بمناسبة فوزه بالمركز الأول بجائزة
الطيب صالح العالمية
هيئات ثقافية تكرم الشاعر أحمد الخطيب
إربد- الرأي
نجتمع اليوم على مائدة شاعر
يتنزل عليه الشعر بمراسم المطر، شاعر يرسم بالحروف لوحات متقنة الألم والأمل، شاعر سخر نفسه لحراسة الشعر
ومعناه، فكان حارس المعنى وسادنه، بهذا الإيقاع قدم الشاعر أحمد شطناوي الأمسية
الاحتفالية التي نظمها فرع رابطة الكتاب بإربد، بالتعاون مع ملتقى إربد الثقافي
وملتقى المرأة، صباح أمس، بمناسبة فوز الشاعر أحمد الخطيب بالمركز الأول في مسابقة
الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي لعام 2021
وأكد في الحفل الذي شارك في
مفرداته الشاعران د. مهند ساري، ود. علي هصيص، أن الخطيب القامة الشعرية الفريدة
المتفردة، يهز عرجون الحرف فتتساقط المعاني رطبة شهية، وها نحن اليوم نلتقي لنحتفل
بفوزه بجائزة عالمية كبيرة استحقته فائزا واستحقها شاعرا ، فرفع لواء الشعر
الأردني ليسمو الوطن ويسمو الشاعر.
قال الشاعر د. ساري في شهادته
" يعيش ليكتب، ويكتب ليعيش"، حول الشاعر الخطيب، ظلّ إخلاص أحمد لكتابة الشّعر
قويّا ودائما، كأنّه يعيش ليكتب، أو يكتب ليعيش، تلك طريقته في العيش والكتابة، كأنّه
خليّة نحل حياتها صنع العسل، أمّا صديقي فأزهاره الكلمات، وعسله الشّعر يجنيه من حيث
ما أطاقت أجنحة إيقاعه التحليق، ومن حيث ما أطاق قلبه الشّغف ، به يشفى، وبه يمرض،
وتلك طريقته في المراوحة المستغرقة بين الدّاء والدّواء.
ولفت النظر إلى أن الخطيب منذ ديوانه الأول (أصابع ضالعة في الانتشار) أسلم
قلبه لأصابعه، وأفضى إلينا بنبوءته المبكّرة عن انتشار شعره وذيوعه بين النّاس،
وهذا ما كان، على ما سوّل إليه يقينه يومها.
وقال الشاعر ساري مضى زمان طويل منذ أن درّبت نفسي على متعة الاستماع إلى شعره
أو قراءته، استماعا وقراءة لا تفضيان، بالضّرورة، إلى النّتائج نفسها التي أفضي إليها
مستمعا لشعر غيره أو قارئا له. فإنّ من الجمال ما لا يكاد يفسّر، ولا تهجم إليه المعرفة
أو ينال بالفهم نيلا ينام محاوله بعدها قرير العين خالي الهمّ. صارت قراءتي لشعر أحمد(
نظرا رطبا) على حدّ تعبير ذي الرّمّة، نظرا رطبا إلى غيمة بيضاء عابرة في سماء زرقاء
في يوم مشمس صاف، وأنت إن انشغلت بمحاولة إثبات شكل محدّد واضح مفهوم لتلك الغيمة شقيت
وأشقيت من ينتظرون منك وصفها وإثبات شكلها، ثمّ فوّت، بعد ذلك، على نفسك فرصة الاستمتاع
بها كما هي: غيمة بيضاء، تعبر في سماء زرقاء، في يوم صاف مشمس، لا تألو على شيء غير
أن تعبر وتتقلّب في نفسها وتتموّج في صور وأشكال تندّ من الإثبات والحصر، لا معاجزة،
بل لأنّها طريقة ممكنة في الكتابة، واقتراح غير مألوف للشّعر؛ أن يكون غيمة لا تكاد
تمسك بها صورة فيضبطها ضابط النّقد إلا لماما. وأسهل للنقد أن يحرث الشّعر الذي هو
أرض لا غيمة.
