-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

العربي الحميدي يكتب إلى الروح التي حرقت رمادها



العربي الحميدي يكتب إلى الروح التي حرقت رمادها

في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر عز الدين بوسريف.


"بنارك أيها الشعر

تتعافى روحي

من الألم".

إذا كانت الكلمة ليست لها معان كاملة ومستقلة، لأنها تأخذ معناها داخل سياق الكلام. وإذا كانت صيغ الاستفهام قد تخرج عن معانيها الأصلية لمعان أخرى تستفاد من سياق الكلام. أعتقد أن الأديب والشاعر على الخصوص كذلك لا تستطيع أن تعرف كنهه إلا من خلال قراءة دواخله في سياق الحديث معه وتفكيك قراءة رموز قصائده.


وإذا قيل إن الشاعر ابن زمنه وبيئته وان لكل زمان شعره وشعراءه. فإن الشاعر الراحل عز الدين بوسريف أعدها ظاهر شعرية متمردة على نفسها تفرد بها الشاعر... قبل أن تتمرد على الآخر.


يقال لكل حصان كبوة، كذلك لكل أديب كبوة.  إن كبوة شاعرنا هي روحه التي عاشت داخل رحم العتمات.. معلقة في مذابح المرض. فشكلته  وحولته إلى عاصفة تهب في كل الاتجاهات. يمكن أن نضيف هذا العامل إلى عوامل أخرى التي شكلت طبيعة شعره ومنحته، الصفة الصوفية الملتبسة أحيانا والواضح في أخري. فإذا أثر المرض في حياته فلم يستطيع أن يعدم فلسفته في الحياة. لأنه استطاع أن يحول موته الذي كان يرتقبه إلى ولادة وخلق طاقة قوية، جعلته معلقا بخيط نار رفيع بين الحياة والموت. هذه الطاقة هي شاعرية لوحته التجريدية التي كتب عليها "حق الفكر وحرية الكتابة الشعرية وكسر الموانع وتعرية الطابوهات".


جعلته يكون عنيفا وسليط اللسان على نفسه وليس مع الآخر فقط. لكنه كان رهيفا وضعيفا ، ابيض القلب، عطفه على الضعفاء كان قويا.


ستة لقاءات كانت كافية لمعرفة هذه الروح التي أنصت اليها بإمعان، أنصت إلى عذاباتها وتمزقها؛ في فترة لا تتجاوز السنة والنصف، في ستة لقاءات وعبر الهاتف تقريبا كل اسبوع. كان النقاش فيها عن قصائد ديوانه "أراني لا أنا" التي كان يبعثها إلي عبر "مسنجر"  كما كان يبعث بعضها إلى الشاعر أحمد بلحاج ايت والرخام.


لإبداء وجهة نظري فيها، بل يطالب   بالحذف والإضافة. كما كان يتخلل هذا النقاش صراعا فكريا، لكنه كان دائما جادا أدبيا صادقا.

صفة شاعر قل مثيله. كما قال في حقه الشاعر أحمد بلحاج أيت وارهام


“شاعر مفارق المألوف في إبداعه الشعري، مدهش بصوره، مربك بأسلوبه الذي يزرع اللاطمأنينة في أرض الاغتباط الشعري"


شاعر أخلص روحه وجسده للكتابة. الشعر كان يوقظ جسده حين يغلق الألم أبواب السكينة. كان يفر من الألم وبطشه للحديث عن المحلل والمحرم، بين المقدس والمدنس كانت هي وشوشة المساء لتتمم ولادة القصيدة.


يقول في قصيدة كن من أهل الليل


يا!!! هذا

كن من أهل الليل

دع الجهول

يظن الليل ظلاما،

إذا الذي

كان في البدء من الماء،

)جعل الليل لأهله..

جعل
الغيب
لنفسه(
يا!!! هذا...

)اجعل الليل لي،
كما هو لي
فإن في الليل نزولي)

من صفاء السماء ماء فراتا.
لأناجيك في صلاة الخلوة،
فتراني
على العرش
ضوءا
لا يحترق.
إذا يحترق الكلام،
نورا تحمله عيون النجوم،
يخترق وجه الغيوم.
تمشي فيه
كمن يمشي
في الطريق
إلى
اغتباق
الإشراق.

وقريبا ستكون دراسة نقدية موسعة لأعماله الشعرية : الشعر مستودع الألم

 في ديوان

-          أراني لا أنا

-          شطحات الجوى

 

العربي الحميدي

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016