الحزنُ أرزٌ أخضرُ
على كتفيه نجمتانِ
نامتْ واحدةٌ بين البحر وجبل الشيخ
الأخرى في جيبي الرطب
بللته ضحكتها وهي تقطف لي التوت البري في وادي اليرموك
وطني يسهر على شبر من جسدهِ
شجرة لا تنام
بين المتوسط وغور الأردن يركل الخنزير الموز إلى القرود
الجمال ليمونة من أريحا
قصب عتيق بني غامق كما الحب
شبيبة الجبل ودفلى الوديان البعيدة
مراكب البنادق المهربة من حوران
تحت الدوالي
نسمات البرد والبارود رسائل ماضٍ
قلب أسد وصوف كوفية شمس الشموس عزيزة على أهلي
صديقتهم
ابنتي شمسها بعيده
ابني يحمل المشعل الإلكتروني
حبيبتي تذهب إلى بلادها الدمشقة وتقرأ رواية مشتركة بين عبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا
"عالم بلا خرائط"
حبيبتي من سوريا
العالم كله فلسطيني
في المغترب تكون مشاعر الإنسان محملة بالحنين، فيحاول استعادة ذاته من خلال المكان/الجغرافيا، ونتوقف عند المكان تحديدا لأن الفلسطيني يعتبره جزءا من كيانه، لهذا نجده حاضرا وبقوة، الشاعر "يونس عطاري" يعطينا صورة عن هذا لحنين من خلال هذا النص الذي نجد فيه الثنائية بأكثر من شكل/وجه، وعندما نقول ثنائية فهذا يأخذا إلى حالة التلاقي/المزج/التوحد/التماهي التي يريدها الشاعر، وحالة الحب التي يكنها لمكان/للماضي/للأشياء/للأشخاص الذين ما زالوا حاضرين فيه.
من أشكال ثنائية الحنين استخدامه صيغة المثنى "نجمتان" ومن خلال تكرار الألفاظ: "شمس/الشموس /شمسها، ابنتي/أبني، الحب/حبيبتي" ومن خلال وجود لفظين لمسمى واحد: "أرز أخضر، جبل الشيخ، التوت البري، وادي اليرموك، غور الأردن، قصب عتيق، الوديان البعيدة، رسائل الماضي، قلب أسد، البنادق المهربة، نسمات البرد، صوف كوفية، شمس الشموس ، شمسها بعيدة، المشعل الإلكتروني، بلادها الدمشقية، رواية مشتركة" كل هذا يقودنا إلى مشاعر الحنين المتوهجة التي يعيشها الشاعر، فرغم فكرة النص (الواضحة)، إلا أن وجود هذه الثنائيات تؤكد حالة الغربة التي يعيشها الشاعر، وحالة الحب/الحنين إلى مكانه/ماضيه/ناسه.
وإذا ما توقفنا عند النص سنجد حضور المكان بصورة لافتة: "البحر، جبل الشيخ، وادي اليرموك، المتوسط، غور الأردن، أريحا، حوران، سوريا، فلسطيني، وإذا ما أخذنا أن هناك مكان جاء بصورة رمزية: "أرز أخضر" ورمزية متعلقة بالثورة: "البنادق المهربة"، ورمزية تشير إلى كيان الاحتلال: "الخنازير إلى القرود"، ورمزية جامعة للناس/للمجتمع "عبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا" نصل إلى قدرة الشاعر على التعبير عما يحمله من مشاعر من خلال هذا الحضور للمكان/للناس/للأحداث وعلى تجاوزه حالة القطرية والتمرد عليها، آخذنا إلى وحدة بلاد الشام الكاملة، رافضا لحالة التجزئة التي وضعها المستعمر الغربي في بلادنا.
وبهذا يكون الشاعر قد جمع بين جمال/نبل الفكرة/المضمون وبين جمال الشاعر الذي قدمت فيه.
إرسال تعليق