حكمت النوايسة يكتب: سأحفظ الشجرة لأنّها ليست لي على الأقل
سأحفظ الشجرة لأنّها
ليست لي على الأقل:
ألقى حرجا شديدا في تقريب ما أكتب كي أفهمه،
ولكنني أصل إليه متأخرا، متأخرا كثيرا، هذا إحساس يخيفني من الكتابة، ويخيفني من
الكتابة المجانية... لكنّه الإحساس الذي يدفعني الآن إلى القول: أنا دائما أصل
متأخرا كثيرا جدا
على أي حال: لقد وصلتك أيتها اللغة، وصلتك الآن، وسأعترف بك وبك سأعترف، أنّني لم أصلك بعد؛ فبيني وبينك كثير من الأسئلة، وكثير من الثقافة، وكثير من الوعثاء، والليل والخيل والبيد... هل عليّ أن أتوقّف في الحرف والحرفين والكلمة، وأنضو عنها ما حملته على أكتافها، وما استترت به في تبدّل المقامات، فهي مرّة للإفصاح ومرّة للإخفاء، ومرّة جوهرة، ومرّة (لطعة) قبح في وجه عروس، أين أضعها وأنا أتلمّس لقدمي مكانا في قوم أكاد أعرفهم، أو يكادون يعرفونني؛ فالسحنة، حتّى السحنة، لم تعد تلك المعضلة في ظل الصناعات الأخرى التي احترفت تغيير السحنات والملامح، ولا حتى الحكم البليغة التي كانت بضاعة البلغاء، فهي الآن في متناول الأيدي، يرسلها إليّ من لم يقرأ في حياتة سطرا، ويرسل معها باقة ورد تعب آخر في صنعها على الـــ (فوتوشوب).
هل أنا لغتي؟
إن كان ذلك كذلك، فما لغتي؟
هل هي العربيّة؟
إن كان ذلك كذلك، فأي عربيّة؟
كل ما أعرفه، أنني الآن، في هذا الظرف والزمان، عندما أفكّر لا أستخدم العربيّة، وإنما أستخدم لغة أخرى، أخرى تماما، هي خليط من عربية وإنجليزية، وفرنسية لا أتقن حتى أبجديتها، أو تهجئة حروفها... وهذا من أغرب ما يكون لإنسان، أن يفكر بلغة لا يعرفها ولا يعرف عنها شيئا...
سؤالي الحائر الآن: من أنا وما لغتي؟
أحسد أولئك الذين يطمئنون إلى يقين معرفتهم
أنفسهم، أو معرفتهم لغتهم، ويبدو لي أنّني أمارس غموضي هنا، غموضي التام، مع أنّني
أشكو من هذا الغموض، ولكن ما الذي أملكه أو أستطيعه عندما أحاول تفسير شيء لم
أفهمه بعد... إنّني (أتعربش) مرّة من هنا ومرّة من هنا، ومرّة بهذه الطريقة، ومرّة
بهذه الوسيلة، علّي أصل إلى الطريقة المثلى التي يمكن لي بها أن أصل إلى الثمرة في
الأعالي دون أن أقطع الشجرة.
إرسال تعليق