-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

محبرة عبد الله عيسى المدلوقة في الذاكرة



محبرة عبد الله عيسى المدلوقة في الذاكرة

ايمان مصاروة

الشعر الفلسطيني له نكهة خاصة تميزه وتلتصق به التصاق العطر بالوردة والنسيم بالفجر.. هو تاريخ من الألم والأمل.. يتشح بالصدق والإيمان.. ويحتضن كل ما يحتويه القاموس من مفردات اليقين.. هو ماؤنا الذي لا ينضب.. به نتمسك بالحياة وسط غيلان البشاعة.. الشعر في هذه البقاع الشاعرة متنفس الإنسان.. هواؤه وعبيره.. يعكس انتماءه للأرض.. تجذره في خريطتها.. واغترافه الضوء منها ليكتب على ديوان الحياة معلقات شموخه الأبدي حين نحاول سرد أسماء شعراء الوطن البارزين.. نكاد نتوه في غابة من القامات السامقة!.. من هؤلاء عبد الله عيسى.. إنه طائر اعتنق طقوس الحرية منذ نعومة أظافره وانطلق إلى مسرح الحياة بهمة وعنفوان حتى كتب اسمه بأحرف من ذهب في صفحة الشعر الفلسطيني. محبرة مدلوقة في الذاكرة.. عنوان قصيدة له.. بل ملحمة... بل سيمفونية للجرح..بل سيرة ذاتية لشاعر رضع حزنا شفيفا في وطن أسير. شدتني هذه القصيدة طويلا.. ولطالما أمعنت فيها الرؤية.. لم تكن قصيدة رثاء فقط.. ولكن أكثر من ذلك بكثير.. ترسم بخطوط عريضة مذهب الشاعر.. وأدواته.. وفضاءاته... وكيف يتصرف بموسيقى النص داخليا وخارجيا..قصيدة تعكس انفتاح الشاعر على أنماط التعبير الشعري.. واستيعابه لروح قصيدة النثر وجماليات شعر التفعيلة.. تتألف من سبع مقاطع متراوحة الطول والقصر زاوج فيها الشاعر هذين النمطين.. غير أنه احتفظ بين هذا وذاك بإيقاع واحد.. نابع من روحه.. ومكتظ بتباريحه. محبرة عبد الله عيسى المدلوقة في الذاكرة.. كلمة تختصر وطنا مطوقا بالمتاريس والجدران..

لم يغب عن عينيه يوما رغم منفاه.

الاختياري..

علقت روحي على مئذنة

ويدي على جرس

كم زنت بدمي الأمكنة

جزية كان للعسس

إنها الطعنة المزمنة

إن لغة الشاعر لغة تصويرية.. وفيها شيء من السرد.. والبلاغة.. والتماهي مع الحلم.. لغة غير عادية..تجعل الكلمات ناطقة بأبعد ما يكون من الرؤيا. هذا هو الشاعر عبد الله عيسى.. ايقونة الشعر الفلسطيني المعاصر.. وهذه منهجيته في الكتابة التي بوأته مكانةً عالية في خريطة الشعر العالمي.

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016