-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

فتنة قصيدة جديدة للشاعر موسى صالح الكسواني

 

الليلُ عجوزٌ أعمى

يسرقُ مِعطفَهُ البردُ القارصْ

ويُعربدُ فوق غِلالتهِ السوداءِ المطرُ

الهاطلُ صَخَبًا في أوعيةِ الصحراءْ

والشارعُ مُختنقٌ برؤوسٍ تَشخِرُ

إذ صمتَتْ عجلاتُ الحافلةِ المفجوعةِ بالعطش النِّفطيْ

وجموعٌ يَنهشُها الجوعُ

وقد وصفَ الواصفُ أشباحًا لعماليقَ عُراةْ

هذي الطرقُ الصحراويةُ

أكثرُ من موتٍ ينبُتُ فيها

ودَهاقِنةُ الجِنِّ الأزرقِ

ترصُدُ في خوفٍ شَبحًا

قد يأتي خَللَ العتمةِ

يحملُ في غضبتِهِ الرُّزءَ الثاقبْ

وكثيبُ الخطِّ الصحراوي

يبلعُ همسَ خفيرٍ يسألُ في بَلهٍ

كيف أقدِّدُ لحمَ أخي

وأعودُ إلى دمعةِ أمِّي

وأنا تأكلُ أنيابُ الحسرةِ في مَخمصةٍ ذاتي

هل شاءتْنِي وَسوسةُ الصحراءِ الملعونةُ بالفِتنةِ

كي أشربَ ما فيها من بردٍ وغبار؟

أماهُ

الجوعُ صديقُ كلينا

وصديقُ الأحشاءِ المغدورةِ قهرًا بجفافٍ منذور

أماهُ

تَوالت فوقَ بنادقِنا المحشوةِ بالفتنةِ أسماءُ الغاراتِ

ولم نعرفْ مَنْ دسَّ حِواريةَ هذا الموتْ

أخشى أن أقتُلَ أو يَقتُلني

صاحبُ جوعي الآخرُ في الجهةِ الأخرى

أعلمُ يا أمَّ الحزنِ بأنِّي

أسرفتُ بنَعيِي والدمعُ الأحمرُ

يَشخَبُ من عينيكِ الذابلتينْ

هذي قسمةُ أتباعِ الرِّجسِ الفاحِشِ

في الوطنِ المقرور

فابتهلي يا أمَّ الحزنِ

ابتهلي

وانْتَصِبي مثلَ عمودِ النورِ

لكي يَبعُد عنَّا هذا الغِلُ المَسعور

___

19/12/2022


إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016