الاعتياد
على عادة مُعيَّنة أشبَه بالإدمان، تستوجب العلاج التربويِّ بداية، وإذا تعذَّر
ذلك ربَّما يحتاج لتدخُّل الطِبِّ النفسيِّ؛ خوفًا من تحوُّله إلى هَوَسٍ
اكتئابيٍّ في مراحله الأولى، ولكي لا تتطوَّر الحالة وتستعصي على جميع الحلول،
فيطول أمَدُ العلاج.
واستكمالًا
لفكرة "التربية على التخلِّي" التي ابتدأها الصديق "د. تيسير
السِّعيدين"، وباقتباس لجزء من مقالته: [لعلَّ من أكثر ما يُعيي المرء ويتعبه
في الحياة، الظن: بأنَّ كل شيء في الحياة ضروريٍّ وأساسيٍّ؛ فيعيش حالة من حالات
الاستعباد التي يمارسها الفرد على نفسه. التخلِّي عن روتين الحياة، والتخلِّي عن
الصديق المُتعِب، والتخلِّي عن الأحلام التي لم تتحقَّق، والتخلِّي عن المألوف من
العادات والطقوس، إذ ليس كل مألوف صحيحًا، ومحاولة التخلِّي عمَّا أرهقتنا به
المدنيَّة المعاصرة ولو جُزئيًّا من إفرازات ومُخرجات، وأنَّ قادة التغيير قد
خالفوا ما ألفه العامة من أفكار، وما أروع مقولة أجدادنا: (ما حاضر إلا احتجناه،
ولا غائب إلا عشنا بلاه (].
الإبحار
في المنحى التربويَّ للموضوع يحتاج للتدارُس، بمُواظبة المُريد على شروحات
مُعلِّمه، لتسهيل الفهم، وتيسير سُبُل الوصول سُلوك الطَّريق إلى الله
ولعلَّ
أهميَّة الموضوع تكمن بأنَّه تربويٌّ عُمومًا، يحتاج لاعتياد التخلِّي عن الأشياء
الزّائدة، وضرورة التخفُّف من الأعباء المُثقِلة للعقل والنَّفس، وبهذا المعنى
يكون التخفُّف رشاقة. وبالعودة إلى أصل ظهور مصطلح التخلية والتحلية، فهو في
الأساس صوفيُّ المنشأ والفهم، استخدُم في مجال تربية النَّفس بتنقيتها من
الشَّوائب والعوائق من طريق الوصول إلى الله، وجعل القلب مُتعلِّق بالله ما بين
الخوف والرَّجاء.
فالمُريد
يروم الوصول للحقيقة العُظمى، بإخلاء القلب من كلّ ما خلا الله، حتى يشعر بحلاوة
تجليَّاته الرُّوحانيَّة. وهناك فريق آخر ارتأى عكس ذلك: مرحلة التحلِّي سابقة على
مرحلة التخلِّي، بأن يتحلَّى العبد بالطَّاعات، ويتخلَّى عن العادات؛ فمن تخلَّى
تحلَّى، ومن تحلَّى يسهُل علية أن يتخلَّى. مفهومان مُتداخلان بتشابُكات ربَّما
يصعُب التفضيل بينهما، وأيَّهما المُستهدَف بالأوليَّة خلال التَّطبيق.
فالتخلِّي
تخفُّفٌ كمرحلة أولى إذا اِسْتطاعها صاحب العادة؛ فتكون درجة أولى، وخُطوة
مُتقدِّمة للتخلِّي النِّهائيِّ عنها نهائيًّا، فيفرغ القلب من الأغيار، فتأتي
عمليَّة التحلية بسهولة، فبالتخلية أوَّلًا؛ تأتي التحلية كنتيجة منطقيَّة
لمُقدِّمة صحيحة.
الإبحار
في المنحى التربويَّ للموضوع يحتاج للتدارُس، بمُواظبة المُريد على شروحات
مُعلِّمه، لتسهيل الفهم، وتيسير سُبُل الوصول سُلوك الطَّريق إلى الله، وما بين
فهم المُريد وإبحار الأستاذ مسافة بحاجة للجلوس بجدِّ وحَدْب على طلب العلم.
ـــــــــــا
27\ 1\ 2024
إرسال تعليق