ولد كريج كليفنجر في عام ١٩٦٤ في دالاس
بولاية تكساس، وتربى في جنوب كاليفورنيا، حيث درس الإنجليزية في جامعتها. وهو
حاليا يقيم في سان فرانسيسكو، وله كتابان شهیران هما: «دليل البهلوان» و «دير ما
فوريا».
صنفت كتاباته باعتبارها تندرج تحت أدب النيونوار (Neo-noir) وهو مصطلح سينمائي فضفاض أصلا يشير إلى الصحوة الجديدة للفيلم الأسود (Film noir) البوليسي المفعم بالظلال والغموض حيث هناك مجرم ومفتش بوليس لا يقل شرا عنه. هنا تدخل المجال تيمات جديدة تناسب العصر ، مثل مشكلات الهوية وتعقيدات الذاكرة و مشكلات التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع. بعض النقاد يرون أن هذا تعقيد للأمور أكثر مما تحتمل. امتدحه كتاب آخرون ينتمون إلى عالمه مثل : تشاك بولانيك صاحب «نادي القتال»، وإيرفنج ولش صاحب مراقبة القطارات». في كتابه الأول «دليل البهلوان» الذي صدر في عام ٢٠٠٢ ، يحكي عن مزور محترف يعتقل بعدما تعاطى جرعة مخدرات شبه قاتلة وأثناء حواره مع الطبيب النفسي نعرف قصته الحقيقية. ترجمت القصة إلى خمس لغات، وجرى الإعداد لتقديمها في فيلم سينمائي كان مفترضا أن يُعرض في عام ٢٠١١
معظم الرواية هلوسة تتداخل مع الواقع بشكل محير وأستاذي بحيث إنك لا تعرف أبدًا أين تبدأ الحقيقة وأين تنتهي.
في الكتاب الثاني دير ما فوريا» الذي صدر
في عام ٢٠٠٥ ، لا يبتعد كليفنجر كثيرا عن عالم المخدرات. دير مافوريا لفظة مختلفة
تحمل معنى الحالة النفسية التي يخلقها الجلد». هنا نقابل إريك أشوورث» الكيميائي
العبقري شبه المجنون، الذي لا يمكن الاستغناء عنه في سوق المخدرات لأنه ابتكر
مخدرًا فعالا اسمه «الجلد» أو «اللمسة» أو «المهد». تبدأ القصة بهذا الكيميائي
فاقد الذاكرة بعد حريق أطاح
بمختبره، ويبدو أنه فقد معلوماته
الكيميائية. لكن أحدا لا يصدق هذا أو يجازف بتصديقه. رجال الشرطة يحاصرونه
بأسئلتهم، والمحامي
ينصحه بالصمت، ورجال شبكة المخدرات
يلاحقونه. لكنه يملك
بصيصا واحدًا من عالمه القديم : اسم فتاة
تدعى «ديزيريه». وعن طريق هذا البصيص يحاول استرجاع القطاع الذي احترق في ذاكرته.
- معظم
الرواية هلوسة تتداخل مع الواقع بشكل محير وأستاذي بحيث إنك لا تعرف أبدًا أين تبدأ
الحقيقة وأين تنتهي. ومن حين إلى آخر ينزلق وننزلق معه إلى جنون البارانويا
الكامل. خذ الحذر في التعامل مع الزمن، فبعض الأحداث الساخنة تمت في الماضي، وبعض
الذكريات هي الحاضر ذاته. كأداة لتسهيل القراءة يستعمل
المؤلف الفعل المضارع في كل أحداث حاضرة،
ويستعمل الفعل الماضي في كل ذكرى. لاحظ كلامه عن الحشرات التي تملأ غرفتهوكيف يخلط
بين مفهوم الحشرات ومفهوم أجهزة التنصت لأن الكلمة الإنجليزية واحدة (bugs) . لذا يقوم البطل بتشريح الحشرات التي يجدها بحثا عن أسلاك ودوائر
متكاملة، بل إنه يقوم بطلائها بطلاء الأظفار ليميزها. وهو يلتقط النمط الشفري
المميز لصوت صراصير الحقل التي يعتقد أنها تنقل أخباره إلى زعيم شبكة المخدرات.
هناك كذلك الخلط اللغوي المحير بين مفهوم أجهزة التنصت والديدان * الشريطية، حيث
تنتقل أجهزة التنصت بالطعام غير الصحي، وتحتاج إلى أدوية للتخلص منها. تبلغ
الهلوسة ذروتها عندما ترسم الحشرات بأجسادها جزيئات المركب الكيميائي الذي أرهقه
البحث عنه، وقد أعطت لونا خاصا لذرات الأكسجين والنيتروجين. قد يكون كل شيء هلوسة،
وقد يكون كل شيء حقيقيا. لا تثق بأحد على الإطلاق، فهو ليس كما يبدو. هل ديزيريه
عرافة أم راقصة ستربتيز أم عقار مخدر ؟ هل وايت وهويل وتوتاج لهم وجود ؟ دعك من
الصدمة الكبرى بصدد أوتو والتي ستعرفها في نهاية القصة. المؤلف لا يقدم أجوبة مريحة،
بل يريد أن يترك القارئ يتساءل. لا شك في أن الرجل بارع، ويستطيع أن يقودنا إلى
حيث يريد بالضبط. من الواضح تماما أن المؤلف ملم بالمخدرات بشدة، وهو لا يتعامل
معها بالطريقة البوليسية المعتادة، بل من خلال مفهوم كيميائي معقد. تخليقها ..
تأثيرها .. الإتجار فيها . لا بد أن هذه الرواية اقتضت بحثا مدققا ، كما أنه على
علم بآليات هذا العالم السفلي، والمختبرات السرية التي تعمل في الظل في بقاع نائية
في الصحراء، مع إجراءات أمن شديدة التعقيد يصعب اختراقها بالفعل.
يقول المؤلف إن الكتاب الذين أثروا فيه هم:
جيم تومسون، وإدجار آلان بو وكوبو آبي، وسيث مورجان، وجون أوبرايان.
ويؤكد أن قصصه ليست ترجمة شخصية لحياته.
عن طريقته في الكتابة، يقول إنه يضع على
مكتبه مذكرة تقول: هذه قصتك الأخيرة. يفسر ذلك بأنه لا يملك مهنة أخرى، ولكن لديه
فقط قصة واحدة أخيرة، لذا يجب أن تكون متقنة. يقول إنه يكتب بلا توقف ودون أن
ينتظر للتفكير، يكتب نحو عشرين ألف كلمة قبل أن تبدأ القصة تتشكل في ذهنه، هنا
يتوقف ويبدأ في البحث ورسم الخطط. أغلب ما يكتبه في تلك المرحلة لن يرى النور
أبدا، لكنه يجعله يمشي في الاتجاه الصحيح. يعترف أن رواية «دير ما فوريا أرهقته
فعلا، وقد تخلص من المسودة الأولى وبدأ من الصفر، وكان يكتب بعض الفصول بلا ترتيب.
يقول موقع المؤلف إن الإعداد يتم لتحويل هذه القصة إلى فيلم سينمائي بدورها، وإن
لم توجد بيانات عنها في المواقع السينمائية فلعلهم عدلوا عن المشروع لصعوبته
...
أحمد خالد توفيق. مترجم الرواية
إرسال تعليق