الآن أَنت وحدكْ
هذا الـمدى الـممتد من عينيك حتى آخر الدنيا صغيرٌ
لا يرمم ما تشوَّه في مزامير انتظاركَ ..
لاحتفالٍ كنت تـحلم فيه دوماً
ثم عاشت ملءَ دفترك الصغير مراسم الحفل الكبيرِ
وخانك القرطاسُ
لم تتحول الكلمات أُغنيةً لتنشدها أَمام الأَرض مبتهجاً
بفرحةِ نبتةٍ بريةٍ لجأَتْ لبستانٍ وجدولْ
أَو بامتنان النملة الـمذعورة الـمكسورة القدمينِ ..
إِذ تلقى بشقٍ من شقوق الأَرض قمحاً بعد جوعٍ ..
أَو أَماناً بعد خوفْ
هذا الـمدى الممتد من عينيك حتى آخر الدنيا قليلٌ
لـم يبدد وحدتكْ
فظللتَ متروكاً على طرف الحكاية مثل لغزٍ حائرٍ
أَو مثل حرفٍ زائدٍ
وبقيت وحدكْ
حتى حين يـخطفك الغرامُ بوردةٍ تنساكَ .. كي تُنسيكَ نفسكْ
ستظل وحدكْ
أَنت وحدك
هكذا حكمَ القضاءُ
وهكذا سار القدرْ
حتى إِذا طلع القمرْ
في ليلك الصافي مصادفةً
ورأيتَ سوسنةً يداعبها الـهواء وتنحني غنجاً وتضحكْ
ورأَيت عصفوراً تـململَ فوق عشٍّ دافئٍ تـحت المطرْ
وسـمعتَ أَوراقَ الشجرْ
وسـمعتَ صوتَ حمامةٍ هرمتْ وأَضناها السفرْ
ستظل وحدكَ جالسا خلف الضبابِ
وبين أَقبية الضجرْ
ستظل وحدكَ عائماً فوق الفراغ
وأَنت تحترفُ السهرْ
خبئ نزيفك تـحت جلدكْ
خبئ وعودَكَ في إِناءٍ مهملٍ فوق الرفوفْ
لا تعترفْ ..
بسواكَ في هذا المدى الـمنذور للموتِ البطيءِ
فأَنت وحدكْ
لا تنجرفْ ..
مثل الرمال أَمام سيلٍ لا يرى كل الطريقِ
وأَنت وحدكْ
لا تختلفْ ..
مثل الفصول إِذا اعترى الأَرضَ الدوارُ
ومارستْ هذيانـها كفراشةٍ حول اللهبْ
وتلوَّنتْ وتغيرتْ وفق الـمدارْ
خبئ تفاصيلَ الحكايةِ واعتكفْ
خبئ جذورك في الترابِ .. ولا تـخفْ
ستظل وحدكْ
ستعيش وحدكَ ههنا
وتـموتُ وحدكْ
______________
عمّان 21 / 9 / 2022.
إرسال تعليق