-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

" أنا سائرٌ صوبي "/ الشاعر جمال قاسم

لمحمود درويش في ذكرى وفاته 

" أنا سائرٌ صوبي "

 تفاحةٌ ليديكَ

سوسنةٌ لسيدةٍ بمرآةِ التوجّسِ ..

تحفةٌ في كفِّ بنتٍ 

من شعاعٍ تجرحُ الأفقَ المعلقَ بيننا ..

(ليغيب وجه الموت) عن ذكراكَ ..

كيْ نتلمّسَ المعنى هناكَ 

على ضفاف الفجرِ

 سنبلةً وأغنيةً ولوداً

لا أدَّعي أني سكبتُ الماءَ 

ماءَ القلبِ فوق صحيفتي 

لأدوّنَ الحبقَ المكدسَ في رؤايَ 

سأَنْحني لأُتيحَ للبتلاتِ 

ضوء الشمسِ في لغتي 

 فخذْ برقَ المسافةِ

وارفع الأوجاعَ عاليةّ 

سأفتحُ ما تغلّقَ 

سوف أومئُ للحُروفِ : 

 تقمصي الأفكارَ ما نقصتْ 

وما ازدادَ الصدى نايًا وعودًا

قلْ للحقولِ وقد طغتْ ورفاً :

ناديتُ باسم الدربِ أصقاعي 

ولم ألقَ الصدى

 إلا لبرهةِ غيمةٍ

 ذرفتْ بصيف هاربٍ

 ورفعتُ أوجاعي وُجوداً 

هذا الطريقُ على انحناءةِ 

طيفكَ المسمولِ بالرغباتِ والخيباتِ يوجعني

 ويوجعني غيابكَ

 ذلك الوطنُ المحاصرُ فيك 

حين نطقتَ : (كوني مُرتقى شجني)

أنا ما زلتُ في شجني 

 أهشُّ على رؤايَ 

وأهدمُ الأحقافَ من ليلِ القصيدةِ  

حينَ أرفعُ سُدّةَ المعراجِ 

من زمن إلى زمن

سترفعني النوارسُ (فوق فوقَ لأتبعَ) 

الإيحاءَ والزمنَ المحاصرَ ..

قد نذرتُ أصابعي وفمي 

خطاي ووجهتي ودمي

وأغنيتي التي لم تأتِ بعدُ 

ورايةً حَملتْ يدي ..

لتخُطّ فوق الحائطِ المنسيّ : 

سنبلةٌ على شفتي ستُحييني 

وترفعني إلى 

ما شفَّ من معنى صعودا 

تفاحةٌ ليديكَ يا محمودُ

  أغنيةٌ لقلبكَ 

لم تمتْ يا صاحبي 

فالأغنياتُ على شفا الصيفِ 

اغتسلنَ من السُدى

من ليلِ غربتك الطويلِ 

وعمدتهُنَّ السيولُ 

وعُدْنَ من شغفٍ ورودا

تفاحة ليديك 

سنبلةً لدربكَ

شهوةٌ لسراجِ هذا الليلِ 

عطرٌ للمنافي ..

نحنُ منفيون يا محمود 

من زمن الرسالاتِ القديمةِ

 منذُ أول صرخةٍ 

أو معولٍ نقضَ الحجارةَ 

فوق رأس الظلمِ ..

منفيونَ في لغةِ الحمامِ

 على الغمامِ 

على شواطِئَ من حنينٍ

 نجرحُ البحرَ المقابلَ

 نفتحُ الشّبّاكَ شباكَ القصيدةِ 

للشراعِ وللنوارسِ

نحن حرّاسُ القصيدةِ والغدِ الآتي 

هويتنا غدٌ من خضرةِ المعنى 

ومعنًى للغدِ الآتي 

ونرجسةٌ ستمنحُنا الخلودَا

أما أنا فسأَرتدي سِمتي

 سأُبيحُ في لغتي المواعيدَ الجديدةَ 

لثغةَ النارنجِ

 دوزنةَ السواسنِ 

همسة الحسونِ للحسونِ

 في غصنِ الفجيعةِ 

همهماتِ الوقتِ في بندولِ منتظرٍ 

على باب الجراحةِ ..

 أخطأ القناص نَحبَ ضناهُ 

كان يعلّقُ الحلمَ العشيّةَ 

كي يطاولَهُ شهيدا 

تفاحةٌ ليباسِ هذا الدربِ

سوسنةٌ  لسيدةٍ بمرآةِ التوجّسِ ..

ظلّ معنًى دسَّني في شقوتي 

في أرجوان الشعرِ 

في بحر الكناياتِ العتيدِ

سأُسرِجُ المعنى 

سأُومئُ للمجازِ 

لوردةٍ  نَبتتْ على سطحِ الحكايةِ 

للشحارير التي سكنتْ

 بلثغةِ طفلةٍ في العيدِ 

للفرسِ التي فرّتْ 

من الحذواتِ صوبَ الغابِ 

للقمرِ المرقّشِ بالشموعِ 

  لخفقة الينبوعِ  

في عينِ الغزالةِ 

للرصاصةِ غرّرَتْ بالماءِ 

حين استسلم المعنى لصيادِ الخيالِ

وللسؤالِ  عن الجمالِ 

عن الحقيقةِ 

والطريقة في التأمل 

ما أرى خلفَ المدى 

سأقول للشعراء : 

هذي حكمةُ المسبيّ في الرؤيا

أنا المأسورُ

 خلف السورِ سورِ صدايَ

 والمنذور في صمتي 

ليتبعَ حكمتي الشعراءُ 

والفقراءُ 

والماضون نحو الشمسِ

 في ألقِ الندى 

تفاحةٌ ليديكَ 

ما اقترفتْ من المعنى 

ولي لغتي التي دونتُها

 في الغيبِ سنبلةً وسوسنةً

وجرح حمامةٍ في الريحِ 

لي  دعةُ الفراشةِ

 في الهشاشةِ واللزوجةُ في المجازِ

 وفي تصاويرِ النهاراتِ 

 التي اقتربتْ 

وحط ضياؤها نوراً جديدًا

وليَ الندى 

صوتي على شفتيَّ .. 

أطلقتُ العنانَ 

لمهرتي في الشعرِ فانبثقَ الغناءُ 

وردّدَ الشحرور صوتي

 قبل هاويتي نشيدا 

أنا سائرٌ وعدًا وعيدًا 

أنا سائر صوبي

جمال قاسم.

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016