-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • الانكسار الرسمي العربي في ديوان الخروج إلى الحمراء / الناقد رائد محمد الحواري

     الانكسار الرسمي العربي في ديوان

    "الخروج إلى الحمراء"

    المتوكل طه

    سقوط الأندلس وتحديد قرطبة تم تناوله من قبل العديد من الشعراء، وما زال مقطع قصيدة سقوط الأندلس حاضرا في ذاكرتنا، خاصة عندما قيل لأبي عبد الله الصغير: "أبك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال" فهذه الحادثة تم إسقاطها على كل الهزائم العربية المعاصرة، وما حدث في فلسطين يعد نموذج لهذا الأمر

    من هنا استحضار التاريخ أدبيا في جمالية استثنائية، لما فيه من عودة للماضي الذي يستهويه العقل العربي، ولما فيه من دافع ومحفزات على التعلم منه وعدم الوقوع بعين أخطاء الماضي، كما أن تقديم التاريخ أدبيا في لغة ممتعة، مقرونة بالمعرفة، يجعلها سهلة التناول، من هنا تكمن أهمية تناول التاريخ أدبيا

    لكن عملية استحضار التاريخ بصورة أدبية معاصرة/حديثة تحتاج إلى أدوات خاصة وقدرات استثنائية، فهي ليست سرد تاريخي فحسب، بل تتطلب استخدام لغة واسلوب وشكل أدبي يقنع المتلقي بأن ما يقدم له يعد من الأدب وليس سردا تاريخيا

    تفاجأت إيجابيا بهذا الديون لما فيه من تعدد في لغة الخطاب، حتى يبدو وكأنه نص روائي حديث، فهناك اكثر من صوت/متكلم وأكثر من لغة، وكما أننا نجد فيه استشراق الشاعر لما سيكون عليه الحال بعد معركة طوفان الأقصى التي تعد أهم معركة خاضها الفلسطيني ضد الاحتلال، وكما أن تزاوج بين لغة التاريخ وبين اللغة المعاصرة كان له الأثر الجميل على المتلقي، حيث يجد معرفة تاريخية، وجمالية أدبية في الوقت ذاته.

    الديوان قدم من خلال مشاهد عديدة، منها ما جاء على لسان الشاعر كما هو الحال في "العاثر" يحدث يتحدث الشاعر عن "أبي عبد الله الصغير"

    كان أبو عبد الله المنكود

    يشرب آخر ما اعتصرته الأقدام

    أميرا كان على مسند الريش

    أتاه القصر مع التكوين

    ولم يصعد جبلا أو

    يقصف أشجار التين

    جاء شهيا مثل الباء الشاة،

    ورخوا مثل الدهن" ص19.

    نلاحظ أن الشاعر يتحدث عن "أبي عبد الله" من خلال السارد الخارجي، من هنا استخدم لغة التحقير من خلال تناوله لما يشربه "اعتصرته الأقدام" فرغم أن الخمر كانت تعصر بالأقدام إلا أن الشاعر أراد بهذه الصورة إعطاء صورة مقزمة "لأبي عبد الله" وبما أن هناك ترف ومركز جاء دون تعب أو جهد، كل هذا يشير إلى الهوان والضعف الذي اتصف به (الصغير)

    بعد هذا الوصف الخارجي لشخصية "الصغير" يبدأ "الصغير" يتحدث عن نفسه وبصوته

    "لم أعط الريح جوادي

    جئت من المجد غلى الذل إلى الموت القادم

    لكنني ما خنت، وناديت، ولم يسمعني

    أحد.. وندمت على ما نادمت.. ومت

    وأنا حي قائم

    ملعون من يرمي السيف

    وملعون من صافح محتلا جائم

    ملعون.. آثم" ص21و22

    وهنا يدخلنا الشاعر إلى التغريبة، فنحن لا نعلم هل حقا ندم "الصغير" وتحدث بهذه اللغة وبعين الصيغة أم أنها من تصرف الشاعر، وهذا ما يستدعي البحث والتقدم من تلك الأحداث التاريخية، وبهذا يكون الشاعر قد حفز المتلقي للتقدم من التاريخ لمعرفة ما جري في الأندلس، لكن بطريقة غير مباشرة

