الشعر، والسيّدة ، وموتها الذي لم يكتمل
علي جعفر العلاق
) فصلٌ من سيرةٍ ذاتية (
1
كنت قادما من لندن لزيارة الأهل في بغداد، وكان
ذلك عام 1981 حين كانت الحرب بين العراق وإيران في ذروة
احتدامها. أحسست لحظتها أن الموت قد وزّع رائحته في كل مكان: في الهواء والماء، في
حفيف النخيل وعلى الأرصفة، في أحاديث الناس و في نظراتهم وأغانيهم.
لم يكن يخطر في البال أبداً أن رحلتي تلك لن
تكون مجرد انتقالة في المكان فقط: بين لندن وبغداد، أو بين مدن تحتشد بالضباب
والبرد وصخب الحياة، ومدن يأكلها القصف والحرائق وتتعرى كل يوم من أبنائها
الذاهبين الى الجبهات ، كنت مستغرقاً في انتقالة كبرى بين شطرين من كل شيء حميم
وعزيز عليَّ: بين شطرين من الروح، وشطرين من الجسد، وشطرين من الذاكرة.
ومع ذلك كنت أشعر أن ذلك الموت الشائع، والملموس
كان موتاً عاماً بمعنى من المعاني، أي أنه كان موتا مطلقا، ودون ملامح. بكلماتٍ
أخرى: أحسست أن الناس جميعاً كانوا يتحمّلون حصتهم منه دون تمييز. وهكذا
ما عاد ذلك الموت موتاً فرديّاً، يخصّ إنساناً بذاته دون سواه. ولم أكن أتوقع ، في
تلك اللحظة، أنني سأكون ذلك الإنسان، وأنّ حصّتي من ذلك الموت الشامل ستكون باهظة
وشخصيّة إلى حدّ لا يمكن تصوره.
حين وصلت إلى البيت كان الأهل والأصدقاء قد
هيّأوا كل شيء لتبدو الفجيعة أقل فداحة مما هي حقّاً، ولكي أتلقّى صدمة الموت، موت
أمي، بأقلّ انكسارٍ ممكن، وبأكبر قدر من الاحتمال. لقد استنفر كلّ منهم ذاكرته،
وأعدّ ما يمكن أن يقال في مناسبة شجيّة كهذه من أدبيات تخفيف الأسى، أو الحثّ على
السلوان. كان البعض يذكّرني بأن أجـد في هيمنة الموت وشموليّته تخفيفاً من فجيعتي
الخاصّة، بينما يحثّني البعض الآخر على أن أصلّي شاكراً لأن أخي الأكبر، وكان في
جبهات القتال آنذاك، ما زال على قيد الحياة .
غير أنّ ذلك كله لم يصمد أمام ريح الأسى التي
كانت تعصف بي، في تلك اللحظة، سوداء متأجّجة.حين أستقبلني المرحبون أو المعزون لم
أكن أعبأ كثيرا بما كانوا يرددونه من عبارات جاهزة تقال لكل الناس ، وفي كل مأتم ،
وعن كل فقيد ؛ أحسست أنهـا مصنوعة، وجاهزة، ولا ترقى إلى ما كان يعصف بي من ألم
نادر. تجاوزتهم جميعا، واتجهت كما اعتدت أن أفعل في السابق، إلى غرفتها المكتظة
بالحنين ولهفة الانتظار. عندها فقط أدركت أنها قد رحلت حقا، بعد أن أخذت معها
النصف الجميل من دنياي .
كان أساي عظيماً عظمة حبّي لتلك الأمّ المكافحة،
وخاصاً خصوصيّة علاقتي بهـا. و قد ظلّ جرحي، إلى الآن، موحشا وعصيّاً على
الاندمال، وسيظل عميقاً عمق الفراغ الذي تركته في وجودي كلّه. أسبوعان كاملان من
العزلة الصافية والأسى الحميم، لم أشأ أن يفسدهما عليّ أحد مهما كان قريبا الى
نفسي: حتى ابنتاي وصال وخيال، وحتى زوجتي المفجوعة مثلي. وكنت كمن يستلذ بهذا
الحزن، وكأنني أتطهر به من خطيئة ما: سفري بعيداً عنها ، أو جهلي بموتها حتى هذه
اللحظـة.
2
بعد رحيلها، انتابني إحساس مهلك ، أن علاقتي بكل
من يحيطون بـي هي علاقة واهية، وتفتقر إلى ذلك الصدق التلقائيّ، الحار، الذي كانت
تبذله أمّي دون مقابل. أحسست، مثلاً، أن بيت أخي لم يعد كما كان، وأن إخوتي كلهم
ما عادوا نفس الأخوة ، وأن هناك شيئاً ما ، جوهرياً وفي الصميم من علاقتي
بالآخرين، قد أخذته معها : ربما هو العاطفة المدهشة أوفداحة الانتظار، أوهو
الحنوّ، والافتقاد، والإحساس ، رغم البعد، بما ينتابني من مشاعر الضيق، وهو إحساس
لا تملكـه إلا الأمهات العظيمات عادة.
