-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • زهرة الخطأ / القاص زياد خداش

    في خريف١٩٨٣ وتحت تراب جذع شجرة نسيت اسمها في البرية المحيطة بجامعة بيرزيت دفنت خلسة في ظهيرة جامعية ساخنة، رسالة حب و تهديد بالانتحار وصلت صندوق بريدي بالخطأ من بنت تعترف لشاب بأنها ستقتل نفسها غدا إن لم يعد إليها ويدعوها إلى فنجان قهوة، وحددت الساعة الرابعة من مساء الغد في كافتيريا أبو وديع موعدا للقاء، كانت الرسالة خالية من اسم المرسل والمرسل إليه، فكرت طويلا مالذي علي أن أفعله لأوصل الرسالة إلى صاحبها، ذهبت إلى بريد الجامعة وأخبرت المدير بالأمر، فاعتبر الموضوع مزحة سمجة مني، ناولني الرسالة وهي يقول بما معناه: تصرف بها.

    في الصباح جاءتني فكرة أخرى وهي أن أنسخ الرسالة إلى عدد من النسخ وألصقها على جذوع الشجر وحيطان قاعات المحاضرات.

    لم يكترث احد، رأيت الطلاب يقرؤونها وهم يضحكون، ويمضون إلى محاضراتهم، وكانت الخطة الأخيرة أن أصير أنا ذلك الشاب وأذهب إلى الموعد.

    عند الرابعة عصرا كنت قرب النافذة في كافتيريا أبو وديع، متوقعا أن أرى بنتا تجلس وحدها، لأسلمها الرسالة واشرح لها الخطأ، لم أر أية بنت تجلس وحدها ويبدو عليها أنها تنتظر شخصا ما، الكافتيريا كانت تضج بالطلاب والطالبات وهم يتناقشون بحدة حول ( انشقاق أبو موسى ) داخل حركة فتح.

    خرجت من الكافتيريا وأنا أفكر بخياري الأخير: أن أدفن الرسالة تحت شجرة وأنسى الموضوع تماما، دفنتها قرب كلية الآداب، وذهبت إلى محاضرتي المسائية وكأن شيئا لم يكن.

    بعد شهر أو أكثر كنت أجلس قرب نافذة مكتبة الجامعة، بين الصفحة والأخرى كنت أريح عيني من تعب القراءة، فانظر إلى الخارج, كانت هناك زهرة حمراء جدا هشة ببتلات طويلة ونحيلة حول الشجرة التي دفنت قرب جذعها رسالة البنت، نزلت سريعا إلى الشجرة، تحسست الزهرة كانت غريبة لا تشبه أزهارا أخرى، صعدت إلى المكتبة من جديد، تصفحت كتبا مصورة تتحدث عن أزهار فلسطين فلم أجد مثيلا للزهرة، هبطت من جديد، رأيت طالبة تتفحصها بيديها مندهشة.

    -هل تعرفين اسما لهذه الزهرة أيتها الزميلة؟.

    -لا ، تبدو غريبة، أنا عاشقة لأزهار فلسطين وهذه زهرة لم أرها قبل ذلك.

    -  آنا اعرف اسمها.

    - أحقا؟ ما اسمها يا زميلي ؟

    -زهرة الخطأ.

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016