    الشاعر يعاني من احتلال غاشم كما كان عليه حال العرب في الأندلس بعد أن طردوا منها

    وبما أن الشاعر يعاني من احتلال غاشم كما كان عليه حال العرب في الأندلس بعد أن طردوا منها، جاءت خاتمة المقطع "ملعون من يرمي السيف/وملعون من صافح محتلا جائم/ ملعون ..آثم" بمثابة حكمة تصلح لكل زمان ومكان يقع في احتلال، وبهذا يكون الشاعر قد جمع حكمة الماضي بما هو حاصل الآن، ليس في فلسطين فحسب، بل في كل الدول العربية التي تخضع لما يمليه علها السيد الأمريكي

    ثم يأخذنا إلى مشاهد الذل التي أصابت "الصغير" بعد أن سلم غرناطة للإسبان، مزاوجا بين تلك الأحداث وما جرى في فلسطين

    "إن كنت أنت الزغبي الذي سقطت

    على يديه جنات الروض والعدن

    وعدت ثانية كي تستقي دمنا

    لعرشك الخشب المحفوف بالفتن

    فارحل فإنا نرى سلطاننا رجلا

    لم يبك رغم حصار البر والسفن

    لن نرى راية بيضاء فوق دم

    من ساحل البحر حتى أول الوطن" ص32و33

    ما يميز هذا المقطع لغة الخطاب الموجه "للصغير" ففيها محاكمة له ولنهجه ولدوره في ضياع الوطن، وفيها مقارنته مع من يصمد ويواجه الأعداء، فعندما تم الحديث عن نهجه وضعفه تم طرده: "أرحل" لأن الشاعر/نحن نريد قائدا/سلطانا قويا يصبر عند الشدائد ولا يضعف أمام الأعداء

    وإذا ما توقفا عند اللغة السابقة نجدها لغة عالية وقوية، فهي لغة الشاعر، لكن عندما يتحدث عن الناس نجده يستخدم لغتهم، في مقطع "الناس في الأسواق" جاء

    "في سجن القلعة باع أبو عبد الله

    قماش وأسود الماء

    ـ مقابل حريته الشخصية وقع

    ـ ماذا

    ـ أن يتنازل عن غرناطة وأبي عبد الله الأكبر والولد البكر وصدر المرضعة وفسقية دمع الفقراء

    ـ فكيف يكون حرا أبا عبد الله؟

    ـ لم تحمله العائشة، ولم يك من نسل

    ملوك الأندلس

    ـ هو ابن عبيد، وابن إماء

    ـ من باع الشعب وعاصمته الملك وتاريخ

    الأجداد يكون الخائن

    ـ يحق لنا أن نهتف بسقوط الجاسوس

    ـ لقد باع الجامع والحارة والأهل وأحلام البسطاء.." ص36و37

    نلاحظ أن اللغة شعبية/(عادية) خالية من الجمالية الأدبية، فلا صور فيها ولا تشبيه أو إيحاء، حتى أنها جاءت بصوت عالي وصريح: "نهتف بسقوط الجاسوس" كحال العامة عندما تتحدث

    هذا التعدد والتنوع في الأصوات هو ما يجعلنا نقول إن الديوان أقرب إلى الرواية، لما فيه من أنماط صوتية، ولما فيه من تداخل بين الماضي والحاضر.

    يدخلنا الشاعر إلى نفسية المنهزم/المنكسر من خلال حديث أقرب إلى اللقاء الصحفي مع "الصغير"

    "كم كنت أرغب أن تكون منيتي

    في ظل من شهدت على ميلادي

    أنا مثلما ظهرت إليك نهايتي

    وحدي، بلا زوج ولا أولاد

    هل ينفع الندم الممض؟

    وهل انا

    من باع مملكتي وأرض بلادي؟

    لم لم تقولوا: كنت فردا أعزلا

    في السجن، عند تزاحم الأضداد

    ومالك العرب الشقيقة!! أغلقت

    أبوابها دوني، على استعباد

    وزراء قصري من أشار علي أن

    أمضي إلى التوقيع والإبعاد

    كي لا تضيع بقية من أرضنا

    والخير في التسليم دون عناد

    "غدروا بي (القشتال)

