-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية
  • جديد الموقع
  • جاري التحميل ...
  • جديد الموقع
  • رحيل / قصيدة للشاعر موسى صالح الكسواني

    موسى
     

    سيرحل الأحبابُ عني ذات برد جائع

    ويتركونني أذوب في لعاب دودة تحت التراب

    سيتركون ثقلهم عليَّ

    فوق ما التففت فيه من بياض

    سأنتهي إلى مهادي الأخير

    تاركاً وراء هذا العتم

    ما تبقى من خراب

    أرى جموع الصحب يتركونني

    على افتراض ذكرياتنا التي

    تشرنقت على غصونها توافه غبية

    يذّاكرون كل ألقابي

    التي لقبتها من جارتي

    في فسحة الطفولة النقية

    ويفسدونها

    وينسبونها لكل آثامي الشقية

    سيذكرون أنني ضيعت أبنائي

    وكل حاملات ثرثراتي المفخخات بالفصحى

    على هدير موجة

    تَلبّستها صافراتُ الريح

    فوق ذارياتها العصية

    وإنني تركت آمالي

    تنوح كل ليلة على وسادة

    من الظنون في مدى تلك الرحاب

    دموعها تظل تقتفي ازورار غربتي

    لأنني خدعتني

    وطرت دون عطرها

    على جناح غفوتي

    وقد نسيت حظوة الحضور في حضورها

    وما ارتشفت من خمورها

    إذ شعشعت وأيقظت كؤوسها

    على عصار الدالفات من تأوهاتها

    وظل ليلها الطويل يشتهي إغفاءة

    على سرير ضوئي الدفيء دونما دموع

    وأنني أنام وحدي ناسيا ظلي

    على حصيرة تأبى

    إياب موبقاتي التي انتشت على حريرٍ

    لم يخن ما استودعته غفلتي

    تاركاً ما أنجز العمر الكليلُ

    من مهاترات أحلامٍ

    تهشمت على فجاجة من السرابِ

    في شوارع المدينة الخنوع

    والساجعات ينتشرن فوق ما حمّلتُه

    على متاهة الغيابِ

    في اسوداد لحدي الفجوع

    سينكرونني؟

    أجل

    لكنها ابتسامتي

    ستزرع النسرين في قلوبهم

    وتنثر الأريج في مروج ثرثراتهم

    كي لا أرى صديد ما لدى

    طنينهم من الأذى

    سأنتهي إليّ دافئاً من غيرما تلوث

    ودونما عذاب

    سأنتهي إلى مهادي الأخير

    تاركا وراء هذا العتم

    ما تبقى من خراب

    أنام في لحدي قريرًا

    آخر النهار ملء ما اعتلى

    جفنيَّ من رؤاك حينما

    اجتلت جلالة الوضوح

    في سماحة الإياب

     

    التعليقات



    جميع الحقوق محفوظة

    العهدة الثقافية

    2016