علي أبو عجمية يكتب:
المثقف اليوم ليس مزعجا لأحد سواه. وهو،
بالضرورة، ليس أكثر من كائن فرداني يمتهن الكتابة الاحتجاجية الساخرة أو يفضل
عليها الصمت المعرفي والانعزال الرصين. لكن يمكنه أن يصير أداة لتلميع واجهات
المؤسسات الزجاجية القائمة على فكرة تحولات السوق: عرض وطلب واستعراض. ولذا، يمكن
اعتباره، أيضا، بيدقا متقدما في حالات الاحتراب السياسي وعنصرا فاعلا في مراكز
الجذب حيث يجري استخدامه أولا، ثم التضحية فيه ثانيا، في أعمدة الصحافة المرئية
ووسائل الإعلام الحديثة.
إننا ننظر إلى المثقف العربي نظرة رومانسية مبالغا فيها؛ بطلا أخلاقيا ومخلصا وجوديا.
ولذلك، بالتأكيد، أسباب كثيرة. ليس أولها الهزيمة، وليس آخرها البنية العاطفية الهشة للإنسان العربي وبساطة تناوله لأفكار التغيير في مجتمعات مستلبة العقل والإرادة. يضاف إليها الزينة القشرية للمثقفين أنفسهم. لا سيما من حاصروا الثقافة بما نظّر له وكرّسه أنطونيو غرامشي وإدوارد سعيد. لقد توقفوا هناك وتنازلوا عن القول الجديد في الثقافة العربية الخاصة في إطار التحولات المكانية والسياقات الزمنية.
الأفكار ليست ملقاة على قارعة الطريق كما يقول الجاحظ.
الأفكار بحاجة إلى من يشق لها طرقا جديدة، لا من يتناولها بالخصوصية أو التقليد ولا من يلتقطها عن قارعة الماضي ويبشر بها للمستقبل.
__________
عن صفحة الشاعر الشخصية ( فيس بوك)
إرسال تعليق