    ثم وجدتني،

    والموت كل رغبائبي ومرادي

    قد حانني الوزراء والتجار وال

    كانوا عزوتي ورشادي

    قلت هذه بطانتك التي أمرتها

    وجعلتها الحكام دون سداد

    أنت الذي اخترت النهاية عندما اخترت الطريق وثلة الفساد

    من يجعل الأفعى شريكة نومه

    تنز عليه بسمها الرقاد

    لا يرغبن أحد بذكراك طالما

    بعت الشهيد وشاهد الأجداد

    ها أنت تنعب في المنافي مفردا

    والناس في الأصفاد دو مناد" ص40-43

    اللافت أن الشاعر يجعل "الصغير" يتحدث بحرية عن ألمه، عن انكساره، حتى أنه يندم على ما أقدم عليه بعد أن وقع على تسليم "غرناطة" وهذا يثير عاطفة المتلقي الذي ـ ربما ـ يتعاطف معه وعفا عما بدر منه، لكن الشاعر/الصحفي/الشعب يخاطبه بحقيقته، فهو لم يقترف خطأ/زلة، بل جرما كبيرا ويجب أن يكون العقاب بحجم الجرم، من هنا يتحدث الشاعر نيابة عن الشعب/عن الأمة التي تصر على إيقاع القصاص العادل بهذا الحاكم الخائن.

    هذا على صعيد الماضي وما جرى في "غرناطة والأندلس" لكن يمكننا أخذ مشهد القصاص إلى واقعنا الآن، إلى الحكام العرب الذين باعوا الوطن وثرواته، الذين باعوا الشعب والأمة للأعداء، فاستباحوا الأعراض وقتلوا الأطفال والنساء، وما جرى في العراق وسورية واليمن وليبيا وفلسطين ليس بعيدا عن هذه الجرائم

    من هنا عندما يجد الصغير نفسه أمام قصاص الشعب يعترف بجرمه ولا يعود يطالب بالصفح أو استثارة عاطفة الآخرين ليعفوا عنه

    "رحماك.. صمتا.. لم تعد لي قدرة

    لسماع ما اقترفت يدي بعبادي

    يا ليتني قد مت فوق مطيتي

    كي لا أكون مطية الأوغاد" ص44

    فهذه نهاية كل خائن، وكل من يوالي الفسدة والفجار ويقدمهم على الشعب، ويختم الشاعر هذا المشهد

    " ...وبكى الزغيبي الذليل.. وقال لي

    أنت الذي قد كنت أول زائري

    ستكون حتما، آخر العواد" ص45

    اللافت في خاتمة المقطع الشكل (المسرحي) الذي جاء به، فاستخدام الشاعر لغة الحوار المباشر مع "الصغير" جعل المقطع ويبدو وكأنه حكاية شعبية، وهذا ما يجعل المتلقي ينسجم مع ما يقدمه الشاعر من أحداث وحوار وشخصيات في ديوان "الخروج إلى الحمراء"

    قلنا إن الشاعر يزاوج الماضي مع الحاضر، نجد هذا الأمر في: "هنا البارحة، هناك اليوم"

    وهنا الزهراء والبيرة وقرطبة وإشبيلة

    وفي ملقة 0جنين) المذبحة بعد الألف

    آلاف قتلوا والباقي اغتصب وبيع

    واسروا القائد الذي قال: "ليس ذنبي أنني بقيت حيا!

    ـ والهواتف المحمولة إلى قشتالة

    كنزنا هو الزمن المهدور

    في مغازل الأبرتهايد

    وشرايين سويتو المسفوحة حتى العار" ص53و55

    نلاحظ تداخل الأمكنة: "الزهراء، البيرة، قرطبة، إشبيلة، ملقة، جنين، سويتو" وأيضا ألفاظ حديثة: "الأبرتهايد" فشاعر هنا يجمع ما حصل لعرب في الأندلس مع ما جرى في جنوب أفريقيا وما يجري في فلسطين: "جنين/ البيرة"

