العهدة الثقافية تنشر أحدث قصائد الشاعر الفلسطيني المبدع سميح محسن
(النّارُ فاكهةُ الشّتاء)
مدنٌ مُحَصَّنةٌ أمامَ الرّيح،
منازلُها مُعَلَّقةٌ بأهدابِ السّحابِ
وتحتمي بالدفءِ
عاصفةٌ تَهُبُّ،
شفيفةً عبرت لتمرقَ من نوافذِها
كَنَسمةِ
وردةٍ جبليّةٍ في الصيّفِ
مدفأةٌ، وكأسٌ من نبيذ،
وعباءَةٌ منسوجةٌ من جِلْدِنا
جمراتُ نارٍ في كوانينِ النحاسِ
وكستناء...
*****
(النّارُ فاكهةُ الشّتاء)
زنزانةٌ معزولةٌ بالبردِ
يلتحفُ السجينُ بجلدِهِ
والذكرياتُ غطاؤه في الليلِ
ضوءٌ خافتٌ
وعواءُ ذئبٍ يؤنسُ الصحراءَ من أوجاعِ وحدتِها
مناجاةٌ بصوتٍ خافتٍ للريحِ أن تأتي
محمّلَةً برائحةِ الترابِ ليحتمي بالذكريات،
من خلفِ نافذةٍ تُطلُّ على حقولِ القمحِ
فلاحٌ يشقُّ الأرضَ بالمحراثِ
ينفثُ روحَهُ فيها
لكيّ تخضرَّ فيها الرّوحُ
يا ليلُ احتضني علّني أغفو على
صورٍ تضيءُ بدفئِها ظلماتِ هذا القبو،
تحرّرُني من النسيانِ في وطني
ومن لغةٍ تراوغُ في دلالاتِ المعاني
ليلُ أحلامي يطولُ كَليّلَةٍ شتويّةٍ
فتتسعُ العبارةُ والرؤى تَضْيَّقُ
أنتعلُ الخطاباتِ التي تأتي بلا معنى
وأخطفُ غيمةً شردت
لأسقي حقلَ أغنيتي بصوتِ النايّ
تسرحُ في الأفق
يا ربُّ كم طَبَقَت على روحي السّماء...
*****
(النّارُ فاكهةُ الشّتاء)
سقفُ السّماءِ مُعَلَّقٌ بالغيمِ
بيتٌ من صفيحٍ مسّهُ صدأٌ عتيقٌ
خيمةٌ رقدت على كتفيّ وادٍ في البراري
ومغارةٌ تأوي إلى بطن الجبل
(مطرٌ ... مطر)
مطرٌ، وصاعقةٌ، وبيتٌ كانَ مبنيّا بألواح الصفيح،
مطرٌ، وعاصفةٌ، خيامٌ في مهبِّ الريح،
وغيمةٌ سقطت على أكتافِ طفلٍ كان يبكي في المغارةِ
علّنا نصحو على صوتٍ جريح،
طفلٌ، وامرأةٌ، وشيخٌ في العراء...
*****
النارُ فاكهةُ الشتاء
يا بردُ كن دفئاً على طفلٍ تعرّى
على أمٍّ تُغطي طفلَها بشغافِ قلبٍ من حرير
شيخٍ أضاعَ طريقَ عودتِه إلى بيتٍ هنا قد كان،
على امرأةٍ بلا مأوى
استغاثت،
لا صدى للصوتِ
غاب الصوتُ في أحشاءِ هذا الليلِ
واختنقَ النداء
والنارُ فاكهةُ الشتاء...
إرسال تعليق