وفي نهاية شهادته قال الشاعر ساري، يكتب أحمد الشّعر لأن كتابة الشّعر فرح ممكن، وأنت لا تخطئ، وميض ذلك الفرح في عينيه إن أنت زرته في بيته، وكنت قريبا منه، بحيث لا يمنعه احتشامه أو ضنّته من أن يقرأ عليك آخر ما كتب بوجه مملوء بالفرح والابتهاج، فللكبار أيضا لعبهم، وإن كانت أكثر تعقيدا من لعب الصّغار، لكنّها تسلم إلى الفرح نفسه، هناك يقرأ لك أحمد جديده فتسمع وتعجب، وتسري فيك قشعريرة الشّعر، ويروح بك ويجيء وأنت على مقعدك تشرب الشّاي، وتشحذ حواسّك، وتدخّن، إن كنت مثلي مدخّنا، ويأخذك إلى عوالم يجيد بمهارة لافتة صنعها وتلوينها بأصباغه الأحمديّة البارعة الغنيّة التي تبهر القلب قبل العين، ومن الشّعر ما يرضيك من غنيمته بالوقوف على تخومه مراقبا لحوادث تحدث فيه أمامك، وخيال يسلمك لحيرة مدهشة أو دهشة محيّرة، لكنك تلتذّ به، التذاذك بشعر أحمد، رغما عنك.
ومن جانبه قال الشاعر د. هصيص في
شهادته التي عنونها ب " المقامة الأحمدية"، الشعر لا حدّ له، والتعريف
ليس أوّله، خاب من حاول أن يؤوله، وكذلك خاب من حاوله؛ فالشعر ليس يحاول، وبيته
ليس يطاول، يتشكّل كلّا قبل البد الأوحد، يمتد ولكن لا يتمدد، سيجيء عليكم زمن في
الزمن الأبعد، زمن أرمد، يغدو الشعر فيه مريضا أكمد، لا يبرأ حتى يأتي رجل من قبلي
اسمه أحمد.
وأضاف، أما أحمد، الغامض الواضح
في المشهد، فتتداعى عليه الأمم، وتجتاحه الحمم، وتأتيه نصال الشر، بنزف ثر،
ويعصرون له الحنظل الأمر، في كل درب وممر، يظنون فيه الظنون، ويحاولون إحراق
المتون، ولكنهم يصعقون حين يسمعون: لم تنفتق الأرض سوى عني.
وأكد أن أحمد متهم بكل سؤال
ومقال، متهم بظنون الشعر وما خلف الكلمات، متهم أيضا، بكل ما هو عذب وفرات، وكلما
اتهموه، عصموه، منحوه الفردية، وشهدوا له بالوجدانية، متهم أحمد بالغيبوت، متهم
حين أطل على النفس بـ (مرآة المطلق في بطن الحوت)، متهم بالبعد، فينحاز إلى
الأبعد، ويظل بعيدا حتى يتشكل على هيئته الشعراء.
وقال لا يبحث عن لغة من كان تبحث
عنه اللغة، ومن ادعى لغة سواه فقد بغى، ومن قال بحضرته الشعر فقد لغا، ديدنه أنه
وكأنه ليس سواه، الشعر رواه، فصار الشعر به آتيا، وصار راويا، من بعد أن كان مأتيا
مرويا، دون تكلف، له لغة من سبعة أحرف، كسبع سماوات الشعر بلا أرفف، مطلقة
الكلمات، ممتدة الشجرات، تمتد بلا مد، وتحتد بلا حد، لا يوقفها سد، ولا يدركها عد،
ويظل لا يشبه ولا يشبه، ولذلك كان الأنبه.
ومن جانبه قرأ الشاعر الخطيب
قصيدة بعنوان " أوغلت بالتشبيه فانكسرت مرايا"، يقول فيها: " لو
كنت أملك صورة أخرى، لهذا الموت، لانسحبت يداي من الحياة، كما انسحبت، لكنني أوغلت
بالتشبيه، فانكسرت مرايا دون ذاكرتي، فنمت، لو أنني في الليل، كنت أشيل أشيائي على
مهل ، شمال الباب ، إذ يتنصّل الماضي من الأيام، لاتّسعت رؤاي على الحقيقة،
والكلام على هداه، وزينب الأخرى على مهل تجيء، إذا اتّسعت، لو أنني أرجفت
بالتشبيه، واحتملت لغاتي كلّها مطرا، على غير اتّساق، هل تظنين الجنازة ، سوف تعبر
خطّ هذا النّهر، لو أنّي عبرت؟!.
وفي نهاية الاحتفالية، قدم رئيس
ملتقى إربد الثقافي د. خالد الشرايري، والمهندس هشام التل، ورئيس ملتقى المرأة
فائزة الزعبي، ورئيس فرع كتاب إربد الباحث عبد المجيد جرادات، الدروع التكريمية
للمحتفى به، كما قدم الشاعر أحمد شطناوي درع مثقفي المحافظة للشاعر الخطيب.
إرسال تعليق