في إفطار جماعي تواطأ الشباب ما فوق الستين عاما على طاولة واحدة يحثهم صاحب الحفل ومن قام على شرفه بالاستدارة حوله، بعيدا عن غوغاء وعبث الفتية ما دون الخمسين عاما ، وقد لا يكون في الأمر براءة إذا ما اعتبر الإفطار مشروع عمل • كان صوت المايكروفون يدعو إلى إحياء ما أحياه السلف الصالح من بذل وعطاء وصدقة وزكاة توقف عريف الحفل ليعلن رفع أذان المغرب • تناول الحشد إفطارهم ، وراح الشباب الستينييون يدسون أيديهم في جيوبهم الخارجية طلبا لكيس الدواء الذي يحتوي على أنواع مختلفة من العلاج منهم من نسي أين دس كيسه ، وهم على الأكثر من بدت عليهم بعض أعراض الزهايمر المبكر ، فراح يتذكر انه نسي أن يدسه في جيبه، ولا يستبعد انه دسه في مكان آخر ثم لم يعد قادرا على تحديد ما يريد ، فقد نسي انه يبحث عن العلاج • وهو على هذا الحال وقد شغل كل من على الطاولة أدركوا انه يبحث عن علاجه ، وكالعادة تقدم احدهم وناوله كيس العلاج الذي وضعه أمامه لحظة تناوله من جيبه• هم على الأقل ستة أفراد على الطاولة، يشتركون في أشياء متعددة أدناها أمراض السكري والضغط وهشاشة العظام والبروستاتا و الزهايمر الذي كان يخيفهم حقا، ويصرّ مريضه منهم على إخفائه، فيضحك ويضحكون عندما يكتشفون جميعا انه المرض الوحيد الذي يكتشفه الآخرون،وينساه صاحبه• احدهم كان ينظر إلى أكياس أدويتهم التي تعود إلى جيوبهم فارغة وقد تملكته النكتة ، وراحت عيناه تغزل يمينا وشمالا،كما كان يقلب الأمر لأصحابه أيام شبابه • حدق بهم بفرح وقال لهم: هل لكم بمشروع،،؟ ! توقف الجميع عن الحديث، بعضهم من بقي على حذر بانتظار مقلب من مقالبه، آخرون من أصحاب البزنس لا يريدون أن يصدقوا أن على الأرض أشياء أخرى غير المال والأعمال ، أما أصحاب السيادة والسياسة، فقد رأوا أن يستمعوا دون أن تظهر على وجوههم دهشة أو علامة • قال وقد توجهت قلوبهم ووجوههم إليه: بالأمس ذهبت إلى طبيب العظام فطلب مني أن أقوم بفحص هشاشة العظام، وقد ظهر ولله الحمد بي هشاشة وبشاشة، وعلى الفور توجهت إلى الطبيب وأبلغته بالأمر فرحا قال لي الطبيب ولمَ كل هذا الفرح،،؟ قلت وكيف لا افرح يرحمك الله وقد استجاب الله دعاء حماتي التي كانت تدعو لي بدوام الهشاشة والبشاشة. ، ! قال لي الطبيب دعك من هذا الآن ولكي لا تستهين بالأمر سأشخص لك الهشاشة راح الطبيب يصور لي عمودا من الاسمنت المسلح وقد تآكل وفرغ من محتواه ثم سألني :هل يستطيع هذا العمود المتآكل أن يحمل بنيانا،،، قلت له،؛ طبعا لا قال وكذلك أنت ، لن تستطيع حمل جسدك بعد الآن إلا بالعلاج قلت له سنحتاج إلى صبة اسمنتية على هذا النحو قال نعم ولكنها صبة من الكلس ، وناولني وصفة طبية لم تتسع يداي لها عندما صرفتها من الصيدلية وهو يتحدث معهم نسي ما وعدهم به من مشروع لهم، وهم نسوا أيضا • عندما كانوا يغادرون سأل احدهم المتحدث عن صبة بيته الاسمنتية آخر طلب منه أن يوصله إلى بيته لأنه قدم ماشيا فلما خرجوا وجدوا سيارته هناك الأغرب من هذا أن أحدهم كان قد نسي عنوان بيته الذي طوق يده حاولت أن أتذكر المشروع الذي وعدتهم به وما علاقته بحكاية هشاشة العظام،،، ، ! إذا أحيانا الله للسنة القادمة سأعيد إحياء المشروع الذي نسيته، ولكن ، ولكن،،،من انتم،،،!
إرسال تعليق