أثر المرأة في
"أريد أن أقتل الحزن"
جواد العقاد
أريد أن أقتلَ الحزن لأجلكِ "
أقتلَ الموتَ والحربَ
ألعن الأوسمةَ والقادة
أرجو الضحايا أن يعودوا لو سنابل بين أصابعكِ
أبني البيوتَ في عناقٍ طويل..
يا صديقتي
سأعيد لكِ السماءَ زرقاء
البحرَ حنوناً
الياسمين ضاحِكاً في سِير العشَّاق..
لا أريد شيئاً،
فقط.. أعيد العالم دافئاً كيدكِ إذ تمسِّد
شَعري
مدهشاً كقلبكِ يتدفق في شِعري"
ما يجري من إبادة في غزة لا يمكن وصفه، ولا
يمكن أن يعبر عنه إلا من هو داخلها، فالحضور الحقيقي/الواقعي هو الأصدق للتعبير
ولإيصال حقيقية ما يجري، وبما أن الأدباء/الشعراء يتأثرون بسرعة وبصورة أكبر وأكثر
من الآخرين، فهم الأقدر على التعبير عما يعيشه أهلنا في غزة من ويلات.
"جواد العقاد"
الشاعر الصوفي لم يعد يقدر على البقاء في (صومعته) فما يشاهده من قتل وجثث وأشلاء،
وما يسمعه من دوي انفجارات وانهيار عمارات وبيوت، أجبره على أن يكون حاضرا بين
شعبه.
وبما انه شاعر فهو يستخدم القصيدة كأداة
للتعبير عن الواقع، ولإيصال حقيقة ما يجري للقارئ، يبدأ القصيدة بمخاطبة (الحبيبة)
ويخبرها بالأفعال القاسية التي يريد القيام بها: "أقتل (مكرر)، ألعن"
والقتل واللعن متعلق بحالات وأحداث قاسية: "الحزن، الموت، الحرب" بمعنى
أن ما دفع الشاعر (الصوفي/المسالم) للإقدام على أفعال قاسية هو الحفاظ على
(الحبيبة) التي نجدها في: "لأجلك" ونلاحظ أن الشاعر يُقدم على فعل جميل
"أبني البيوت" بعد أن ذكر "أصابعك" والأصابع/اليد تعد أحد أهم
أدوات البناء، فأصابعها حولت مجرى الأحداث/الحالات القاسية: "أقتل، الحزن،
الموت، الحرب، ألعن الأوسمة، القادة إلى حالة مناقضة يعمها الفرح والبياض، من هنا
جاءت كافة الألفاظ والأفعال والحالات ناصعة البياض.
لكن هذا البياض منه ما هو متعلق بالبناء
المادي: "أبني البيوت" ومنه ما هو متعلق بما هو روحي: "عناق طويل،
سأعيد لك السماء، البحر حنونا، الياسمين ضاحكا، العالم دافئا: وإذا ما توقفنا عند
الطريقة التي جاء فيها البياض سنجد أن الشاعر بدأ بما هو مادي/البيوت، وهذا يتناقض
مع كونه شاعرا الذي يفترض أن يبدأ بما هو روحي/جمالي/عاطفي، لكن الواقع هو من فرض
هذا الخروج، فحجم الدمار وعدد البيوت والأبنية المهدمة فرض على الشاعر أن يبدأ بما
هو مادي/البيوت، وهذا يتوافق مع الحقيقة الاجتماعية التي تقول إن تطور الإنسان
متعلق أولا بالاستقرار في البيوت، ثم باستخدامه الكتابة، فبعد أن بنى البيوت تدفق
الشعر فيه وخرج من الحزن والموت والحرب، ما خاتمة القصيدة:
"يتدفق في شعري"
إلا تأكيدا لخروج الشاعر من الحزن والموت والحب إلى الكتابة والشعر.
وبما أن المرأة هي (دفعت/حثت) الشاعر ليتخلص
من السواد "الموت، الحرب" ومن ثم ليستعيد عافية كشاعر وكصوفي لا ينطق
إلا بما هو جميل، وهذا يقودنا إلى أنها مُوجدة للفرح/للخير/ للشعر.
إرسال تعليق