إربد التي نعرف، التي التقطت طفولتنا، أم هي إربد
التي ربتت على كتف أجدادنا وهي تعبر في
مسارات تحولاتها، أم إربد الأقحوانة وسهلها الممتد حتى نقطة الوجود، وخيمة الأمل،
هل هي ذاتها، هل هي نفسها التي جهد الباحث أحمد صدقي شقيرات وهو يمسح عنها غبار
الأرشيف، أم هي بئر أصفيائها الذين حفروا في صخور جبالها، لنكون نحن.
كانت رحلة القطار مواربة في الأمسية التي نظمها
فرع رابطة الكتاب بإربد بالتعاون مع جمعية الأنثروبولوجيين الأردنيين، مساء أول من أمس، تحت عنوان " إربد في الوثائق
العثمانية" وقاد قطارها بسرعة فائقة، ناظرا كل محطة من محطاتها، الباحث
شقيرات الذي استدعى الذاكرة الغنية بالخطوط والأشكال والعناوين والتواريخ
والتحولات والشخوص لمدينة إربد، ذاكرة تسرّب إشعاعها إلى بصيرتنا قبل بصرنا، ونحن
نعاين ما عاينه في سنوات مجهدة.
الأمسية نفسها التي قارب محطاتها د. محمد جرادات رئيس جمعية الأنثروبولوجيين، إدارة وإضاءات، لم يترك الباحث شقيرات فيها محطة إلا وأوقف قطار ذاكرته في مروجها
الشاسعة، لكي نفرق بين زمنين ومكانين يظهران في اللحظة الأولى وكأنهما لا يسعيان
إلى مقاربة وجودية واحدة، ولكن الباحث الذي فصّل الأمر وأثثه بما يحمل من عبء
التاريخ ومطوياته، حرّك فينا شهية المقاربة، لنقف معًا على بيئة مكانية واحدة
ولحظة زمنية واحدة رغم تباعد المحطات.
في
المحطة الأخيرة التي أعقبها حوار معمق بين الحضور والباحث، وتربعنا بثقة أمام
مرايا تحولاتها وعناوينها، كرّم الباحث د. أحمد شريف الزعبي الباحث شقيرات بدرع
الرابطة.
إرسال تعليق