حزن النخيل للشاعر علي الدميني
أهدي القصيدة إلى الصديق الشاعر الكبير يوسف
رزوقة
***
حورية البحر
ماء الريح\ مائدةٌ
يجيء منها ارتعاش الكونِ
و الكتبُ
تنأى
فيشعلنا النسيان إن غربت
و إن دنونا
يضجّ الصبحُ و العتـَبُ.
يوسف اعرض عن " الحب "
و اذهب الى كهف موسى فقد جاءنا اليوم يغزو
مدائننا
وقلاع البلاد التي احتضنتنا طويلاً
بدون اضطرارٍ لرؤية أحفاده ، حينما
أوغروا في الرقاب رماح الفجيعة،
و اليتم، و الدمّ، حتى مضينا على قيد أوجاعنا
في المدى هائمين، على غير هَـديٍ، و دون رجاءٍ
و دون أخٍ يكسر القيد،
أو يسند الظهرَ، حتى استوينا هنا في العراء
سواسيةً
كانكشاف الأنوثة
للسيف
و الاغتصاب.
و لقد ذكرتك و الكورونا ( يا صديقي ) تعزفُ
ريحاً خرافياً
و قلباً ينزفُ
وجعَ الهوانِ ، فما تغنّى شاعرٌ
إلا تكسّر في القصيد،
المعزفُ.
يوسف اعرض عن الشعر
إني مصابٌ بحزن النخيل، و خوف العصافير أن يطأ
القادمون من البحر
أعشاشها،
و الصغارَ
و ليس لنا غير جوع الكلام إلى لغة ٍ خارج الصمت
و الحزن
و الإكتئاب!
يوسفُ
اليومَ ، فليغفر الشعر لي ْ: ما تقدّم من ذنب
أشجارنا، و الذي يتبقّى على الريح من خطوات الخيول إلى النهر، و العاطلين عن
القول، و الذاهبين إلى الموت دون وداعٍ، وأدعيةٍ، و الأغاني القصيّة في دفتر
الذكريات الفصيح..
و بكاء المعاد، و ذكرى الجريح، و ما يترسّب في
الكأس من شُبهة الناي في فمنا إن بكينا ، و حسرته في اليدين إذا ما هممنا بنسيان
زيتونةٍ في أعالي الجليل، و فاتنةٍ تتدحرج بين الخيام و تنظر صوب الصحاري المديدة
من فجر شمس البلاد إلى مغرب الناسكين.
هنا يا صديقي، يدحرنا هاجس اليتم نحو المغيبِ،
فلا شكلَ للشعر
لا شعر للشكل
لا لغة للحضور ليشهد موتاً قريباً و لا أفقاً
نابتاً في البعيد، يعين الفقير إلى الشعر إما أراد استعادة هزّة نصٍ قديمٍ، و تاق
لرعشة حسيّة العشق في زهرة اليأس و الياسمين ..
فذرني قليلاً، فإني
كمن هزّه الموت حتى تمسّك بالموت، كي لا يراهم
هنا بيننا،
فاشتكى للخرافة في موطئ السنوات القديم،
و عاد إلى غيّه
فبكى و تذرّر
كالرملِ
كي يصطفيه الغياب.
إرسال تعليق