كتاب ونقاد ومخرجون مسرحيون يعاينون مشهدية كتابة النص المسرحي أردنيا
في الوقت الذي اعتبر فيه كتاب ونقاد ومخرجون مسرحيون أن مشهدية كتابة النص المسرحي في الاردن انبثقت من كواليس الكتابة السردية وسياقات السعي نحو الجوائز ولم تتكرس كحالة إبداعية متفردة بخصوصيتها، تفرض حضورها كحالة احترافية وتترسخ في ذاكرة المتلقي على المستويين المحلي والعربي اسوة بكتاب مسرح في الاقطار العربية الاخرى، رأى آخرون أن النص المسرحي الاردني يمتلك أدوات الابداع ويشهد تصاعدا نوعيا وباحترافية عالية ويفرض حضوره عربيا.
عميد كلية الاداب في جامعة فيلادلفيا الناقد الدكتور غسان عبدالخالق قال لوكالة الانباء الاردنية(بترا)، "مع ضرورة التذكير بكل المعوّقات الكلاسيكية التي تحول دون نهوض المسرح العربي، وجلّها يتمثل في استحقاقات البنية التحتية والتمويل والتسويق، فإن المعضلة الجوهرية التي تحول دون انبعاث المسرح العربي مجددا، تتمثل في النص ثم النص ثم النص، وعلى نحو يمور بالعديد من المفارقات".
ورأى مؤسس مهرجان مسرح فيلادلفيا الجامعي الناقد عبدالخالق، أن المكتوب المسرحي المتداول الآن، لا علاقة له بالواقع العربي في الحالين؛ سواء أكان ذهنيا تجريديا فلسفيا أم أكان تهريجيا تنفيسيا شعبويا.
وبحسبه أن ما فاقم من وقع هذه المعضلة، معايير الجوائز والمهرجانات التي راحت تغذي الهروب للأمام عبر مكافأة التجريد أو الهروب للوراء عبر مكافأة الفرجة.
وقال "أحسب أننا الآن في امسّ الحاجة لنصوص مسرحية واقعية جريئة تناقش أزمات المجتمعات العربية دون تعقيد زائد أو تسطيح ممجوج". وقال الكاتب المسرحي جبريل الشيخ "لا يأتي الكاتب المسرحي المتمكن من أدوات حرفته، بناء على مذكرة داخلية، يصدرها مدير عام، لأحد محاسيبه، أو محاسيب مؤسسته، بأن يصير كاتبا دراميا، لا يشق له غبار، تماما مثلما أن كليات المسرح، في الجامعات الأردنية وغيرها، عاجزة تماما، عن "تفقيس" كتاب دراما مرموقين.
واضاف مؤلف مسرحية "تغريبة زريف الطول" التي اخرجها الراحل هاني صنوبر، انه يمكن للأكاديمية أن تدفع بأساتذة في الدراما، ومخرجين، إلا أن المؤلف ينبثق من خلال سياقات خاصة أولها امتلاك خلايا في الدماغ، قادرة خلقيا على صياغة قصة في حدث مرئي، تراه يحدث في العرض على خشبة المسرح، وليس رواية أو إذاعة،وثم امتلاك جماليات اللغة، فصيحة وعامية، لأن المسرح أصلا جزء من علم الجمال، مثلما أن بقية عناصر المسرح، من ديكور وأزياء وماكياج، وغير ذلك، جزء من القصة، وليس نافلة، أو مجرد قطع أعجبت صاحب الشأن، ولا علاقة لها بالحدث، لأن كل هذه العناصر لغة تعبيرية، غير منطوقة، إضافة إلى لغة النطق.
الشيخ الذي فاز نصه المسرحي "الحاذق" عام 2016 بجائزة وزارة الثقافة للابداع لافضل نص مسرحي مناصفة، اعتبر انه من الطبيعي أن يصير الحال بائسا في الأردن، عندما يتصدر الكتابة المسرحية الدرامية من لا يمتلك أدواتها، سواء كان من الناشئة، أو من غيرهم.
