واثق بالضحى
باختيالاتِهِ وسناهُ..
السماءُ مرايا وهاويةٌ
والسماءُ لظًى
أشعلتْ شفتي ويدي
لا سماء سوى
ما يرونَ
بمنعرجاتِ الغدِ
مقدسيونَ
لا ريحَ إلا التي
زوبعت ماءَ طوفانهم
الخطى درجٌ
والضّحى سُدّةُ الصاعدينَ
إلى الموعدِ
مقدسيونَ من طينةِ الأرضِ
لازبةٍ بالكراماتِ
هبّوا سُرًى كالنسورِ
ولم يعبؤُوا بالسلالاتِ
يستعذبون الندى
غيمةً وسنا
صرخةَ المولدِ
واثقٌ بالضّحى
واثقٌ باختيالاتِهِ
والطريقُ إلى الغدِ
محفوفةٌ بالملوحةِ
وجهُ الحقيقةِ شعَّ رؤًى
واستدارَ إلى وجهةٍ
في الشمالِ ..
وخبّأَ شاماتِهِ
السواعدُ ريّانةٌ
والأصابعُ ناشبةٌ بالرصاصِ
وسنبلةٍ ملءَ عينيَّ
طافحةٍ باشتهائي؛
سأبحثُ عن
رفَّةٍ للفراشةِ
وجهٍ لمعنًى على شجرٍ
قبل قلبي
وأبحثُ عن حَبّةٍ
(ملأَتْ راحتَيَّ رضًا)
واثقٌ منذُ أن سترتْ
سوْءَتي حكمةُ الطيرِ
مُنذُ تواريتُ ذاك النهارَ
بتوليفةِ الراقصينَ
على لهبِ النار في الغابِ
يستأْنِسونَ اليباسَ
يُعِدّونَ أضحيّةً للإِلاهةِ
يشوونَ أعقابَ أرجلهم
فتنةً لزعيم القبيلةِ
يسفِكُ رائِحةَ العنبرِ المُتوارثِ
من رقصةِ المولويينَ
يسلبهمْ حقهم في التنفسِ
يلعنهم ثم يجمعهم حطبًا
واثقٌ بالضّحى
والنهارُ على جمرةٍ
أوْرَثَتْني الفراشةُ
حكمتها كالغرابِ
فأودعتُ أغنية للحريقِ
تماهيتُ مع نار
قلبي ونار المكان
وأضحيتُ جذوتَهُ
والفراشةُ طارت
وصارت صدى صورتي
واثقٌ بالضحى
سائرٌ فيهِ
رغم اليبابِ
وطائرةٍ تقدفُ النارَ
فوق الردى والعذابِ
نحلتُ يدي
وقتَ خلّصتُها
من أتونِ المكيدةِ
أودعتُها
بين ضِلعَيْ نشيدي
وغطّيْتُ حرف الرويّ
بأوراقِ دفلى
وريشةِ عصفورةٍ
غادرتْ عندما مادَ
موتٌ جنوبَ الصدَى
واثق بالضحى
والضُّحى صاخبٌ
رقمٌ نازفٌ رقمًا
بِتُّ عشرينَ ليلًا وليلًا
بأطراف صحراء مكّةَ
أبحثُ عن جدولٍ
في السرابِ
وعن قيعةٍ أثمرتْ بلحًا
ذبتُ بعدَ الظهيرةِ
في جُبَّتِي ودعائي
أُصِبْتُ بلفحةِ شمسٍ
فأسلمَني الظلُّ للظلِّ
سَيّارَةٌ في طريق الشّمالِ
يجرُّونَ خارطةً
فوق ظهرِ المطيّةِ
في لهفةٍ يسألون عن الدربِ
يبتدِئُونَ الحكايةَ
متهمّينَ الرواةَ
وجُندَ الخليفةِ
والبئْرَ تلك التي غيَّبَتْ
غيمتينِ على حافةِ النومِ ..
مسرى النبي وبارقةً
للمقابلِ..
لم ترجعِ الريحُ
من أرض مشرقنا
والحكاياتُ كُنَّ ابتدَأْنَ
بِعصفورةٍ رفرفتْ
فوق جذعِ سرابٍ
شدتْ أول الهمس يا وطني
والبلادٌ على حَجَرٍ
وعلى غيمةٍ
حملتْ حلمنا في السّديمِ
وخارطةً لولوجِ التجلّي
على رقعةٍ من يبابٍ
دخانٌ تعالى
كوجهِ التخاذلِ أسودَ
بلّلتُ وجهي بنُتفةِ ظلٍّ
تعلّقَ في رجلِ طفلٍ
قضى فوق أرجوحةٍ
من شذاهُ
وطارَ فراشا كثيفًا
على أفقِ غزةَ
ودّعني قالَ:
إنَّ غدًا سالمًا بانتظاري
فأسدلتُ كفيَّ مما أطيقُ
ومن برهةٍ للدعاء
وأردفتُ بالدمعِ : هذا طريقي
إلى ما أردتُ..
أنا واثق بالضحى
والنهارُ بأرض الكنانةِ
مُثَّقِلٌ بالكناياتِ
يدّخرُ الشمسَ في جرةٍ
تحت إبطِ تحتمسَ
تمشي الخيولُ على الريحِ
تنزِعُ قافيةَ الشِّعرِ
توغلُ في خبَبٍ في الغبارِ
ستغتالُني فرسٌ في الهجير
وتنحِلُني مرتينِ
ستتبعُ منزلةً من صدى الصحوِ
توقظُني صرخةٌ في الجوارِ
وصوتٌ لقنبلةٍ في النُّصيراتِ
بعثرَ خبزًا وأمنيةً
وضحايا على مذبح الفجرِ
قال المذيع: هنالك سيّدةٌ
خلف سوق النصيرات
سيرتُها عطرةْ
تعجنُ الخبزَ والنصرَ
ثم توزعهُ فرحًا
بشهادةِ أبنائها العشرةْ
واثقٌ من ضحانا
ومن قمرٍ في انتظاراتنا
غُرباءَ التحفنا بليل القصيدةِ
أحرفَ أسمائِنا
وابتدعنا قواربَ من عنبٍ سكريٍّ
لنُبحرَ في ماءِ دهشتِنا
صامتينَ وأحلامنا سائرةْ
لا سحابَ على بحرِنا
لا صدًى في المياهِ
وأوجاعنا في المرايا
ولا وجهَ يشبهُنا
وجهُ جِلّقَ ينعى الشحوبَ
وينعى هباءً على الزبدانيِّ
تنسَلُّ أفعى تعضُّ
حصان الوليدِ
فتنتفضُ الذاكرةْ
وتعود سلالةُ مروانَ
تُولدُ من طعنةِ الخاصرةْ
واثق بالضحى
من يميني
ومن خنجرٍ
شفَّ خاطرتي
فانتبهتُ إلى رايتي
كنتُ وحدي ووحدي
وهذا الزمانُ تصحّرَ
وانفجرتْ عينُ ماءٍ هنا
تحتَ صخرةِ أوجاعنا
تغسلُ الدمَ والعارَ
تُنجبُنا ثائِرينَ
على دفّةِ النارِ والغار
يا وجعًا طافحًا بانتصاري
ويا وجعًا مالحًا
/2023
إرسال تعليق