عقد كرسي المرحوم سمير
الرفاعي للدراسات الأردنية في جامعة اليرموك ندوة بعنوان "الموروث الشعبي
الشفاهي الأردني"، وذلك بمناسبة مئوية تأسيس الدولة الأردنية، وشارك فيها كل
من الباحث الدكتور أحمد شريف الزعبي، والباحث والفنان التشكيلي الدكتور مطلق أحمد
ملحم، وأدار الحوار الدكتور محمد العناقرة شاغل كرسي المرحوم سمير الرفاعي
للدراسات الأردنية بالجامعة.
وقدم الزعبي خلال الندوة ورقة بحثية بعنوان
"اللهجة الحورانية أنموذجًا" تحدث خلالها حول الإرث الثقافي الذي ورثناه
عن آبائنا وأجدادنا، بما يحويه من إرث مادي وغير مادي، مشيرا إلى أن التراث الشعبي
يحافظ على الهوية الوطنية ويعمقها.
كما تحدث عن حوران والتي تعني الحجارة البازلتية
السوداء، وتمتد من ضواحي دمشق الجنوبية وحتى سيل الزرقاء، مشيرا إلى أهمية وجود
معجم خاص باللهجة الحورانية، نظرا إلى أن آلاف الكلمات الحورانية قد اختفت،
وآلاف أخرى في طريقها إلى الزوال بسبب تقدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي،
إضافة إلى التعامل اليومي للمغتربين خاصة مع دول الخليج العربي، وتأثير الوافدين
إلى الأردن، خاصة مع موجات المهاجرين إليه من الدول العربية، والتأثر باللغات
الأخرى وخاصة الإنجليزية.
استعرض الزعبي خلال الندوة ميزات اللهجة
الحورانية ومنها الإبدال أي استبدال حرف بحرف، مثل: حرف الضاد بحرف الظ،
والهمزة بالواو، وإبدال حرف الضاد بالذال، وحرف الذال بأسماء الإشارة إلى الظ، بالإضافة
إلى التمايز في العددين الأول والثاني، وعدم التمايز من العدد ثلاثة إلى العدد
عشرة، ونفي أخر الكلمة باستخدام حرف الشين وهذا مأخوذ من اللغة السريانية، بدي =
بديش، بضحك = بضحكش.
بدوره قدم ملحم ورقة بحثية بعنوان "الموروث
الشعبي الشفاهي في المجتمع الأردني"، أشار من خلالها إلى أن التاريخَ الشفوي
يمد أجنحته إلى مختلفِ العلوم الأخرى من الجيولوجيا وحتى الموسيقى ويشكل رافداً
مهما للحياةِ في الأردنِ، وما يتعلق بالتاريخِ الاجتماعي خاصة وأن "الروايةَ
الشفوية تشمل جميع الأحداث التي لم تكتبْ، والأمور التي سُجلت وبقيت في الأدراج أو
السجلات"، لاسيما في هذه الأيام التي تتراجع فيها الذاكرة ويطويها النسيان
حيث أن دولاً كبرى بدأت تلجأ إلى الذاكرةِ الإنسانية لصونِ تراثها وأرشفة الأحداث
التاريخية في مسيرتها.
وأكد ان دورَ الهاشميين في الأردنِ الذين أحدثوا
طفرة تعليمية بعد الحكم العثماني عندما كان التعليمُ مقتصراً على السادةِ الذين
يوفدون أبناءهم إلى الكتاتيبِ ليتسلموا فيما بعد المهام العسكرية، حيث أن النظرةَ
تعززت بعد تأسيس إمارة شرق الأردن لحفظِ وصون التراث الأردني والشخصية الوطنية.
وإن "التاريخَ له دور كبير في حياةِ المجتمع عندما يكتبْ من
الذاكرة" إضافة لما هو مدون بالكتبِ التراثية.
وأضاف أن التراث الشفاهي يضم رواية الشعر الشفوي،
والأغاني، والحكايات، والأمثال الشعبية، وغيرها من المواضيعـ وان المثل يعد ثمرة
من ثمارِ هذا التراث الذي تعدد فيه الإبداع، وأزهرت شفاهيته في بيئةِ الآباء
والأجداد، وتركت في جيلنا أثراً خالداً نتداوله شفاهيا في مجرياتِ حياتنا، وستترك
الأثر المتلازم إبداعاً في حياةِ الأجيال المتعاقبة متلائم مع التطور التكنولوجي
في حياةِ الآخرين، كون الأمثال الشعبية من أهمِ العناصر الثقافية الشعبية، فهي
مرآة لطبيعةِ الناس وتعلقها بمعظمِ جوانب حياتهم اليومية، وانعكاس لكثيرِ من
المواقفِ، بل قد تكون أنموذجا صادقاً وحكمة ميسرة يُقتدى بها في حياتنا اليومية،
بما تشكله من انعكاساتٍ واتجاهات خيرة في الخُلقِ والتعامل والقيم المتوارثة عبر
الأجيال.
وقال ملحم أنه وعلى الرغمِ من وجودِ عدد من
الدراساتِ التي نشطت حديثاً لإلقاءِ الضوء على الموروثِ الشعبي الأردني في
الأمثالِ، فإن معظمها قد شغل بتتبعِ السياقات الاجتماعية التي أفرزتها، ويجمع نصوص
الأمثال حول تلك السياقات، دون محاولة سرد مضمونها الفكري العام بهدفِ التقاطع مع
حياتنا المعاصرة، ودون محاولة ربطها بالأمثالِ الشعبية الأردنية القديمة، مشيرا
إلى أهمية تضمين الجامعات لمادة أساسية في المساقات التي تتعلق بتاريخ الأردن
تتناول "تاريخ الموروث الشعبي الشفاهي الأردني" بكل أنواعه.
إرسال تعليق