-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

سمراء / قصيدة للشاعر موسى صالح الكسواني



موسى


تِلْكَ الفَاتِنَةُ الْمَلأى بِالحُزْنِ تُحَيِّرُنِي

إذْ تَعْبُرُ بِالْعِشْقِ المَخْبُوءِ بِعَيْنَيْهَا

آفَاقَ السِّرِّ المَكْنُونِ بِلا اسْتِئْذانْ

تَنْهَرُ مَا اسْتَخْفَى مِنْ دَفْقٍ دَاخِلَ قَلْبِي

سَمْرَاءُ تُطَرِّزُ لِي فَرَحِي

نَجْمَاً قُطْبِيَّاً تَسْتَهْدِي بِهُدَاهُ الأَنْفَاسْ

أخْشَاهَا حِينَ أرَاهَا

وَأوَارِي عِشْقِي خَلْفَ حَيَاءٍ مَخْذُولْ

أرْسُمُ عَيْنَيْهَا مُوسِيقَى

تَرْقُصُ فِيهَا الكِلْمَةُ حِينَ أنَادِيهَا

أشْعِلُ شَمْعَةَ سُهْدٍ

بِالحَرْفِ المُتَدَثِّرِ أحْرُفَهَا الأولَى

أحْتَالُ كَثيراً كَيْ أسْمَعَ صَوْتَ تَنَهُدِهَا

مِنْ خَلْفِ الآهِ المَمْهُورَةِ

فِي لَوْحٍ مِنْ ضوءٍ ساطعْ

تِلْكَ الفَاتِنَةُ الْمَلأى بِالْحُزْنِ

تَسَافِرُ بِي فِي مَرَحٍ وَشُجُونْ

أبْكِي حِينَ تُضَاحِكُنِي السَّمْرَاءُ

وَحِينَ تُضِيءُ أمَامِي فِي هَمْسٍ نَاعِمْ

تَنْقُشُنِي وَشْمَاً نَارِيّاً

فِي وَجْهٍ مِنْ نُورٍ وَزُجَاجْ

قَالَتْ: لا تَكْتُبْ اسْمِي

خَشْيَةَ أنْ يَفْضَحَنِي

شِعْرُكَ بَيْنَ الْجُورِيَّةِ والآسْ

فَأنَا مَا زِلْتُ أخَافُكَ حِينَ تُحَدِّثُ أحْلاَمِي

بِكَلاَمٍ يَأسِرُنِي فِيهِ الإِينَاسْ

وَأرَانِي لَسْتُ عَلى بَيِّنَةٍ

أنَّكَ مَا زِلْتَ تَرَانِي الأُولَى

أدْرِكُ أنَّكَ تَخْدَعُنِي بِجُنُونِكَ

يَا عِفْرِيتَ الشِّعْرِ الْمَهْوُوسْ

وَأرَاكَ عَلَى وَضَحٍ تَسْرِقُ مِنِّي لَيْلِي

كَيْ تَنْعَمَ فِيكَ الأُخْرَى فِي خَتْلٍ آخَرْ

لَنْ تَنْجُوَ مِنِّي

مَا دُمْتُ نَوَاشِرَ أنْعُمِكَ اللاَّئِي أُنْعِمْتَ بِهَا

فَأنَا عِشْتَارَكَ أبْقَى

رُغْمَاً عَنْ شِعْرِكَ هَذَا

وَأنَا شَمْسُكَ يَا قَمَرِي

أُخْفِيكَ بِكُلِّ مَسَرَّاتِي

فِي حِضْنِي أنَّى شِئْتُ وَحَيْثُ أشَاءْ

وَمَسَاحَةُ مَا أمْلِكُ مِنْ

فيْضٍ أسْطَعُ فِيكَ مَسَاءً

كَيْ تَأنَسَ فِيكَ الأَوْرِدَةُ الْوَلْهَى

يَا مُلْهِمَ أفْئِدَةِ الْعُشَّاقْ

آتِيكَ عِلِى شَغَفٍ وَأُسِرُّ إلَيْكَ النَّجْوَى

أنْبُشُ فِي نَبْضِكَ يَا قَيْسُ

لِكَيْ ألْقَانِي فِيهِ بِرِيقَاً مِنْ لَيْلاكَ

وَأَرْوِي عَنْكَ قَصَائِدَكَ الْجَذْلَى

رَاوِدْنِي عَنْ نَفْسِكَ سَاعَةَ ألْقَاكَ

عَلى وَهْدَةِ عِشْق شَبَقِيٍّ

فَتُزَمِّلَنِي بَيْنَ ذِرَاعَيْكَ

أيَا حَبَقِيَّ الْجَسَدِ الْمَبْذُورَ

عَلَى جَسَدِي الْمَنْثُورْ

فَأصِيرُ حَفِيَّاً بِالْوَجْدِ وَأغْدُو

فِي قلْبِكَ يَنْبُوعَاً مِنْ خَمْرٍ

وَعَلَى شَفَتَيْكَ الْمُزَّةَ وَالكَاسْ

فَاجْعَلْنِي مِثْلَ رِئَامِكَ أرْعَى

فِي وَاحَةِ فَيْحَائِكَ عِشْقَاً

وَاكْتُبْنِي فِي رِئَتَيْكَ تَمِيمَةَ

قِدّيسٍ نُورَانِيٍّ كَيْ تَطْرُدَ مِنْ

صَدْرِكَ وَسْواسَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسْ

تُوقِظُنِي الْحُمَّى فَزِعَاً وَالْعَرَقُ الْمُتَصَبِّبُ

مِنْ صَفْحَةِ رَأسِي حَتَّى عَقِبِي

لِأرَى عِشْتَارِي الْمَلأَى بِالْحُزْنِ تَنَامُ

عَلَى دَمْعٍ يَصْبُغُ خَدَّ مِخَدَّتِهَا

بِالأَرَقِ الْحَالِمِ بِي أَلَقاً

يَصْفَعُ عَتْمَةَ وِحْدَتِهَا

حِينَ يَحَارُ اللَّيْلُ بِذَرْوَةِ فِتْنَتِهَا

وَيَسُودُ الصَّمْتُ مَعَ الآهَةِ

فِي الْغَسَقِ الْغَارِقِ فِي بُهْمَتِهِ

يَسْتَجْدِي أسْمَاءَ الله الْحُسْنَى

كَيْ يَرْفَعَ عَنْهُ الْبَاسْ

خَيْلٌ تَتَرَاءَى فِي قَافِلَةٍ بَيْضَاءَ

تُشِعُّ كَتَرْتِيلَةِ رَاهِبَةٍ

تَتَبَتَّلُ فِي رُكْنٍ زُجِّجَ بِالْمَاسْ

عِشْتَارِي

مُلْهَمَتِي

تَأْتِينِي فِي وِرْدٍ صُوفِيٍّ

لِتُزَركِشَنِي بِالْيَاقُوتِ قَصِيدَةَ عِشْقٍ وَفَنَاءٍ

فِي نُسْكِ تَجَلِّينَا الأَبَدِيْ

فَالرَّغْبَةُ بِالرَّغْبَةِ تَقْتُلُنِي

حِينَ أرَى لَيْلاَيَ الْمَلأَى

بِالْحُزْنِ تَطُوُفُ عَلَى حَذَرٍ

فِي شَقْشَقَةِ الْحَسُّونِ الْخَجْلَى

بَيْنَ طِبَاقٍ وَجِنَاسِ

 

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016