    بهذه المشهد استطاع الشاعر أن يوصل فكرة التميز العنصري وملاحقة الوطنيين من قبل الاستعمار الغربي، وبما أن محاكم التفتيش مارسها الغرب في إسبانيا/ إشبيلة، قرطبة، ملقة" والهولنديين مارسوها في جنوب أفريقيا/"سيتو"، والصهاينة في فلسطين/ "جنين، البيرة" والضحايا كانوا من الشرقيين فهذا يشير إلى قسوة الغرب عندما يسيطر، فالشاعر بهذا الحدث يقول لنا نحن في الشرق: كونوا أقوياء حتى لا يقع عليكم الاضطهاد العنصري الغربي

    في مقطع "يا شام" الذي جاء بين صفحات 84-89، يُقدم الشاعر الواقع المعاصر على السرد التاريخي، حتى إنه يزيل "الصغير" ويبعده عن المشهد تماما، ويتحدث الفلسطيني "المتوكل طه" عن رؤيته للشام

    "آتى إلى الشام محمولا على نسبي

    تحف بي شهب تعلو على شهب

    أجيئها وفوداي راعف حمما

    وفوق خاصرتي برق وجرح نبي

    وقلب أم صلبوه حين جيء به

    ممزعا بشظايا النهب واللهب"

    إذا ما توقفنا عند هذا المقطع سنجد تماهي الشاعر مع الشام، وذلك من خلال استخدامه ألفاظ قليلة الحروف: "آتي، تحف" كناية عن سهولة الدخول ورحابته، بمعنى انه يدخل بيته وليس بيتا غريبا، كما أن تكرار "شهب" جاء كناية عن هذا التوحد، وعندما استخدم "حمما" الذي يتكون من حرف الحاء وما فيه من سخونة، والميم المكرر الذي يؤكد الحميمية بينه وبين الشام

    الشاعر آتى الشام مستنجدا بها، لهذا يتحدث عن معاناة السيد المسيح وما جرى له وللأمه في القدس، حاثا إياها على التقدم لنجدته وتخليصه مما يعانيه من بطش، من هنا كان لا بد من مخاطبتها بطريقة تتناسب وطبيعة الفعل الذي ستقدم عليه، مواجهة العدو وتخليص الفلسطيني/المسيح مما هو فيه، من هنا نجده يستخدم هذا الشكل من الخطاب

    "يا غوطة القدس هذي ميسلون دمي

    تعلو .. فتعلو على الأشباه والريب

    آتي إلى الشام من أفياء قبتها

    ومن عروبتها الأولى.. إلى العرب

    أتي وفي ناظري القسام يهتف بي

    قلبي بحيفا ونبضي كان في حلب"

    بداية نلاحظ لغة النداء والتعظيم لدمشق "يا غوطة/من عروبتها" ثم يقوم بنسبها للقدس، وهو بهذا يزيل الحدود التي وضعها الاستعمار، ويؤكد الوحدة الجغرافية بين القدس ودمشق، وهذا ما سنجده في خاتمة القصيدة

    إذن هناك وحدة جامعة بينهما "القدس والشام" لكنها ليست وحدة مكان مجرد، بل وحدة اجتماعية، من هنا تم تناول القسام السوري الذي قضى شهيدا في جنين/فلسطين

    اللافت في هذا المقطع أن الشاعر يستخدم التغريبة بحيث جعل علاقة القسام بحلب وليس باللاذقية/جبلة، وكأنه بهذا يريد أن يوسع الوحدة ويوثقها لتصل إلى بلاد الشام كلها من خلال حلب

    بعدها ينتقل الشاعر ليتحدث عن ألمه كفلسطيني وكعربي

    "هذي الحدود التي خطت على جسدي

    قد مزقته على الأوضام بالحرب

    نهري لغيري، وهذي الأرض ممرعة

    للناهبين، وطيري مات بالسغب"

    نلاحظ أن الشاعر يركز على فلسطينيته من خلال ياء المتكلم: "جسدي، نهري، لغيري، طيري" وهذا ما يجعلنا نقول إن الشاعر يتحدث عن كونه فلسطينيا، وما وجود ألفاظ قاسية: "خطت، مزقته، الأوضام، بالحرب، ممرعة، للناهبين، مات، بالسغب" إلا من باب الإشارة لمعاناة الفلسطيني

    بعد أن بين الشاعر حاله وما يمر به من قهر وبؤس، يعود ليخاطب "الشام" بما هي أهله له، وما يريده منها

