-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

لماذا / موسى صالح الكسواني


أجدرُ أن تغرسِكَ الوردةُ في شفتيها

لتُحدّثَ باسمكَ أنفاسَ الصبحِ

ووقتَ تَضُوعُ شذًا وتهيمْ

أجدرُ أن تحضُنَ قلبكَ

مدفأةٌ ذاتُ ذراعين يطيرانْ

أن تنسى حزنَ الطفولَةِ

جوعَ الماضي

بردَ الماضي

وشبابًا مُرًّا

مَرَّ كئيبًا فوق رصيفْ

مُدَّ أصابعكَ المرقونةَ بالعنبرِ

داخلَ خضرائِك

واكسرْ مرآةَ الذاكرةِ المحمومةِ بالتيه

واشربْ مما أشربُ

هذا يُنبوعٌ

لا شأنَ لنا بالظامئِ

من أيامٍ ضاقت واندثرتْ

حين اختنقت بغبارِ هشاشتِها

فأنا تَحضُنني البسمةُ حين تُطلُّ عليَّ

نهيمُ معًا

حسونينِ نُغني في عُشٍ

زَخرفَه الهمسُ المُزْجَى

في تغريدةِ إيناسٍ عند طلوعِ الفجر

تتطاير بهجتُنا

فوق سديمٍ من ألقٍ شفَّافْ

ونعودُ معًا

نَمْرحُ فوق أديمٍ رَعَويٍّ

يُخصِبُ فينا ويُخصِّبُنا

فرحٌ يَتَغشَّانا

نحنُ الإثنينِ نسيرُ على

حَصباءِ العمرِ بلا صَخبٍ

جئنا اثنينِ على مائدةٍ

من قشٍّ في ثوبٍ واحد

ومَضينا نتراءى لِلُغاتٍ

أفزعَها نقشٌ يَسكن حجرًا

يتربعُ فوق بِساطِ التاريخ

ها نحنُ هنا

اثنانِ لنا ظِلٌّ واحد

صوتٌ واحد

وصدىً سرمدُ تألفهُ الريح

فلماذا

تَتَخطفُنا الذاكرةُ المحمومةُ بالتيهِ بياتًا

وتُفَرِّقُنا؟ 

يَنبجِسُ الآخرُ مني

يمشي بي فرحي وحدي

تحمِلُني إضمامةُ عشقٍ لحياةٍ

أمنحُها ضوءَ الروحِ لكي تَقْبلَني

فأنا منسوجٌ من طينٍ

زيتونيٍّ في وطنٍ لاهب

هذا الوطنُ المشغولُ على نورٍ

بأصابِعَ من نور

فأنا الآخرُ

والآخرُ ذاتي

أعبرُ بي لُجَجًا فوقَ خيوطِ الماءْ

أغسِلُ وجهَ الصُّبحِ بكفّي

كي تصحو من غفوتِها عينُ الشمسْ

يَتوحَّدُ فينا نبضٌ وضِياءْ

نَتَماهى في لُغةٍ دافئةٍ

في لونٍ تَتَسرّبُ منه الموسيقى

مغناةً لدمٍ يعشقُ حيفا

فلماذا

تَتخطَّفُنا الذاكرةُ المحمومةُ بالتيهِ بياتًا

وتُفَرِّقُنا؟

_______

*شاعر أردني

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016