نبيل أبو حمد في
روايته عازف الغياب
"عازف
الغياب" (رواية سيريالية) تتناول سيرة حياة فنان يظهر وهو يحمل لوحة من
القماش (الكانفاس) وعقله منشغل بالألوان والأشكال التي ينوي أن يمليها على بياض
القماش وعندما يحاول العبور للوصول إلى المقهى في الضفة الأخرى من الشارع حيث
ينتظره فنجان "الكابتشينو" كعادته كل صباح؛ تأتي سيارة مسرعة وتقذفه
بمقدمتها طائراً في فضاء عبثي مليء بالجنون والضياع.
عبر
هذا الحدث الفجائي "الاصطدام"، يرسم الكاتب لأحداث روايته فضاءً مجازياً
لا وجود له في الواقع المحسوس. فالراوي "عازف الغياب" وهو - بطل
الرواية - سوف يدخل في غيبوبة لا يفرّق فيها عقله بين الواقع والخيال، وليجد
نفسه على ظهر ببغاء تحمله وتطير به بعيداً، خارج المكان والزمان، ومع كل محطة
يتوقف عندها، يتغير حاله ويقابل أناساً مختلفين في صورهم وأشكالهم، ومنهم الزعماء،
والملوك، والكتّاب، والشعراء، والحكماء، والملائكة، والشياطين، والحيوانات،
والطيور وغيرهم من الناس العاديين. لكن عند الحديث معهم يتحولون إلى أشكال غرائبية
غير مألوفة، ويمارسون أفعالاً خارج المعقولية، وربما أراد الروائي هنا من وضع
شخصية "الفنان - عازف الغياب" على مفترق طرق بين النجاة والهلاك،
وإدخالها في عالم غرائبي للتعبير عن أزمة الإنسان المعاصر وخيبته في تحقيق ما تصبو
إليه ذاته داخل العالم الحقيقي؛ كما يكشف هلاكها عن شعور مليء بالعدمية واليأس.
"أجهزة المراقبة الصحية
تشع بالأحمر.. رنين يهزُّ ماكينات المتابعة للنبض.. المؤشر يتهالك يخبر بنهاية
الأنفاس.. يسأل المعونة.. يسأل أن يهرع أي كان.. فعلاً تهرع الممرضات.. يهرع مسؤول
المراقبة.. يطلب الاختصاصي.. ويطلب طبيب القلب.. كلهم التفوا حول الغائب الحاضر
يحاولون ردّ الروح إليه.. لكنهم يفشلون.. صدمات كهربائية لكن لا حياة لمَنْ يُصعقون..
الطبيب فَقَدَ الأمل.. مسؤول جهاز العناية الفائقة استسلم للأمر.. الحالي.. موت
الغائب الحاضر.. عازف الغياب... لحظات أسى.. وأسف.. الطبيب يخبر مسؤول الانتباه
بضرورة أن يُعلم العائلة بأن نهاية الحاضر غابت نهائيا الآن.
إرسال تعليق