-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • النقّال/ القاص خليل عودة

    أدركتْ أنها ستكون الليلة الأخيرة، احتضنتها، تأملت عمرها في تجاعيد وجهها، مسحت خصلة خارجة من أطراف شعرها، تكورت بحضنها وذابت به جنينا، عادت إلى رحمها، كانت جاهزة تماما، صبْحا وقبل أن تهاتف أحدا، فتحت النافذة لتراها جيدا صبّحت عليها، قبلت رأسها، وقالت : لن نفطر اليوم معا، ستغادرين،، أليس كذلك،،!، قلت لك مذ التصقنا توأمين، لن أملّ مشاهدة مرايا الكون بك، وقلت لك لن أغادرك، وقلت لك سنعتكف معا لعمرنا القادم وقلت لك يكفيني من هذا الوجود أنت، وقلت لك استيقظ لأراك، وقلت لك شمعدان عمري لك، وقلت لك نضجت لأراك، كبرت لمحياك، اكتفيت بك، عظامك كانت عظامي، آويت قلبي عندك، التصق بك عله ينبض لك، شهدنا الرؤى عينها وكنا نستيقظ لنروي الحلم عينه، كيف رأيت تفاصيله,, ؟: شمس تتحدر إلى التلال، تحرث مع الفلاحين وتفلح معهم، تنضج ثمارهم وتقول لهم العوافي، يستيقظون على عينها يقولون العوافي للرائح والغاد هو عين الحلملما دنا البحر وكاد يُغرق عين الشمس، كنت أصرخ، بكيت، استفقنا معا كنا نبك قلتِ شمس غرقت في الحلم، قلتُ حلمي غرق في الشمس، ضحكنا معا ومسحنا بقايا دمعنا ونهضنا لنفطر معا، نسيت أينا كان المريض، بحق نسيت، لولا شيباتك النافذة من وراء منديلك لنسيت أنك أمي، عندما كنت اشتاق إليك وأنا أعد الإفطار أكتب لك رسالة أرسلها لهاتفك ؛ماذا تفعل جميلتي الأن،،،؟ هل اعترض مسرب أفكارك الباحثة عن هوادج الرحيل إلى أبنائك الراحلين أبدا إلى الغربة تطحنهم هناك، هم لا يدركون، يصبحون ويمسون على حركة ومطارات وسيارات وهواتف نقالة، سآتهم لك في التو واللحظة،،الان، هو ذا 

    صباح الخير يا أمي، صباح الورد، انا الآن انجز جواز سفري للعبور إلى أرض أخرى

    : صباح الخير يا أمي، صباح الورد، انا الآن انجز جواز سفري للعبور إلى أرض أخرى، في المساء يا أمي دائما في المساء، سنجلس، ونضحك أراك بجهازي الذكي سأراك وترينني، سنضحك ونروي الحكايات، أيام طفولتي والمدرسة، ولكن يحزنني أني لن أتمكن من تقبيل يديك، هذا الجهاز ليس بهذا الذكاء الذي يرون، سآتيك لحظة انتهاء ما بين يدي، يد على الهاتف، أخرى تحمل الحقائب، أمي أقول لك الحق تورطنا في الحياة ولا أمل أن نشفى من استحواذها، لا بأس أريني يديك، أريني وجنتيك دعيني أقبلهما، ستفعل هذا فاطمة عني حتى أعود إلى حماك، أمي أنت حماي الوحيد هذا العالم لم يعد وطنا، أخرجي دائما لنراك شتاءً، ربيعا لنا، صيفا دافئا ولا نريدك خريفا،، سأغادكم، ومع المساء لقاؤنا، هل أعد الافطار اليومي يا أمي،،،،؟! لقد جاءوا , الهواتف اللعينة الذكية خابرتهم، جاءوا ليأخذوك هناك، سأرفق معك هاتفك نظل على اتصال، سأقول لك العوافي، وأقوم وأعد الإفطار لي ولك، لا تخافي لن تكوني وحيدة هناك ولن أكون وحيدة هاك هاتفك، سأدسه من حيث لا يراه أحد، ما بين لحمك والكفن سنروي الحكايات الجميلة ولن نخرج من البيت مرة أخرى لا ليل بعد، هناك متسع لفائض من أحاديث وأحلام نراها معا

    1. عن الأم والأرض والهجرة ...كلها في منديل الحنين إلى السفر إلى ما بعد هذه اللحظات وما بعد هذه الحياة...أبدعت أستاذ خليل فشكرا / صديقك مفتاح دليوح

      ردحذف

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016