-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • recent .
  • جاري التحميل ...
  • recent .
  • إشهار كتاب رنين القيد للأسير الحرّ عنان الشلبي في مركز إربد الثقافي

    نظم فرع رابطة الكتاب الأردنيين بإربد، مساء أمس الأول، في مركز إربد الثقافي، حفل إشهار كتاب " رنين القيد" للأسير الحرّ عنان الشلبي، وشارك في حفل الإشهار: الروائية صفاء أبو خضره، الكاتب صالح حمدوني، والمحامي حسن عبادي.

    في ورقتها المعنونة ب " تنهيدة مغايرة للأمل"، قالت الروائية أبو خضره: في رنين القيد نجدُ عدة وجوه للوجع، نجدُ مفرداتٍ لها مفاهيم أخرى غير التي نعرف، ومن ذلك أمثلة كثيرة منها: ابتداءً من العنوان: فالرنين في اللغة يحملُ معانٍ عدّة، فأّيّها قصدَ عنان الشلبي في كتابه الذي بينَ أيدينا اليوم؟ ربما جميعها تصبّ في المجرى ذاته.

    وأكدت أن الرنين في المعجم اللغوي هو الصياح عند البكاء والصوت الحزين وصوت الحمامة في سجعها وصوت المرأة في النواح والصياح وفيزيائياً هو عبارة عن ظاهرة تتلخص في استجابة جسم ذي تردد طبيعي معين لموجة صوتية ترددها يساوي تردد الجسم وطبيعياً هو تجويف أو حجرة داخلية بأبعاد مختارة تسمح بالتذبذب الداخلي الرنيني للأمواج الكهرومغناطيسية ذات الترددات المحددة.

    وبيّنت أن من بين كلّ تلك المفردات والمعاني تفتق الألم، لكأنني أسمعُ احتكاك السلاسل في قدميك ويديك تتحول فجأة إلى عنقي تخنقني، تخرجُ بها صارِخاً في وجه الكون أنا هُنا. لا تنسوني كما نسيتني أمي بعد عدة جلطات دماغية... كم أوجعتَ قلوبنا عندما قلت: نسيتني أمي ولم يعد لي في هذا الكون ملاذاً ألجأُ اليه في حالات وهني وضعفي... فماذا تبقى لي في هذا العالم الظالم...؟

    وأشارت إلى الزمن يصبح فجأة عدواً لدوداً لعنان، الزمن الذي يسرق منه أجمل اللحظات وأجمل اللقاءات والمناسبات، وتمثل ذلك بقوله: "لماذا لم أختصر كل ذلك وأرسل رسالة أهنئها عبرها بالعرس الذي أجهل موعده؟ أو ربما بالمولود الجديد؟"

    وفي جملة أخرى تجلّت الصورة أكثر صورة تكسّر الزمن على عتبات العبث "كان قد مرّ أكثر من شهرين على إتمام عقد القران وإقامة العرس عندما وصلت رسالة تهنئتي بخطوبة شقيقتي ما يزيد هذا المشهد الهزلي وجعاً هو أن رداً لرسالة واحدة لم يصلني، لم يرد أحد على رسائلي...؟"

    وقالت في رنين القيد ترتعشُ اللغة رغبةً في الانعتاق من الألم، تتجلى الذكريات معلنةً ثورتها رغم سادية المحتل ورغم القضبان الحديدية والتنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي للأسير، في رنين القيد ثمة دمعة هاربة من نصيب كل من يقرأ سطور الكتاب.

    تحية إكبار وإجلال لأسرانا جميعاً. وتحية كبيرة مني للمبدع الحر دائماً عنان زاهي الشلبي الذي أتقنَ رسم الوجع وأبدع في خلق ملامح جديدة للغة، شكراً لعنان الذي خبأته أمه في ذاكرتها الغائبة وليته يسمع صوتي أخيراً بقولي: الأمهات لا ينسين. إنهنّ يقفن على بوابة الانتظار ويتنهدنَ طويلاً.

    ومن جهته قال الكاتب حمدوني: عادة ما أكتب قراءات ونقدا لما أقرأ ... لكني فشلت تماما في الكتابة عن رنين القيد للأسير الحرّ عنان الشلبي.

