مفتوح يعيد قراءة النصوص وتأويلها في ضوء معطيات جديدة.
    إن النقد الأدبي ليس حكمًا نهائيًا ولا حقيقة مطلقة، بل هو عملية فكرية ديناميكية تستمد حيويتها من تنوع القراءات واختلاف المنهجيات. هذا التنوع يجعل من النقد مجالًا ثريًا يعكس تطور الفكر الإنساني وقدرته على إعادة النظر في النصوص الأدبية من زوايا جديدة. وفي نهاية المطاف، يبقى النقد حوارًا مستمرًا بين النصوص والأزمنة والقراء، مما يؤكد أن الأدب والنقد معًا يعبران عن تجربة إنسانية لا حدود لها.
    ____
    عن صفحة الشاعر على الفيسبوك

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016