وبدوره قال المخرج الدكتور عبدالسلام قبيلات؛ إن الاردن حاليا يفتقر لكتاب مسرحيين، وبالتالي، لا مجال للحديث عن وجود نصوص مسرحية او حتى محاولات للكتابة في هذا المجال، لافتا إلى أن النص المسرحي له شروطه الفنية التي تميزه عن أي شكل آخر من أشكال الكتابة.
وأضاف "إن الحالة التي شاهدناها أخيراً حول تسابق بعض الروائيين للتصدي لكتابة نصوص طرحت على انها مسرحية، هي في حقيقة الامر ليست نصوصاً مسرحية، بل هي نصوص أدبية ممعنة في الأسلوب الشاعري الإنشائي، وتفتقر لمعظم الشروط الفنية للنص المسرحي".
وبحسب مؤسس ومدير عام مسرح الشمس في عمان، فإن كُتاب تلك النصوص لا يدركون ان المسرح هو فعل درامي بالدرجة الاولى وخط فعل متصاعد يرسمه تطور الصراع المشروط بدوره بحركة فعل الشخصيات في سياق طبيعتها النفسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، وفي سياق الظرف المكاني والزماني، اي حركتها في علاقة مع ذاتها ومع محيطها من شخصيات واحداث. قبيلات الذي رأى ان ما يجري عادة في نصوص الروائيين، هو تحكم الفكرة التي تدور في ذهن كاتب النص بحركة الشخصيات بشكل قسري ومباشر، اي حسب رغبته، وبهذا يفرز نصاً مفبركاً، بعيد كل البعد عن شرط الصدق الفني الذي هو ركيزة أساسية من ركائز العمل الفني بشكل عام، اعتبر أن ظاهرة المهرجانات والجوائز اساءت للمسرح، بسبب سيطرة الإداريين في وزارات الثقافة العربية، فازدهرت ظاهرة الانتفاع المبنية على العلاقات العامة، وبالتالي غياب الموضوعية في المهرجانات والجوائز، وبالنتيجة غاب المسرحيون الحقيقيون.
"لامجال أمامنا الا الاعتماد على الاعمال المسرحية التي تهدف الى المواجهة مع الجمهور عبر عروض متواصلة" أكد قبيلات الذي خلص الى انه "حين تنتهي الممارسة المفروضة بالعرض الواحد، لن تصمد النصوص المزيفة ولا الاعمال المسرحية الضعيفة، وسيبقى المسرح".
الكاتب والباحث المسرحي منصور عمايرة قال "ثمة كتابة مسرحية أردنية، تتحدد في عدد قليل من الكتاب الأردنيين، الذين يكتبون للمسرح، وتجاوزوا الكتابة المسرحية إلى السرد، أو جاء بعضهم من السرد إلى المسرح".
ووفقا لعمايرة؛ الكتابة المسرحية في الأردن انبثقت من منحيين؛ الاول منها ما كان مكرسا كرؤية إبداعية مسرحية ترجع إلى الكاتب، ومهما كانت مآلات هذه الكتابة، فقد تكون نصوصا مطبوعة، ولم يكشف عنها على خشبة المسرح، وهنا نتحدث عن النص المسرحي كنص إبداعي، وهناك نصوص أخرى عرضت على الخشبة لكتاب مسرحيين أردنيين داخل الأردن وفي البلاد العربية بما يخص مسرح الكبار ومسرح الطفل، والثاني؛ كان نتيجة عوامل أخرى تندرج في إطار الجوائز المسرحية العربية، التي شكلت ظاهرة الكتابة المسرحية، لتشارك في الجوائز، وتظهر بالتالي النصوص الفائزة على خشبة المسرح الأردني والعربي. وارجع اعتماد الكاتب المسرحي الاردني على ذاته بالانتشار والسعي لتظهر نصوصه المسرحية على الخشبة، لمحدودية دور وزارة الثقافة في دعمه.
وحمل، المخرج الاردني جزءا من مسؤولية تغييب حضور النص المسرحي الاردني عربيا، كونه يلجأ إلى نصوص مسرحية غير أردنية، و"كأنه يتملص من مسؤوليته الثقافية المسرحية الأردنية".
