وقتما أقمت في القاهرة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، كان لي جار فلسطيني متزوج من امرأة مصرية، وصاحب ذوق فني رفيع، وله اهتمام خاص بالسينما، وصداقتي مع ابنه محمد (حماده) تتيح لي التردد على شقتهم، فأجد اهتماماً من العم (وجيه) كأنني في منزلة ابنه حماده، وكثيراً ما تدور بيننا أحاديث السياسة والقضية الفلسطينية، ويتكرر سؤال العم وجيه في كل مرّة عما انجزته في رسالتي للماجستير، وبلهجته المصرية: عامل إيه يا زياد في الرسالة؟
فجعتْ عائلة العم وجيه
بوفاة قطتهم الشيرازية، فقد أصيبت بنزلة برد حادة لم تنفع معها أدوية الطبيب
البيطري، فأصيبت ابنته الكبرى بنوبة بكاء حادة، واتشحت بفستان أسود.
كان يوم أسود انعكس على
جلستنا في حديث حزين عن أفعال القطة ولعبها ومؤانستها للأسرة، وتمثّلي للحزن
الظاهر قد خفف بعض مصابهم الأليم، رغم قناعتي – آنذاك - أن موت قطة لا يساوي عندي
حبة خردل!
مضى العمر، ووجدتني
متورطاً بتربية قطة شيرازية، تدللها ابنتي دلال المحبين، فاحترت بهذا التغيير الذي
حدث في حياتي، ما بين رفض فكرة تربية قطة، وما بين قبول تربيتها والاهتمام بها،
ويظهر أن حياتي قبل الزواج تختلف عمّا هي بعد الزواج، فوجدت ما بعد الزواج تنازلات
لم أقبلها قبل الزواج، ولا تقتصر على تربية قطة، بل على تدجيني! فحياة الأعزب
تمتلك الحرية وشغب الحياة! في حين حياة المتزوج لا تختلف عن قطط البيوت في وداعتها
وسكينتها واستسلامها للحياة!
الآن عرفت كيف أحزن على موت قطة!
إرسال تعليق