-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • امنح جنونك فرصة أخرى / قصيدة جديدة للشاعر د. محمد مقدادي

     سأعودُ وحدي 

    ظامئاً للماءْ

    لكأنَّ ماءَ الأرضِ يشربُني  

    .ويُبقيني أجوبُ شوارعاً مَأهولَةً 

    بِخطى الذين يُمزِّقون ثيابَهم

    ويُلَوِّحُونَ لِمَن يُسَوِّلُ للمدينة كي تفُكَّ إزارَها

    .وتجيبَ شهوةَ من ينامُ على الرّصيفْ

    .غرباءُ...هُمْ 

                     .وأنا المُضيفْ

    ،ما بين معركتينِ

    أجمعُ ضفَّةً أخرى ، لضفَّتِيَ اليتيمةِ

    كي أُشكِّلَ في فراغِ الصّدرِ نهراً جامحاً

    ،متدثِّراً بالرّملِ.. والوجعِ الشَّفيفِ

    :ولا أقولُ، كمن يقولْ

    الدَّهرُ خانَ رسالتي

    فأنا الذي في قلبهِ يصحو اليمامُ على النَّدى

    ،وأنا الذي،من فرطِ ما انتثر الترابُ على أصابعِهِ النحيلةِ

    !باتَ يقتسمُ الرَّغيفَ مع الرَّغيفْ

    !غرباءُ هُم... وأنا المُضيفْ

    وأنا الغريبُ- كما أراني –

    ،لا النّهرُ نهري

    ،لا الينابيعُ التي تجري على قَدمَيَّ لي

    ،لا الأرضُ.. لا الأحلامُ..لا قمحُ البيادرِ

    ،لا النِّساءُ الوارفاتُ 

    ولا النّوافذُ، حيثُ يسرقُها الظّلامْ

    ،غرباءُ هُم

    ،وأنا الحقيقةُ في الحقيقةِ

    .والحقيقةُ في اللَّجامْ

    ،مُذْ كنتُ

    ،كانَ الأوّلُونَ

    !وكانَ يُبتَكَرُ الكلامْ

    **

    ،أحتاجُ، من وطني المُهَيأ للجفافِ 

    ،مساحةً للحلمِ كي أبني له وطناً 

    ،وأفتحُ بابَهُ العالي

    ،لِيُزهِرَ فيه لوزُ القابضينَ على جمارِ صفائهِم

    ،وأكونُ أوّلَ من يَهُزُّ النخلَ كي يُرخي جدائلَهُ

    .ويَشرَقَ بالغناءْ

    ،أحتاجُ ، لأَرقصَ حين تخذُلُني الحياةُ

    .وحين ترفعُني السَّماءْ

    ،أحتاجُ

    ،من غيمٍ يمُرُّ على امتدادِ الأرضِ

    ،أن يروي العِطاشَ

    :وأن يقولَ لِواحتي

    :أنّي أعودُ، بِرفقَني

    .موجُ السَّنابلِ، والأيائلِ، والمروجْ

    ،أحتاجُ من شمسِ البلادِ، شموعَ صُفرتِها

    لِتخضَرَّ الحقولُ، وتحتفي بقصائدي

                   ،وعلى تُخومِ موائدي

    ،أسماءُ مَن رحلوا

    ،وما تخثَّرَ في العُروقِ من المواجِعِ

    أو تبعثرَ في البُروقِ... مِنَ البروقْ

    ***

    قالَتْ: أُحِبُّكَ

    قلتُ: كيفَ؟ 

    !وقد بلَغتُ مبالِغَ الحكماءِ من زمنٍ بعيدْ

    :قالَتْ

    ،امنح جنونكَ فرصةً أُخرى

    !وهيّيء موسماً للذّاهبينَ من المماتِ...، إلى المماتْ

    ،قلتُ: اقترَحتُ على القصيدةِ أن تَرُدَّ كِنانتي  

                          ،فالموجُ صارَ غِوايتي

    ،والبحرُ 

    !قد يحنو عَليَّ كما أُريدْ

    :قالتْ 

    ،هِيَ لم تَنَلْ منكَ الرّمالُ

    ،ولم تُطاوِلْكَ الجبالُ

    !ولم تُساوِمْ حين راودَكَ اللُّصوصْ

    قلتُ:  " اكتفيتُ من الغنيمةِ بالنَّجاةْ "

    ،ولم يَعُدْ منّي سوايَ على امتدادِ الوهمِ

    أبذُرُ حنطتي...وأقولُ: مَرحى..للحياةْ

    قد صار يُعجبُني اللّصوصُ الواضحوونْ

    والإمَّعاتُ ...العارفونْ

    ،الذّاكرونَ وَلِيَّهُم، قبل الإلهِ

    الحامِدونَ صنيعَهُ... والشّاكرونْ

    ،ألِأنّني أَمضَيتُ عُمراً كاملاً

    ،مُتَنقِّلاً بين الخرافةِ ... والخرافةِ

    وصنعتُ من ريشِ الخرافَةِ موطناً

    بكيتُ عليهِ حين بَكَى

    ،وشَكَوتُ

    ،حينَ اصفَرَّ موسمُهُ البَهِيُّ

    وما اشتَكَى

    ،وحمَلتُهُ في الخافِقَينِ

    مُسَيَّداً... ومُمَلَّكا

    حتى إذا انفَضَّتْ جموعُ العازفينْ

    وارتَدَّ طرفُ الحالمينْ

    وأفاقَ رهطُ النائمينْ

    ،أدركتُ، كم كنّا نمُدُّ إلى السَّرابِ أَكُفَّنا

    ونقيمُ في ظمأ السِّنينْ

    قد صارَ يُعجبُني اللصوصُ إذا أَتَوا مُتَطوئسينْ

    محمّلينَ بكلِّ ما امتلك العرينْ

    ،ألِأنّني أَمضيتُ عمراً كاملاً

    بين الأكاذيبِ التي فتكت بخيلِ الصادقينْ؟

    وأنشَبَتْ إظفارَها برغيفِ خبزِ الجائعينْ

    ،وراوحت بين الرداءةِ...والرّداءةِ

    !فاستَقَرَّ بها اليقينْ

    ***

    قالت: أُحِبُّكَ

    ..، كم أحبُّكَ 

    !!يا نبيّ المُتعَبينْ

    **

    :خذ ما تيسَّرَ من رمادِكَ ... وانتبِهْ

    فالأرضُ أرضُكَ

     والسّماءُ سماءُ من فتحَ البلادَ على المدى

    من غيرِ أن يحظى بغيرِ العشبِ والذِّكرى

    خُذْ هذه المرآة، وحدَكْ

    لا تنتظِر سيلاً من الضّوءِ الذي لم يُوفِ وعدَكْ

    فَلَكَمْ شَرِبتَ من الدّموعِ

    وكَمْ حَنَيتَ على الضّلوعِ

    وما مَنَحْتَ الإثمَ زِندَكْ

    وبقيتَ في الغيمِ البعيدِ تقيمُ مَجدَكْ

    فاشعِلْ جُنونَكَ بالجُنونِ

    !! لعلَّ في حقلِ الجُنونِ، 

    تُعيدُ رُشدَكْ 

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016