واعتبر ظاهرة تصدي عدد من حديثي التخرج من تخصصات الفنون الدرامية في الجامعات الاردنية لكتابة نصوصهم المسرحية لا تخدم الإبداع المسرحي الأردني، ورأى أن غياب تدريس فنون الكتابة الابداعية والنقد المسرحي في الجامعات الاردنية يساهم في تفاقم المشكلة.
وقال استاذ المسرح في الجامعة الاردنية، رئيس منتدى النقد الدرامي الناقد الدكتور عمر نقرش إن" النص المسرحي يعد رأس المال المتحكم في آفاق الإبداع والتجريب للتجربة المسرحية، لذلك فإن الرهان يجب أن يكون على مسرح النص، المكتوب بشروط الإبداع الذي يستفز المخرجين الوصول إلى قراءة مشهديه بصرية، ويتطلب هذا بالضرورة من اصحاب الاختصاص وقفة متأنية ودقيقة على ملامح مشهد الكتابة المسرحية العربي والمحلية، بتعدد مضامينها والآفاق التي ارتادتها، ويستدعي بالمقابل تساؤلات لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها تناقش وتفرز بموضوعية وعلمية الغث والسمين من النصوص.
واعتبر ان احد اهم الاسباب لضعف التأليف المسرحي وغياب حضور النص المسرحي الاردني عربيا، غياب الورش والدورات التدريبية والتطبيقية لفن تقنيات التأليف والاعداد والدراماتورجية في إطار للبحث والتجريب والإبداع انطلاقا من منهجية دقيقة تسمح بالاندماج في عملية إنتاج حكايات ونصوص درامية مصغرة وتوظيف تمارين ذهنية تهدف إلى التحفيز على الرغبة في الكتابة وتوسيع مجال المخيلة والوعي بشروط فعل الكتابة.
ورأى انه عندما نتحدث اليوم عن الكتابة المسرحية الجديدة فإننا بالضرورة نتحدث عن فسيفساء من النصوص ظهرت في مراحل مختلفة، لا يجمعها تصور متجانس للمسرح،
ولا تسندها نظرية مسرحية واحدة، وإنما تلك الرغبة في كتابة المسرح بطرق مغايرة تخرج عن دائرة المفاهيم والتصورات التي تجعل من المسرح "أدبا دراميا" أو ضربا من "الكتابة النصية".
ولفت إلى أن الثقافة المسرحية الجديدة بدأت ترسخ منظورا مختلفا إزاء المسرح هو بمثابة فضاء لـ "صناعة العرض" أولا واخيرا، مما جعل قضية "النص" قضية نسبية وثانوية.
ووفقا لنقرش "ما سبق يحلينا الى موضوعة تقويض سلطة "الكاتب" لتحل محلها سلطة "الدراماتورج" الذي يبيح لنفسه التصرف بحرية، وبمغالاة أحيانا، في نصوص الآخرين ضمن هواجس فنون العرض وإكراهات التمسرح، إلا أن المثير للانتباه في التجربة المحلية التعاطي مع هذه الإمكانية المتاحة لمسرحة كل شيء، هو سقوطها في بعض الحالات، في مطب خيبة التلقي التي أصابت المشهد المسرحي المحلي".