وممّا كان يجدّد حزني عليها، ويجعله ساطعاً على
الدوام أن الأهل قد أخفوا عنّي خبر وفاتها شهوراً عديدة مراعاة لظروف الدراسة
والغربة معـاً. ألا يكفيني أسىً أنها لم تمت بين يديَّ هاتين ؟ ألا يعذبني الندم
لأنّها لم ترني وأنا أشتبك مع الموت دفاعاً عنها في لحظاتها الأخيرة، وأنها لم
تحسّ حجم فجيعتي تلك اللحظة ؟ ألا يشقيني أن حزني عليها جاء متأخّراً: لم تسمعه،
ولم تره، ولم تعشه ؟ ثم أليس من الطبيعي أن حزنا كهذا لا بد أن يظلّ حـاراً و
متجدّداً ً ما حييت ؟
بعـد عودتي من بريطانيا نهائياً، كان لا بد لي
من زيارتها في مقبرة دار السلام في النجف، ليأخذ موتهـا شكله النهائيّ، فـقد كان رحيلهـا،
في داخلي، فكرة، أكثر منه واقعاً، كان موتاً منقوصاً، أو فجيعة لم تكتمل بعد:
فأنا لم أدخل المقبرة التي
دفنت فيهـا، ولم أزر لهـا ضريحاً، ولم أقرأ، بعينين دامعتين، اسمها على شاهدة قبرٍ
ما.
حين دخلنا المقبرة، زوجتي وأنا، كان يأكلني
هاجسٌ لم أكن أجرؤ على الإفصاح عنه. كنت أحاول التكتم عليه، وإخفاءه حتى عن زوجتي،
فقد شاع بيننا، قبل عودتي من بريطانيا، أنّ بعض الطرق والممرات قد شُقّت داخل
المقبرة لأغراضٍ أمنيـة، وأنّ من لم يحمل عظام موتاه الى مكانٍ آمنٍ فقد لا يجد
لها أثراً، بعد أن اختلطت، ربما، بأسفلت الطرقات الجديدة أوتفتتت ،كالكحل، تحت
أقدام المارة .
توغلنا بين القبور التي يحتضـن بعضهـا بعضـاً،
وكـان دليلنـا في غابـة المـوت تلك رجـلٌ ، كـان مسؤولاً عن مقبرة العائلـة
لسنواتٍ طويلـة.أمضينا نصف النهار تقريباً في البحث. شواهد كثيرة كانت تنـاديني،
كنت أعـرف بعض أصحابها جيداً، وتربطني ببعضهم الآخر محبـة خالصـة ، ولم يكن بينها
قـبر أمـي، كان بعض تلك الشواهد مثلوماً، أو مهشماً، أو باهت اللون، أما بعضها
الآخر فقد كان في وضع أفضل رغم الندوب والتجاعيد التي تركتها سنوات من الغبار
والريح وتقلبات الجو . ولم يكن لديّ ما يكفي من الدمع أوالكدر لأفيهم حقهم جميعاً.
وبعد أن كادت أفواهنا أن تمتليء برائحة الموت و
تراب المقبرة ، وأوشكنا أن نستسلم لتلك الظهيرة المتوقدة ، جاءني صوت الدّفان
مثقلاً بالتعب كأنه يصعد شاحباً من أعماق الأرض:
- ها هو قبر السيدة.
وهكذا كان لقائي بأمّي، في ذلك النهار العاري،
لقاء الابن الضائع الذي يبحث بين فتيت العظام والتراب الكئيب ، عن أمّـه التي أيبس
قلبهـا الحنين وأنهكتـه الوحشـة. ومن المفارقات أن قصيدتي (ضريح المليكـة) كانت
تجسيداً لرحلة البحث هذه قبل تحققها، وذلك بفعل الاستباق لا فعل التذكر:
تلمسّتُ دربيَ
لا العشبُ يعرفُ أين خباءُ
المليكةِ، لا الرملُ يعرفُ أين أريكتهـا
من يشـمُّ حرائقَ روحيْ
يحرُّرني من دخان ثيابيْ ؟
حنينيَ مشتبكٌ، ودمـي
شركٌ لطيور الأسى والترابِ ..
3
كان أثرها في حياتي، أو عليها، لا يُنسى. إنّ
رائحة عباءتها وماء يديها ما يزالان يفوحان من صوتي وقصائدي وذاكرتي حتى الآن. لقد
كانت وراء دخولي المدرسة . وكانت، بإلحاحها الودود على أبي، سبباً في إقناعه
بالهجرة من ريف الكوت إلى بغداد، مع أنه كان، كشجرة عصية على الاقتلاع، شديد التشبّث
بالأرض والناس هناك.
