-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • يحيى جبر مشروع أمة / القاص خليل عودة

    الأنبياء وحدهم تتطابق حياتهم مع مشروعهم الرباني والذي سيصبح على الأرض مشروع أمة خرج من قلقيلية متعاقدا مع البعثة السعودية في القدس عام 60 من القرن الماضي بعد الثانوية العامة فتى في مقتبل العمر تخرجه المسؤولية و أعباء الأخوة والأهل واللجوء ليُلقى في جنوب الجزيرة العربية في بلاد المع حيث لا وسيلة نقل إلا ما كانت عليه الجزيرة العربية منذ الآف الأعوام الجمال والحمير هناك حيث انقطعت المنطقة عن الزمن حتى انك ستعتقد ان عنترة العبسي سينتهرك ويناديك من الفتى،،،؟ 

    تلك الأماكن المغلقة في غربة زمانها ستملي عليك أن تعيش صراعا لا يحتمله أحد إلا من فرضت عليه الغربة ، وستجد من يفر عائدا حيث غربة الزمان الأشد قسوة من غربة المكان ، عاش هذا الانحسار الزمني يحيى يخلف ليكتب لنا (نجران تحت الصفر ،) ثم جمال ناجي بعد أمة من زمن ليكتب لنا (الطريق الى بلحارث) ثم خليل عودة (كاتب هذا المقال) في نفس زمن جمال ناجي تقريبا ليكتب (شهود القبر ) آخرون كثر دونوا معاناة الرحيل عبر الزمن حيث الرحيل إلى الوراء ،لا نراه إلا في الخيال العلمي وآلة الزمن التي تأخذك آلاف السنين إلى الخلف قليل من صمد وتأقلم مع هذه الأجواء لكن استاذنا الدكتور يحيى لم يكن كذلك على صغر سنه ،فقد رآها رحلة استكشاف ، والمكتشف يعيش شغف اللحظة ولا يبالي بالصعوبات فهي جزء من شغف اللحظة ونماؤها وللإنصاف أضيف أمرا آخر لمن فر عائدا إلى بلاد الشام 

    يقدم لنا رؤية فريدة في وعي اللغة وفهمها حيث يرى وعيا خاصا بالحرف ومعنى له


     أن شخصية يحيى جبر هي التي أعانته على ذلك ،ذلك أنه بسيط كمزارع ومكتشف كعالم وباحث كخبير ومسؤول كقائد تلك السمات جعلته يتمسك بتلك الغربة المرهقة للأعصاب قبل الأجساد ، ليمتطي فراغ الزمن المتمكن في الزمان والمكان ويكمل دراسته الاكاديمية ، فيلتحق بجامعة بيروت العربية بالمراسلة وينهي البكالوريس باللغة العربية وآدابها ويكمل الماجستير في جامعة القاهرة حيث لا وقت لديه ليضيعه كان ينتظر أمين مكتبة الجامعة صباحا عند بابها ولا يخرج منها حتى ينتهي الدوام ، سيكتشف اللغة العربية من جديد ، ليقدم لنا رؤية فريدة في وعي اللغة وفهمها حيث يرى وعيا خاصا بالحرف ومعنى له ،نظرية أخرى مغايرة لمفهوم اللسانيات الغربية ،

     إذن نحن أمام عقل مستكشف يجدد بنية الفهم للأشياء ويعيد تنسيقها ونظمها من جديد وينهي الماجستير ويتعاقد مع البعثة الليبية ويختار أيضا الصحراء كان بإمكانه أن يتدلل بمجستيره ويدرُس في أفضل مدرسة في بني غازي أو طرابلس ،لكنه يختار مضربا بدويا نائيا مئات الكيلو مترات هناك يقيم علاقة حميمة مع الناس ولغة البربر بنفس عقل وذهنية المستكشف ، في هذه الأجواء الصحراوية والنائية في كل من بلاد المع في جنوب الجزيرة العربية والصحراء الكبرى في ليبيا يكتشف ثراء الصحراء وعقلها وعبقريتها وهو لا يختلف كثيرا عن إبراهيم الكوني في مشاهدة هذا الكون الصحراوي الممتلئ بالدهشة والبراءة والتوحش الفطري اقولها عن تجربة اذا عشقت الصحراء فلن تبرأ منها ابدا ، أستاذنا وشيخنا الدكتور يحيى ،فهم الصحراء على نحو ما كان يفهم اللغة ،حبة الرمل لها حضور ومعنى كما أن الكثيب له تموضعه الخاص ، والصحراء لا تحب الماء وتزهد بالحياة ،وهي قاتلة محترفة ،رملها حرها ،صيفها ،ثعابينها ،حيواناتها ، انسانها ،كلهم يخافون الصحراء ،وهم موقوفون لزمنها وفقرها ،لهذا لا يجدون مفرا من التأدب بين يدي الصحراء ،لا أحد يلعب مع الصحراء ، البدوي بنى وجوده وحضوره وعالمه من رؤيته للصحراء ،لكنه لا يستطيع العبث مع الصحراء اظنه فهم هذه المعادلة تماما ولو لم يبحث بها ،

     كنا نتبادل أطراف الحديث على المسنجر (ولم التقيه ابدا) اسأله عن بعض شواغلي في علاقة اللغة العربية الثرية حد الفحش بالمكان الفقير حد التوحش ،فيشير علي بالمرجع الفلاني والباحث العلاني ويقول لي تواضعا نحن( هو وانا) مشروعنا واحد اسأله عن المربع الثمين مشروع الأمة،(الرمل ، الإنسان ،اللغة ، الإسلام) ليأخذنا لنكون أمة هل رأيت العبقرية في البساطة ،،،؟ كان هو يجسدها حضورا بشريا مدهشا وكأنه رسول يمسك بيد ضعاف الناس ويرشدهم هذه العبقرية المتسلحة بالتراب والأرض والشجرة (ظل لما قبل مرضه يزرع ويلتقط الثمار ويصعد على أشجار أرضه ومزرعته) هذه العبقرية التي تعيد لنا الأرض والوطن وفلسطين ،بل تعيد لنا حضورنا كمشروع ينتمي إلى لغتنا وعروبتنا واسلامنا أقولها صادقا ومحبا وأقولها باحثا موضوعيا لا اجد أحدا مشروع حياته يصلح أن يكون مشروع الأمة الا هو رحمه الله تعالى بثرائك اثريتنا وقدمتنا وآثرتنا اللهم مع الأنبياء والصديقين والشهداء

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016