"وهذه الظاهرة أفرزت نصوصا غير قابلة للنشر، وبالتالي للقراءة، لأنها ضرب من الكتابة العابرة التي تنتهي صلاحيتها بنهاية العرض"، بحسب نقرش الذي يرى انها قد تفسر لماذا ضاقت مساحة نشر النصوص المسرحية في وسطنا الثقافي، بالرغم من تعدد المهرجانات، الا انها لم تفرز أدبا دراميا غنيا قابلا لأن يترسخ في ذاكرة المسرح العربي، بقدر ما أفرزت نصوصا مقتبسة أو معدة دراماتورجيا أو مكتوبة من أجل العرض وليس القراءة، وبالتالي فهي ذات صلاحية محدودة في الزمان والمكان، لذلك نلاحظ غياب ذاكرة راسخة للكتاب المسرحيين كما هو الحال في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ومن جهتها اعتبرت استاذة الادب العربي في جامعة الزيتونة والمتخصصة في أدب النص المسرحي الناقدة الدكتورة صبحة علقم أن الحديث عن الكتابة المسرحية في الأردن يشتمل على 3 جوانب؛ الاول منها ارجعته لضعف الكتابة المسرحية في الوطن العربي عموما، وفي الأردن تحديدا، مشيرة إلى انه في الوقت الذي نجد المئات من الروائيين العرب الذين رفدوا مكتبة الأدب العربي بمئات الروايات الجيدة فازت واصحابها بجوائز عالمية مرموقة، نجد أن مكتبة الأدب المسرحي ما زالت هزيلة، ولعل هذا وإن كان ظاهريا أمر يدعو إلى اقتحام ميدان الكتابة المسرحية.
كما ارجعت سبب قلة الممارسين للكتابة المسرحية او العزوف عنها إلى ان الشهرة التي تحققها الكتابة السردية تفوق "المسرحية"، لكثرة جوائزها وملتقياتها واقبال النقاد على دراستها، مشيرة إلى أن الكاتب الأردني جزء من موجة توجه نحو الكتابة السردية للأسباب السابقة إضافة لصعوبة الكتابة المسرحية التي تتعلق بالعرض وما يفرضه على الكاتب من معرفة ودراية لا يمتلكها اي كاتب.
أما الجانب الثاني بحسب علقم مؤلفة كتاب "المسرح السياسي عند سعد الله ونوس"، يتمثل بعدم وجود ثقافة مسرحية تعزز من اهتمام النشء بهذا النمط من الكتابة،
مشيرة إلى ان مدارسنا لا تدرس مادة المسرح ولا توجد مسارح في الكثير منها كما هو موجود في دول المغرب العربي ومصر والخليج العربي.
ورأت انه في الوقت الذي تبذل المدارس جهدا في تعزيز قدرة الطالب على السرد والقص من خلال النشاطات المختلفة، نجدها تكتفي ببعض العروض المسرحية "الخدمية" بحسب وصفها والتي تأتي في سياق مناسبات وقضايا اجتماعية وسياسية معينة، علاوة على أن ما يقدم" تمسرحا" للطلبة في المدارس نجده مرتبطا بـ"التهريج والغناء"، فلا يشعر الطلبة أن المسرح فن جاد ومهم، فيما الجامعات لا تغادر ذلك كثيرا فلا تدرس مادة الأدب المسرحي أو الكتابة الإبداعية المسرحية حتى في اقسام اللغة العربية التي تزخر فيها جامعتنا علاوة على غياب الاهتمام بعقد دورات متخصصة في الكتابة المسرحية كالتي تقام دوريا في مجال الكتابة السردية.
واعتبرت أن هناك اسماء أردنية معروفة في مجال الكتابة المسرحية عربيا ومنها جمال ابو حمدان وغنام غنام ومفلح العدوان وهزاع البراري؛ وحصلوا على جوائز مهمة وتم تحويل نصوصهم المسرحية إلى عروض جابت العالم و"لكننا للأسف لا نحتفي بمبدعينا ولا نقدر ابداعهم" .
ودعت لتفعيل الثقافة المسرحية لتكون جزءا من مناهجنا الاكاديمية والحياتية من اجل تخليص المسرح الأردني من بعض النصوص التي تقدم من أجل الحصول على مشاركات في مهرجانات لبعض المخرجين الذين يحتاجون وكتاب النصوص إلى فهم الظاهرة المسرحية التي هي مظهر من مظاهر رقي الشعوب.
وفي معرض استحضاره لتجربته كنموذج حول انتشار النص الاردني عربيا قال مسؤول النشر والإعلام في الهيئة العربية للمسرح الكاتب والمخرج المسرحي غنام غنام انه من المؤكد أن الكاتب الأردني الراحل جمال أبو حمدان قد امتلك قلماً إبداعياً كان هو السبب بأن تتبناه الطلائع التقدمية في الثقافة العربية، والتي حملت كتاباً مثل سعد الله ونوس ويوسف إدريس والطاهر وطار وعبد الكريم برشيد، الذين امتلكوا حرفة الكتابة بامتياز، لذا انتشروا وانتشرت أعمالهم.
