-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

مخطوطٌ لعتابِ الشجرة.. / الشاعر د. عبد القادر رابحي

 


أهُمَا خُطاك وأنتَ ترحلُ فجأةً ..!
أهُمَا جبينُك والطريقُ !
تمرّ أنتَ
ولا سحائبَ
- أيّها الوقتُ الكسولُ-
ولا جِرابَ تفيضُ في حِجر المساءِ
وها أنا وحدي،
مزاجي خرقةُ الصبَواتِ
والأجراسُ ماءُ سريرتي..
أهُمَا يداك تلوّحان إلى الغروبِ؟
أأنْتَ فعلاً في المجازِ !؟
تمُرُّ أنتَ
ولا شتائلَ في بيوتِ النّمل،
لا أعشاشَ في خِدر القصيدةِ..
ها أنا وحدي..
تَذَكّرْني قليلا..
ربّما تتسلّق الأنهارُ أوراقَ البهاءِ
وربّما في كَهْرُمَانِ الجرح ما يشتاقُهُ الغيمُ النّديّ ..
فلا تكلني للمساء..
هناكَ شمسٌ عند أسرابِ التّلال..
هناك أقمارٌ ترابطُ في فناءِ الظلّ،
أنهارٌ تطرّزُ ظلمة الأنواءِ،
أشعارٌ مكدّسة،
بقايا حِنطةٍ،
قمْحٌ
خزائنُ فضّةٍ،
أرَضَاتُ شوقٍ تقضمُ البابَ الحزين..
هناك أقْماطُ الرّضيع البِكْرِ،
مهدٌ في شقوق النّهر ينسجُ من أراجيحِ السّماء تقيّةَ
وهناكَ أقلامٌ
ومِحبرةٌ
ومخطوطٌ ينامُ على السجيّة في تجاعيدِ الوسادة،
كيْف أقرأ؟
ديرُ عُبّادٍ جَبينُك أيّها الوقتُ الكَسول،
بُهاقُ هذا الطّفل في حِبْر المشيمةِ أنتَ،
يقطينُ النجاة من الحنين،
شراهةٌ قصوى..
أدُقُّ
ولا مُجيبَ..
أشدُّ رحْل الماء يجهش بالغناء
ولا صدىَ..
أهُما جبينك والطريق !؟
أأنتَ فعلا !؟
أيّها الوقتُ انتبِهْ لفجيعةِ الأسْماءِ
كنْ لبِقًا،
تريثْ
أين تذهبُ..!؟
كنْ معي في لوثةِ العثراتِ..
لا تنسَ الغدَاءَ..
هناكَ أوديةٌ تراودُ غفوة اليعسوبِ
أنهارٌ من العسَل اليَكادُ يكونُ حُرًّا،
طلحُ ذُكّارِ الكرومِ اليائسات،
هناك معنًى نافرٌ ينحازُ،
أسئلةٌ تُعاتبُ،
بسمةٌ تشتاق،
أوكارٌ من الفحوى،
ضفادعُ في عيون اللّيل ترقبُ خطوةَ الطّيف الغريبِ،
عواءُ ذئب جائع يتلو مزاميرَ المساءِ على فلول الماكثين،
خيوطُ نسْج هيّنٍ فوق العرينِ،
دموعُ أقْنانٍ تحنُّ كما يحنُّ اللّقلقُ المشتاق للتّبنِ القديم..
ألستَ قلبًا نابضًا يا أيّها الوقت الكسولُ !؟
ألستَ أنتَ كما يراكَ العابرونَ
وأنتَ باقٍ!
أينَ تمضي الآن؟
كنْ لبِقًا قليلا
أيّها الوقتُ الكسولُ
تفقّد المعنى،
تعَلّمْ حكمةَ الإصغاء من تنهيدةِ اليرَقاتِ،
من أثر الفراشة في سرير الوحْمِ،
كنْ لبِقا،
تمهّلْ
وامتثلْ لنشيدِ إكليل الجبالِ
للوعةِ الينسونِ،
للكلمات تزحفُ نحو مثواها الأخير..
ترقّبِ الآتينَ،
رتِّبْ هذه الغُرفَ البهيّةَ
دلّلِ الأقمارَ..
ها أنتَ الوحيدُ
(وأنت تعرفُ..)
ليس في الأوطان ما يُغري
وليس لهذه الأرض الطّرية غير كأسٍ لا تروقُ..
فكيف تتركُ هذه الأشجار عاريةً
وتمضى كاليتيم
على أصابع أرجلٍ حيرى!؟
تريثْ في الوداعِ
ولا تفُتْني هكذا..
يا أيّها الوقتُ استمعْ لسلاحِفِ الصّمت البطيء
تدب في ضلعي،
تئوب من البياضِ
وئيدةٌ نبضاتُها الأولى..
انتظرْنِي لحظةً
حتّى أراك وأنت ترحلُ في التراب
بلا جِرارٍ،
دونَ سابق غيمةٍ،
من دونِ طِرْسٍ..
يا أيّها الوقتُ استشرني
ربّما أهديك ما تذروه أحصنةُ الرّماد،
وكنْ رحيمًا حينما تنوي مغادرةً
وقلْ- قبل الوداعِ-:
إلى اللقاءْ..
- النص-سعيدة في:08/02/2025 .

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016