عاد بنا منتدى عرار الثقافي إلى الذاكرة، إلى
حدود التأمّل، إلى منشئ " أنت منذ اليوم"، إلى حقله الشاسع الذي كشف عن
بصيرة غير اعتيادية، إلى أحزان تيسير السبول الصحراوية، إلى غايته وعنفوانه، عاد بنا مستلهمًا عمق ما آلت إليه تجربة سبول
الإبداعية رغم زمنها المحدود، الزمن المثقل بالتحولات الصاخبة لأمته وبيئته وجيله.
كان ذلك محمولًا، مساء أمس، على جناح القراءة النقدية والقراءة النصيّة التي قدمها الناقدان: د. عبد الرحيم مراشدة ود. يوسف ربابعة، في قاعة الندوات
والمؤتمرات التابعة لمركز إربد الثقافي، وسط حضور جمهور نخبوي، منهم من عايش سبول
وكان شاهدًا على مسيرته، ومنهم من قرأ وتأمل في أعماله الإبداعية.
القاصة روند كفارنة قدمت جملتها الوافية وهي
تعرض لمفردات الندوة، إلى جانب عرضها السريع الموجز الدّال على سيرة الناقدين
وأعمالهما.
لم يكن تتبع رحلة سبول الإبداعية في متناول
الجهد النقدي قاصرًا على تعبئة الفراغ الذي أنشأه الإعلام، بل تعداه إلى دائرة
الكشف عن جملة من الثيمات القارّة في التجربة، ولم يكن هذا التتبع الذي قدمه الناقدان محصورًا
على رسم صورة، أو ملامح صورة، بقدر ما سعى إلى تفكيك التجربة ببعديها الإبداعي
والإنساني، الإبداعي الذي ولد من رحم التجديد ومفارقة السائد، والإنساني الذي
استند إلى فكرة بناء المنظومة الدالّة على الوعي بمرتكزات الأمة.
الناقدان لم يستندا في محاورتهما على الصورة
النمطية المعتادة والمنسوخة في مثل هذه الندوات الاحتفالية، حيث ذهب الناقد مراشدة
إلى محاورة النص الروائي محاورة المُولِّد الساعي إلى مراقبة التحول البنائي
والدلالي، وتقنيات العمل الروائي في رواية " أنت منذ اليوم"، فيما حضر
النص الإبداعي إلى مفازات ديوان " أحزان صحراوية"، حضورًا نصيّا تعالق
مع الكيفية التي كان عليها، حضورًا أضاف الكثير من مسوّغات الالتفات إلى خصوصية
سبول، من خلال اللوحات التي أثثها ربابعة " الذكرى، الحضور، الأمل، والعنفوان"
وعلوّ كعبه ودرايته بكل ما يحيط به، حضورًا جسّد الصورة الشمولية لإيقاعات سبول
الإبداعية والإنسانية التي انطبعت في ذاكرة المتلقّي وهو يرى الحركات الخفيّة
الكامنة في شخصية سبول التي عاين مشروعيتها د. ربابعة.
رئيس منتدى عرار الثقافي المحامي محمد عزمي
خريف، في كلمة له، وقف على الكثير من المحطات التي سعى في براريها سبول.
في نهاية الأمسية قدّم رئيس المنتدى وأمين سره
محمد الأصغر محاسنة الشهادات التقديرية للمشاركين.
إرسال تعليق