وغنام الذي حصل على العديد من جوائز التأليف المسرحي منها مسرحية "كأنك يا بو زيد" في مهرجان المسرح الأردني1996 و"ظلمة النور" في مهرجان المسرح الأردني 1998 وجائزة وزارة الثقافة للإبداع في التأليف المسرحي 2016 مناصفة وجائزة الفنان العربي المتميز، مهرجان أيام الشارقة المسرحية 2018، عن تأليف وإخراج مسرحية "ليلك ضحى"،بين أن الساحة العربية استقبلت العديد من الأقلام الأردنية المبدعة، خاصة في الدراما التلفزيونية.
واستعرض غنام الحضور الكبير لنصوصه المسرحية التي قدمت على خشبات المسارح العربية ومنها "ليالي الحسينية" عام 1996 والذي كان من أنجح عروض موسم رمضان، وفتح الباب أمامه لتقديم عديد النصوص في المسرح المصري، واشهرها "خمس دمى وامرأة" و "ظلمة الإمبراطور"، وفي المغرب، قدمت الفرق المسرحية هناك عدداً
من نصوصه وبنجاح لافت، أشهرها "بدرانة" بعنوان كلام الليل، و"صباح ومسا"، وفي الجزائر قدمت بعض الفرق عدداً من نصوصه وأبرزها "بدرانة"
بعنوان "ليلة إبليس والحبيب المجهول"، علاوة على العديد من نصوصه التي قدمت على خشبات المسرح في فلسطين ولبنان وسورية والعراق والكويت والامارات وسلطنة عمان.
ولفت إلى انه في عام 2017 تمت ترجمة نصه "ليلك ضحى – الموت في زمن داعش" إلى اللغة اليابانية وقدمت قراءات له ونظمت له ندوات في طوكيو عام 2017،
وان العمل سيعرض في شهر تموز المقبل في مسرح سيتاما بطوكيو بحضوره.
وعبر غنام عن إعتزازه بأن نصوصه تدرس في عديد من الجامعات العربية، كما كانت موضعاً لرسائل وأطروحات رسائل جامعية عديدة.
وقال رئيس مختبر السرد الاردني الكاتب مفلح العدوان إن العقدين الأخيرين في الأردن شهدا نقلة في الكتابة المسرحية، نوعا وكما، فقد زاد عدد الكتاب المسرحيين، كما أن منجزهم الكتابي تمت مسرحته على خشبة المسرح وشاركوا في مهرجانات وجوائز محلية وعربية، كما تمت طباعة ونشر كثير من هذه النصوص.
ورأى الحاصل على المركز الاول في جائزة المسابقة الدولية لنصوص المونودراما باللغة العربية عن نصه "مرثية الوتر الخامس" بالفجيرة عام 2015،
أن ما تحقق في هذا المجال يشكل نقلة في الاتجاه الصحيح، إضافة إلى الدور الإيجابي لكليات الفنون، والفرص المتاحة لمزيد من الإنتاج المسرحي، فكل مسرحية بحاجة الى نص وإلى كاتب للنص.
وبحسبه انه رغم أن كثيرا من الكتاب تحولوا الى الكتابة المسرحية من اجناس إبداعية أخرى، كالرواية والقصة، إلا انهم استطاعوا أن يعطوا دفعة للكتابة المسرحية.
ورأى العدوان أن لدينا في الاردن أسماء تكرست في كتابة المسرح، وراكمت على إنجازها، وحققت حضورها، وان هناك جيلا من خريجي الدراما قادر على كتابة النص المسرحي، مع أنه من المفروض أن تكون مادة الكتابة المسرحية حاضرة بقوة في المؤسسة الأكاديمية، داعيا لاتاحة الفرصة لهؤلاء الخريجين لتحقيق ذاتهم في المهرجانات والنشر والإعلام.
