بعيدا عن: نجوى كرم، ونانسي عجرم، وهيفاء وهبي، واليسا، وأصالة، يعمل الدكتور أحمد شريف الزعبي في كتابه(الأغاني الشعبية الأردنية)على ما يُعزز الهوية الوطنية الأردنية، ويـُـوثـّـق ويجمع شتات ما تفرّق بين الأفراد والمؤسسات من نصوص الأغاني التي تـُعبّر عن روح الشعب الأردني وانتمائه الوطني وآماله وآلامه، وعواطفــه ومشاعره وأحاسيسه وخبراته وحِكـَـمه ومواعظه ووصاياه وتحذيراته.
وينفتح د.الزعبي، باعتباره سادن التراث، وحارس
الفلكلور،على ماضي الأردن عبر أغانيه بكل ما فيها من جمال وكبرياء وعزة نفس وحنين
وطيبة وطهارة وحكمة ووجع وفرح، والأهم من ذلك، أن في كتابه هذا، يلتئم شمل ديوان
الشعر الأردني غير المـُـدوّن، والذي تتناقله الجماهير والأجيال شفاهة، وتغنيه في
مناسباتها، وهو في الأصل، وقبل أن يُغنـّى، كان من القصائد الشعبية، بل من روح
الشعب ووجدانه.
الدكتور أحمد شريف الزعبي ليس أكاديميا، ولكنه
بذل كل جهده لأن يلتزم بالقيود الأكاديمية، فصدر كتابه وكأنه أطروحة دكتوراه.
لم يصدر هذا الكتاب ضمن الكتب الخاصة بمئوية
الدولة الأردنية عام2021، ولكن الأغاني المنشورة فيه، والتي تبدأ مع تأسيس إمارة
شرق الأردن عام1921، تجعله واحدا منها، ولا سيما أن الأغاني المنشورة فيه، تتسم
بالخلود، فهي تغطي المائة عام الماضية، واللاحقة أيضا.
تألف هذا الكتاب من إهداء مميز، أراه أهم من
بعض الدراسات، لأنه يدخل في أعماق الروح الإنسانية في أبهى تجلياتها، موضحا الظروف
السيكولوجية التي تجعل الإنسان يـُغني في كل حالة ما يليق بها من أصناف الغناء، ثم
شكر المؤلف كل الذين تعاونوا معه ووقفوا إلى جانبه حتى جمع مادة الكتاب وجهـّزها
للطباعة، تلاه مقدمة حول الأغنية الشعبية من حيث تعريفاتها وأسباب الاهتمام بها،
ومنهجية العمل، وطرق انتشار الغناء الشعبي، وأغراضه، ثم جاءت مادة الكتاب في أربعة
عشر فصلا تناول فيها د.الزعبي جوانب مهمة من تطور الأغنية الشعبية وما يتصل
بتراثنا الغنائي بعامة، وهي: (ألوان الغناء الشعبي، الحداء، السامر، الشروقي،
الهجيني، الجوفية، العتابا، ظريف الطول، الجفرا، المهاهاة، الدبكة أو الرقص
الشعبي، الموسيقى الشعبية الأردنية، الدلاعين والأغاني الخفيفة، العرس الأردني،
وأغاني المناسبات والأحداث).
وعدا عن أهمية جمع وتوثيق الأغاني، فإن الأهم
هو قيام المؤلف بالتوقف عند كل كلمة في كل أغنية، وعند كل بيت، موضحا معاني
الكلمات، وشارحا ما وراء الأبيات، فيقدّم لقارئه معجما خاصا بمعاني المفردات
الواردة في اللهجة الأردنية، ويتدرّج د.الزعبي مع كل قصيدة من مطلعها إلى خاتمتها،
ويقول حولها كلاما مهما وربما ابعد مما رمى إليه قائلها، وخلال ذلك، تظهر ثقافة
المؤلف الموسوعية ولا سيما وهو يشير إلى ورود بعض المفردات في الأغاني الأردنية من
لهجات عالمية(الفارسية مثلا)، وترد أيضا بعض الكلمات التي تعبر عن الموقف القومي
للشاعر والمغني وللمؤلف أيضا، تتقدمها فلسطين بمدنها ولا سيما القدس، وبلاد الشام،
وغيرها
في هذا الكتاب العلمي الجاد، حديث الروح
للروح، فيه حياة الشعب الأردني في أوضاعها ومناسباتها المختلفة، وفيه الإبداع
المواكب لكل هذه الحالات، وفيه الباحث المتمكن الجاد الموضوعي العارف ببواطن
الأمور، وإلا كيف جعل بعض الأغاني التي تبدو بالنسبة لغير البدو صعبة، وكأنها قيلت
في العصر الجاهلي، جعلها سهلة خفيفة سلسة عذبة، وأطلع قراءه على ما يليق بكل أغنية
من موسيقى أو حركات جسدية، مؤكدا أن هنالك بعض الأغاني التي لا تحتاج إلى أدوات
موسيقية تصاحبها، ولا إلى حركات، إنه الباحث العارف ببواطن الأمور، ورغم سعة
معرفته وعلمه، وطول خبرته ومعايشته، وعظمة موهبته، فإنه كان يشير إلى المراجع التي
قد يضطر للاقتباس منها، فنقرأ أسماء نفخر بها ومنها: محمود الزيودي، د.محمد
غوانمه، نايف أبو عبيد، نجيب القسوس، د.هاني العمد، والمرحومين:مصطفى الخشمان
وروكس العزيزي وعبد الله رشيد ونمر سرحان، وغيرهم.
