-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • تخلجات قصة قصيرة للمبدع ضاري الغضبان



    تخلجات  قصة قصيرة  
    العراق: ضاري الغضبان

     أيقنت الحقيقة بأن لا مناص من البوح، أوعز الدماغُ للسان بالنطق، فأستحضر الكلام بسرعة من الذاكرة القريبة، لكن إيعازاً جاء من الذاكرة البعيدة بضرورة التروي، لذا بان التردد على الوجه، بينما العرق سال بحبات لؤلؤية من الجيد، بينما تحركت اليد اليسرى دون وعي، لحكٍ مفترض لأعلى الرقبة من خلف الرأس...

    تفرست الفتاة بوجه الشاب الذي كاد أن يعترف بحبه لها، بعد أن أسبلت عينيها تنتظر لكنّها تداركت الموقف بحيرة، ومدت يدها تبعدها من بين يدي الغارق بالتعمق بفكرة محيرّة.

    الجوع جاء إشارة خلاص من معدتها؛ فاَقترحت وجبة سريعة ونهضت، بينما الشاب المتردد لم يرد على الطلب، بل مد يده برفق وأعادها للجلوس.

    تفرستْ بوجهه مستعلمة، فأطرف عينيه بتؤدة، ومال مركزا على شعرها الفاحم، بلعت ريقها بحيرة وحررت يدها ودون وعي ومدتها داخل حقيبة كتفها، وأفرغت محتوياتها تباعاً ببحث عن شيء غير موجودلكنها تفحصت زجاجة عطرها المملوءة إلى المنتصف، من خلال رفعها باِتجاه قرص الشمس.

    بينما أخرج الشاب هاتفه النقال وبحث ـ هو الآخر ـ عن رسالة لم تصل.

    أرجعت الفتاة محتويات الحقيبة، بينما هو استمر ببحثه في ستوديو الصور عن صورة لم تُحدد، رمقته بلوم، فارتبك وتدارك الموقف برفع الهاتف لالتقاط سيلفي لكنها مالت بوجهها بعتب.

    فظهرت صورة لوجه الشاب يصطنع ابتسامه وجانب من وجه الفتاة، دون ملامح واضحة، حذف الشاب الصورة وتهرب بنظرته للأعلى ...

    الريح المترددة بالهبوب لم تهز غصناً من هامة الشجرة، رغم أن العصفور المشاكس يزقزق بإلحاح أمام العصفورة المتكاسلة.

    اشرأبت نظرات الفتاة لهامة الشجرة كذلك، وركزت على حركة العصفور المشاكس بينما الشاب ينظر فقط للعصفورة التي تكاد أن تغفو.

    قالت في نفسها؛ بأنهما عكسنا تماماً، ونقلت نظراتها بين العصفور المشاكس والشاب المتردد، لكن الشاب استمر ببلع ريقه بتردد مُربك.

    غقغق صقر من جهة ماء، فزت العصفورة وغيرت موقعها، بينما طار العصفور لوقت قصير ودار حول الغصن ثم رجع ملاصقاً للعصفورة بشكل أكثر ...

    تأوهتْ الفتاة وتقربتْ قليلاً من الشاب الذي لم يزل يرمق السماء الزرقاء المقطعة التي تظهر بين أغصان الشجرة ، مر الصقر سريعاً وغاب خلف شجر آخر ، بينما تلاصق العصفوران أكثر فأكثر ...

    تقربتْ الفتاة من جديد ، بينما يد الشاب ترتجف و قلبه يخفق بسرعة وعيناه ترمشان دون وعي، رمقته بنظرة تساؤل، فحك مؤخرة رأسه من جديد، ركزت بوجهه وبللت شفتيها بلسانها، تهرب من عينيها ونظر من جديد للشجرة ثم أشار بذعر !

    كانتْ هنالك أفعى، تسيبُ صاعدة على جذع الشجرة دون الجهة التي لا يراها العصفوران ، ابتسمت الفتاة و أخرجت زجاجة عطرها ونهضت ترش نحو الأفعى التي أسرعت صاعدة بحركة مفضوحة .

    طار العصفوران ليحطا قرب العاشقين، بينما توارت الأفعى الجائعة في لحاء الشجرة، تبسمت الفتاة بفرح؛ لخلاص العصفورين وراقبت عن كثب مرحهما بأمان على الحشائش، بينما مسح الشاب عرق جبهته بعد لحظات خوف عابرة، رشت من العطر نحوه، فأمطرت عيناه دمعاً ساخناً، وأنشغل بمسحهما بكم قميصه الأبيض.

    يئستْ الفتاة من شجاعة الشاب؛ فأمسكت بيده بقوة وقرّرت أن تصارحه هي بحبها

    وحالما، بدأت باِختيار الكلمات المناسبة للبوح، سقط رأس الأفعى بينهما، بينما كانَ الصقر يطير مبتعداً وهو يبلع الجزء الأكبر الملتوي من جسد الأفعى.

    إرسال تعليق

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016