وقال انه إذا قارنا حال ساحة كتابة النص المسرحي في الأردن مع ساحات عربية أخرى، فالواقع لا يختلف كثيرا، هناك متغيرات كثيرة حكمت الحالة المسرحية والكتابة،
وقضية تكريس كاتب في تخصص معين في الكتابة المسرحية، لعلها تكون موجودة قبل عقود، لكن في الفترة الحالية أظن ان هذه الحالة غير موجودة، ولعل الانزياح نحو السيناريو يمكن أن يكون مكرسا بشكل أكثر من المسرح.
ورأى انه مع أن يبقى الكاتب المسرحي مبدع حر في خياراته الكتابية، وحالة الكتابة هي نبض إبداع، وتلك الدفقة من الممكن أن تتوجه إلى المسرح لكن المبدع المسرحي يستطيع أن يمسرح منتجه الإبداعي السردي أيضا، ويكون هنا تجسير بين الابداعات، بين السرد وبين المسرح، وهنا تكون إضافة إيجابية أخرى.
أمين عام وزارة الثقافة الكاتب هزاع البراري قال إن الكتابة المسرحية هي الأساس في المسرح منذ فجر هذا الفن العريق، حتى أن الكتابة سابقة على المخرج والتمثيل والعناصر الأخرى، وهو أي الكاتب من كان يقوم بدور المخرج، ومع تطور المسرح برزت التخصصية أكثر وهذا ليس عيبا بل يعد متطلبا أساسيا في النهضة المسرحية.
والبراري الحاصل على المركز الاول بجائزة الهيئة العربية للمسرح، فئة النص الموجه للكبار، للدورة التاسعة عام 2017، عن نصه "زمن اليباب"، رأى أنه مع بدء ارتباط العرض المسرحي بالمخرج باعتباره أب العمل وربانه، تراجع إعلاميا دور وحضور الكاتب المسرحي في المشهد وفي الحركة النقدية، وبالتالي ساهم في تراجع عدد الكتاب وهجرة عدد منهم باتجاه الرواية والقصة، مما خلق حالة من عدم التوازن في الحركة المسرحية، وهي ظاهرة عربية وتتمظهر اكثر في الأردن، إذ يعامل أو ينظر للكاتب باعتباره هامشا للعمل المسرحي أو مجرد بطاقة مرور لدى الجهات الإنتاجية.
ودعا لإعادة التوازن في العلاقة وعودة الكاتب باعتباره أحد أهم أركان الفعل المسرحي، وأن تكون الحركة النقدية منصفة ومنطلقة من النص المكتوب باتجاه نص العرض والابجديات الأخرى للعرض.
وقال إن هناك اسماء أردنية مكرسة ككتاب مسرح رغم قلتها، وأسماء زائرة تطل على المسرح وتختفي، وندرة من المخرجين من نجح في كتابة نص مكتمل، فكثير منها توليفات من نصوص عالمية وعربية، وهذه لا تنتج نصا قابلا للحياة بعد العرض.
وأكد البراري أن وزارة الثقافة تقوم بنشر كل ما يصلها من نصوص مسرحية إن حققت شرط النشر، وهو الجودة والأصالة، وما ينتج هو قليل وما يحقق شرط النشر أقل من القليل، مشيرا إلى أن الوزارة قامت بتأسيس مكتبة للنص المسرحي المحلي في مديرية الفنون والمسرح وهي تتطور. ودعا جميع الكتاب لإيداع نسخ من نصوصهم في هذا المكتبة للتوثيق ولتكون متاحة للمخرجين.
أما فيما يتعلق بدور الوزارة بترجمة نصوص ودراسات نقدية مسرحية من اللغات الأخرى، بين ان الامر مرتبط بارتفاع كلفة حقوق الترجمة والنشر، وجودة الترجمة، معربا عن ترحيب الوزارة بأي ترجمة ناجحة وضمن حقوق الملكية الفكرية لكي تنشرها للمسرحيين والمهتمين.
__
عمان (29 – أيار "بترا" من مجدي التل)-
إرسال تعليق