كثيرون يظنون أن الشعر الشعبي، والأغاني
الشعبية، تسير على حل شعرها، دونما وزن عروضي، أما الدكتور أحمد شريف الزعبي، فقد
وضع لكل أغنية وزنها وبحرها، وأبدى خلال ذلك معرفة بالموسيقى الداخلية والخارجية
للأغاني، معرفة نغبطه عليها.
وكثيرون يظنون أن كل الأغاني الشعبية الأردنية
التي شاعت وصارت مـُـلكا للشعب لشعراء مجهولين، غير أن د.الزعبي أثبت أسماء كثيرين
من الشعراء الذين كتبوا بعض تلك القصائد المغناة، يتقدمهم نمر العدوان، وتمكن أيضا
من تثبيت تاريخ إبداع بعض الأغاني، والمناسبات التي قيلت فيها، رغم أنها في مجملها
يتداولها الناس دون أن يعرفوا قائلها أو تاريخ إبداعها، أو مناسبتها.
يـُـذكر أن الدكتور "أحمد شريف"
عيسى الزعبي من مواليد يوم 5/12/1947 في بلدة خرجا / إربد. أنهى الثانوية العامة
في مدرسة حسن كامل الصبّاح بإربد سنة 1966، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في
التاريخ من جامعة دمشق سنة 1970، وعلى شهادة الماجستير في التربية من جامعة
اليرموك سنة 1990، وعلى شهادة الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة أم درمان
الإسلامية بالسودان سنة 1996.
عمل في وزارة التربية والتعليم؛ مدرّساً
ومديراً لعدد من المدارس ومشرفاً تربوياً ومساعداً لمدير التربية والتعليم
(1972-2001)،ثمّ مديراً للتربية والتعليم لقصبة المفرق (2001-2004)، ثم مديراً
للتربية والتعليم لمنطقة إربد الأولى منذ سنة 2004.
وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد
العام للأدباء والكتاب العرب، والهيئة الأردنية للفنون الشعبية، كما أنه عضو مؤسس
في جمعية خرجا الخيرية (1973)، وشغل منصب نائب الرئيس فيها لدورات عدة؛ وعضو مؤسس
في نادي خرجا الرياضي، وتولى رئاسته سنة 1981؛ وعضو مؤسس في جمعية الحوار والفكر
الأردنية، وشغل منصب نائب الرئيس فيها عام (2010).
نشر مقالاته ودراساته حول التراث الشعبي
الأردني في عدد من الصحف والمجلات الأردنية والعربية، وشارك في مؤتمرات محلية
ودولية، وكان له دور كبير في إنجاح فعاليات إربد عاصمة الثقافة العربية .من
مؤلفاته الأدبية:الأغاني الشعبية الأردنية، حكايا شعبية أردنية، الألعاب الشعبية
الأردنية، مضافة وتعاليل، الحيوانات الأليفة والبرية في التراث الشعبي الأردني،
معجم اللهجة الحورانية
ومن مؤلفاته للأطفال:لولو والأرنوب الصغير،
ريم في غابات دبين، هبه والحسون، السندباد الأردني
ومن مخطوطاته في التراث الشعبي الأردني : معجم
اللهجة الحورانيّة, الطب الشعبي الأردني,الطعام الشعبي الأردني، وثيقة أُم قيس
ورجالاتها، أحداث شعبية أُردنية، مناسبات شعبية أُردنية, خرجا الأرض والإنسان ,
السماوات والأرض في القرآن الكريم.
وهو عضو عامل في جمعية خرجا الخيرية, وعضو
هيئة إدارية وأمين صندوق وأمين سر ونائب رئيس جمعية خرجا الخيرية, من مؤسسي نادي
خرجا الرياضي, وعضو عامل حتى الآن، رئيس نادي خرجا الرياضي, أحد مؤسسي الجمعية
الأردنية للفكر والحوار والتنمية, نائب رئيس الجمعية الأردنية للفكر والحوار
والتنمية، مؤسس جمعية اللوزيات التعاونية الزراعية /خرجا, مؤسس منتدى خرجا للثقافة
والتراث, رئيس اللجنة التحضيرية لمنتدى خرجا للثقافة والتراث، رئيس لجنة صيانة
وإعمار مسجد خرجا القديم , عضو لجنة تحرير مجلة الفنون الشعبية الأردنية , عضو
لجنة المكنز الأردني (تراث شعبي أردني) , والدكتور احمد شريف الزعبي شخصية بحجم
الوطن , وعلم من أعلام الثقافة والأدب والقيادات التربوية ووجهاء المجتمع الأردني.
إرسال تعليق