    قرأت ما يقرب من ثلاثين كتاب من كتابات الأسرى تصلني تباعا من الصديق الحيفاوي حسن عبادي. وكتبتُ عن عددٍ منها، وأُنجز حاليا كتابا عن أدب الأسرى ... لكني كلما حاولت أن أكتب عن عنان أبكي.

    وأكد أن عنان لا يكتب عن تفاصيل الأسر، وإن كان يمرّ عليها ويُذكّر ببعضها: عذاب التنقل ببوسطة السجن، التعذيب الجسدي والنفسي أثناء التحقيق، الحرمان من الزيارة لأشهر وسنوات، إضراب الأسرى، المنع من حقوق عادية وطبيعية، العزل الانفرادي لأتفه الأسباب، الخ.

    مبينا أن عنان يكتب في رنين القيد عن تجربة مُغايرة. ينتقل من العالم الذي هو فيه وأقصد الأسر، إلى العالم الذي انسلخ عنه: أهله وعائلته وأمه ووالده وأخواته وأصدقائه ومخيم عسكر. يكتب عن مشاعر الأسير ورغباته وأحلامه وذكرياته خارج أسوار السجن.

    وقال المحامي عبادي: تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، يحلّق من خلالها ليعانق شمس الحريّة المشتهاة، حريّة مؤقّتة عابرة تمدّه بالأمل والعزيمة. لكلّ أسير قصّة وحكاية، ونحن في بلد المليون أسير، حكايانا وقصصنا كثيرة وعجيبة، ومنها ما تقشعرّ له الأبدان.

    ولفت إلى أدب السجون الفلسطيني تناول في بداياته معاناة الأسرى والمعتقلين، وسائل التعذيب وبطولاتهم، محاولين أسطرة قضيّتهم التي هي قضيّتنا، ولكن مع مرور السنين بدأوا بكتابة من نوع آخر؛ بدأوا يحلّقون ويتناولون كافة المواضيع، مثلهم مثل غيرهم من الكتّاب، نثرًا وشعرًا، روايات وخواطر وأبحاث، توثيق وخيال وفانتازيا، ووصفته في حينه بأدب الحريّة، أو أدب السجون الحداثي، إن صحّ التعبير.

     وبيّن أن الأسير يبقى إنسانًا ذا مشاعر، بعيدًا عن البطولة والأسطرة، يحسّ ويتألم ويتجرّع كأس الحرمان ومرارته يوميًا، يحاول كبت تلك المشاعر الدفينة ساعة لقاء الأحبّة، يحبس الدمعة بين مقلتيه ليبدو بأحسن حلّة وحالة، يستجمع كلّ قواه وجبروته ليعبر درب آلامه تلك الخمسة وأربعون دقيقة، يستعجل الوقت ليهرب إلى خلوته وعزلته ويتحرّق ألمًا ووجعًا رغم محاولات السجان كبت تلك الأحاسيس وكيّها وصهرها محاولًا نزع إنسانيّة الأسير وتجريده من تلك الأحاسيس.

    وأكد أن الكتابة خلف القضبان متنفّس لأسرانا، وهي ليست من باب الترف، واختراق كلمتهم للزنازين وأسوار السجون حريّة لهم؛ وكما تعلمون، هناك صعوبات جمّة في إيصال تلك الكلمة لتحلّق حرّة طليقة في سماء الحريّة.

    وناشد المحامي عبادي كلّ القيّمين على الكلمة الإبداعيّة بواجب تبنّي كتابات الحركة الأسيرة، وبالأخصّ وليدة خلف القضبان والزنازين، وليس مِنّة، فعلًا وليس قولًا، فعلًا وليس ضريبة كلاميّة موسميّة.

     ونيابة عن الأسير الحر ألقى ابن عمه أمين الشلبي كلمة الأسير التي بين فيها معاناة الأسرى، مشددا على قوة صبرهم ورباطهم التي تؤطر حياتهم في الزنازين، من خلال تلك الوقفة الكبيرة للأحرار الذين يشدون من أزرهم.

     


     

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016