«مضغةٌ منكَ خانتكَ للشاعر جاسم
الصحيح
الشاعر
الكبير المتألق جاسم الصحيح أبدع هذا النص الشعري الجميل و هو على سرير الاستشفاء/
أسرة تحرير العهدة الثقافية تتمنى له الشفاء العاجل الذي لا يغادر سقما
فشلٌ
في الكلى
هكذا
رنَّ صوتُ الطبيبِ
كقنبلةٍ
في دمي انشطرتْ
واستدار
إلى وجهِ حاسوبهِ
وانثنَى
(يقرأ المقتلا) :
فشلٌ
في الكِلى
(ضغطُكَ) الآنَ نسرٌ يحلِّق نحو العُلى
و(الحرارةُ)
عادتْ إلى بيتِها
دون
أنْ تُخطِئَ المنزلا
ودَمٌ
باتَ يعثرُ في نفسهِ
كلَّما
هرولا
مضعةٌ
منكَ خانتكَ
خانتْ
مع الجسدِ الغضِّ عهدَهُما الأَوَّلا
مضغةٌ
منكَ
أو
فيلقٌ من فيالقِ جيشِكَ ينهارُ
والحربُ
لم تكتملْ بعدُ
ما
زال في العُمرِ مُتَّسَعٌ للقتالِ
ولكنَّ
(ثغرًا) تَفَتَّحَ فيكَ لغاراتِ هذا الزمانِ
فهَيِّئْ
لثغركَ أعتى الحُماةِ
لكي
لا يُباغِتَكَ الغزوُ منهُ
وقاومْ
أمامكَ مُعتَرَكًا مُقبِلا
**’******
فشلٌ
في الكِلى
قالها
هكذا
قبل
أنْ يبسطَ الأرضَ في قاعِ روحيَ
فانْغَرَسَتْ
مِعوَلا
حالَ
ما بيننا الموجُ
موجُ
القنوطِ
وحاولتُ
من دونِهِ معزلا
فانثنَى
يبذرُ الأملَ المُرَّ في الجرحِ
علَّ
الحقيقةَ تقطفُهُ سنبلا
غير
أنَّ المرارةَ
قد
بلغتْ رُشدَها الأكملا
والبذورُ
اشرأبَّتْ على سُوقِها
كلَّما
أينعتْ داخلي بذرةٌ أنبتتْ حنظلا
فشلٌ
في الكِلى
وثَمَّةَ
تُرسانِ في آلةِ العُمرِ قد عُطِّلا
فمنْ
يُصلِحُ العَطَلَ الصعبَ؟!
كيما
تعودَ مصافي الحياةِ
لدورتِها
في الوريدِ
تعيدُ
لطاقتِهِ، المَعمَلا
أهذا
دمي؟!
أم
دمُ (الأخوَينِ) الذي انشقَّ عن بعضهِ
وانتهى
هَدَرًا في الفلا؟!
تتصارعُ
أمشاجيَ الآنَ ما بينها
يغدرُ
البعضُ بالبعضِ
حيث
تكونُ الخيانةُ أنكى
وحيث
يكونُ الأسى أثقلا
خللٌ
في العناصرِ؟
عيبٌ
بماهيَّةِ الخلقِ؟
أم
غدرةُ الطينِ بالطينِ؟!
إنِّي
أؤوِّلُ حَدَّ الضلالِ
وكمْ
ضَلَّ من أَوَّلا!!
لك
الحمدُ يا ربُّ
أهديتَني
فشلًا في القِلى
وها
إنَّني ما قَلَوْتُكَ فيمنْ قلاكَ
ولا
بدَّلتني عليكَ المآسي
وقد
خابَ من بَدَّلا
وإنْ
كنتَ تبلو حقيقتَنا في هواكَ
بحَملِ
السقامِ
فبعضُ
اصطفائِكَ أنْ نُبتلَى
غيرَ
أنِّي
أُعَوِّذُ
حُبِّيَ من فشلٍ في المآلِ
أعوِّذ
شعريَ من فشلٍ في الخيالِ
أعوِّذ
روحيَ من فشلٍ في الجمالِ
أعوِّذ
عمريَ من فشلٍ في الظلالِ
إذا
كانَ لا بدَّ أنْ أفشلا
******
فشلٌ
في الكلى
وأنا
الآنَ في عزلتي
إنَّما
لم أكنْ أعزلا
معي
صوتُ أمي
يزمِّلني
في سكينتهِ كلَّما بسملا
غرفةٌ
في أعالي الطوابقِ
لكنَّها
غرفةٌ
من سكونٍ عميقٍ يسافرُ بي أسفلا
سُكوتي
القبوريُّ
يحضنُني
كالسريرِ
وفيما
تجيءُ الحياةُ مُكمَّمةً
تطرقُ
البابَ حينًا
وحينًا
تُباغتُني مدخلا
تجيء
الحياةُ
تدافعُ
عن نفسها من خلاليَ
تنقذُ
ما ظَلَّ منها لديَّ
وتفتحُني
أملا
وأرصدُ
إيقاعَها حول قبريَ..
كان
بطيئًا ومستعجلا!!
تجيءُ
الحياةُ مُمرِّضةً
تتفحَّص
رقمَ (السوار) على ساعدي
كي
تؤكِّدني في أنايَ..
تجيءُ
على شكلِ عاملةٍ للنظافةِ
أو
وجبةٍ للطعامِ..
تجيءُ
هواجسَ ضدَّ المنامِ..
تجيء
المُخَدِّرَ في إبرة (الكورتيزونَ) ..
تجيءُ
جهازَينِ للضغط والسكريِّ..
تجيءُ
الحياةُ على ألفِ وجهٍ
تُتِمُّ
مُهِمَّتَها في المكانِ، وتتركُني مُهمَلا
تجيءُ
الحياةُ مجيءَ القصيدةِ
لا
شَبَحًا مُطلَقًا في الفضاءِ ولا مَلَكًا مُرسَلا
وبين
المجيئَينِ يلتبسُ الدربُ
حيث
الحياةُ
يقابلُني
وحيُها صاعدًا
والقصيدةُ
يهبطُ
لي وحيُها مُنزَلا
وفي
داخلي
يلتقي
الوحيُ بالوحيِ
يندلعُ
البرقُ في البرقِ
أذكو
وأذكو وأذكو
فأسطعُ
في لغتي صاعقًا مُذهِلا
هكذا
أتسامى على حاجز الوقتِ
حيث
الحياةُ تُسَجِّلُني حاضرًا
والقصيدةُ
مستقبلا
جاسم
الصحيح
أكتوبر
2020 م
مستشفى
أرامكو في الظهران
إرسال تعليق