    "فإن رزئت فلي للثأر من بردى

    نبع يضفضف بالبركان والغضب

    للقدس سبعة أبواب وثامنها

    باب الشام العصي الغالب الذهبي"

    نلاحظ أن الشاعر يذكر الشام بخيراتها الكثيرة والعديدة من "بردى/نبع، يضفضف" وعندما كرر حرفي الضاد والفاء في "يضفضف" أكد كثرة الخير واستمراريته، فكثرة الضفاف يشير إلى الخضرة والخصب

    بعد ذكر الخير/العظمة/القوة التي تتمتع بها "الشام" يؤكد وحدة الوجع بين القدس والشام التي جاءت في فاتحة المقطع

    اللافت في طريقة طلب المساعدة أن هناك حقيقة متعلقة بالقدس فلها سبعة أبواب مفتوحة، وأربعة مغلقة، وعندما تحدث الشاعر عن الباب الثامن المفتوح إشارة بطريقة ذكية وغير مباشرة إلى ما يريده من "الشام" فهي من سيزيد عدد الأبواب المفتوحة وليس غيرها

    يختم الشاعر المقطع

    "أومي برأسي على صدر الشأم

    إذا أحسست باليتم، أو دمعي على هدبي

    القدس أمي ويافا جدتي، وأخي

    في قاسيون، وبر الشام روح أبي"

    بهذه الخاتمة أكد ووثق الشاعر الوحدة الجامعة بين القدس والشام كمكان وكجغرافيا: "الشام (مكرر)، القدس، يافا، قاسيون" والوحدة الاجتماعية/القومية وبين أهل فلسطيني، جنوبي سورية، وبين بقية أهلهم في سورية الكبرى الموحدة

    الشاعر المتألق هو الذي يسبق عصره، أو يكتب فصائد تصلح لكل الأزمنة، اللافت في ديوان "الخروج إلى الحمراء" حديث الشاعر عن الثورة، عن المقاومة، عن الأنظمة الرسمية العربية وتخاذلها، عن معركة طوفان الأقصى التي يسميها "طوفان"

    في مقطع "ارتباك الرماد" وهو من أطول المقاطع في الديوان، يقدم ما يجري الآن في غزة، رغم أن الديوان صادر عام 2002، أي أن الشاعر تنبأ/رأى أن هناك طوفان قادم سيحرق المتخاذلين من الحكام العرب قبل أن يحرق الصهاينة

    " كانوا في الموت سواسية،

    كانوا زيت المحرقة الضارية

    ولحمة داخو في البلدان

    هنا يقف الإصبع متهما كرسي الشيخ

    لماذا كان الدفلى ماء للطوقان؟

    وأين مسدسك النبوي؟

    وأين الأبواق الفرسان؟

    ـ خمس رصاصات في الصدغ الموسيقي،

    وما كان المختبئ سوى صيد سهل،

    مثل الدف وموز أريحا، رخوا عسليا ـ

    كانوا تجارا في زي البوليس

    ـ أعني القادة ـ

    تركوا بئر الماء، وقمح الخابية، وسرج الرهوان،

    تركوا الإنسان

    وانشغلوا برضى قشتالة،

    وأثاروا في وجه القتلى،

    أسئلة الإبرة والشيطان

    .. وما زال الإصبع ينهض بالأسئلة،

    من المسؤول؟

    وما زال الطوفان هنا..

    أعني الطوفان

    أعني الطوفان.." ص114و115

    نلاحظ أن هنا تحقيرا للرسمي العربي: "كانوا تجارا في زي البوليس/ وانشغلوا برضى قشتالة" وتنبأ بمعركة طوفان الأقصى، وما تكرارها ثلاث مرات إلا من باب تأكيد حدوثها وقدسيتها وأهميتها واستمراريتها، وبما أن هذا المقطع جاء قبل الأخير في الديوان، حيث لا نجد بعده إلا خلاصة ما جاء في الديوان من خلال صفحتين، وهذا يأخذنا إلى أن الشاعر كان يمتلك رؤية مستقبلة لما سيكون عليه الحال في المستقبل

    الديوان من منشورات دار الزهراء للنشر والتوزيع (بيت الشعر) رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2002.

     

     

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016