لم تكن تعرف القراءة والكتابة، لكنّها كانت تقول
الشعر الشعبي أحياناً، وتحفظ الكثير منه أيضاً، وما زلت أذكرها، في ليالي عاشوراء،
وهي تقرأ قصائدها النضّاحة بالحزن وقد تجمّعت حولها نساء القرية وبناتها محلولات
الشعر. وكم كنت أشعر باللذة الغامضة، في صغري، وأنا أصغي إلى صوتها النحيل الشجيّ.
كانت تبدو وكأنها تصنع للقرية حزناً خاصاً بها من خلال نبرتهاا المؤثرة وخزين
ذاكرتها من قصائد الفجيعة.
كان لأمّي بنية ناعمة، وعينان مرهفتان: شخصيّة
تتميّز بالحزن حيناً، وبالسخرية الذكيّة حيناً آخر، وبالجـد البالغ في أحيانٍ
أخرى. كان تعلّقها بأبي وغيرتها عليه حديث النساء، ومحلّ تندّرهن أحيانا. وكم
تحمّلت، وبحبّ عميق، خشونته، وتعدّد زوجاته، ومرضه المبكّر. لقد كانت أولى نسائه،
وأصغرهنّ عمراً. لكنهـا كانت أكثرهنّ تشبّثاً به، وتحملاً لحياته الوعـرة.
كثيرا ما كانت تروي لنا، وهي جذلة منتشية، كيف
عبَّرت عن احتجاجها على زواجه الثالث: كان ذلك ليلة دخوله على زوجته الجديدة ،
وكان الليل في منتصفه تقريبا. أخذت معها، أولاً، ضرتهـا الثانية، بعد أن أقنعتها
ببلاغة ريفية ثاقبة بأن قلة الشركاء أجلب للنفع من كثرتهم ؛ وبأن شراكة امرأتين في
رجل واحد أرحم من شراكة ثلاث أو أربع.
ورغم أن زيجات أبي كانت تخلو، أوتكاد، مما يشيع
عادة عن الرجل المزواج، من كلفٍ مربكٍ بالنساء، والتطلع اليهن بشبقٍ حارق، فإن ما
شاع عن زواجه تلك الليلة صار حديث القرية رجالاً ونساء:
أقطـرةٌ من ذهـبٍ
في قـدحٍ من طـينْ ؟
بل رجلٌ، وامرأتـانِ ، بل ثلاثٌ..
جئنَ من آخـر ما في العمرِ من بقيةٍ،
أو جئن من بداية الحنينْ ..
وهكذا اتحدت أمي وضرتها في مواجهة الخطر القادم،
وجمعتا إليهما حشداً من نساء القرية المتعاطفات معهمـا، أو اللواتي مررن بكارثة
مشابهة. تحركن جميعاً في موكب ليليّ صاخب، وغير منظم، واتجهن إلى بيت العريس الذي
خرج إليهن بهراوته الغليظة، وعيناه تقدحان شرراً. وقبل أن يصل إليهن كان شملهن قد
تفرق على مرأى من عجائز القرية، وتندر رجالها الشامتين.
لا أدري لماذا يرتبط الشعراء بأمّهاتهم إلى هذا
الحدّ ؟ لا نكاد نجد شاعراً حقيقيّاً إلا وللأمّ، في حياته وشعره، مكانة خاصّة.
ويبدو لي أن الأم هي بابنا الأول إلى العالم كلّه: ينفصل الطفل عن جسدها طريّاً
ودافئاً وصغيراً، ثمّ يمضي بعيداً عنها إلى امرأة أخرى، أو منزل آخر، أو شيخوخة
تنتظره في نهاية الطريق. وعبر مسيرته كلّها يظل يتلفّت حنيناً إلى الرحم التي
غادرها، أوتلهّفاً إلى رحم مماثلة. وقد نجده يبحث عنها في وجه كلّ امرأة يراها:
المرأة التي يحب، والمرأة التي يتزوّج، والمرأة التي يتخذ منها زميلة له إن كان في
مقدوره فعل ذلك : هاجس كان يطل برأسه في الكثير من كتاباتي، كما في قصيدة (
امرأتان ) :
جاءت امرأةٌ أوصلتني الى الماءِ
وامرأةٌ أوصلتني الى مائهـا
..
كان في الرمل رائحةُ امرأتينْ
تركتْ عند حرّاسها وردةً
وأتتْ دونما ورقٍ ممطـرٍ في اليدينْ
..
وكما أن الأم تمثّل، بالنسبة للشاعر خاصة، منزله
الأول أوحبيبته الأولى، فإنها تمثّل ً طريقه إلى النهاية أيضاً. لقد أحسست، بعد
وفاتها، أنني في عراء مفتوح على عوامل الهلاك جميعاً: لا سقف يقيني، ولا سور يباعد
بيني وبين الموت، ذلك القنّاص المحترف الذي يكمن لطـرائده في الضوء أوفي الظلمة.
كان وجودها يمنحني إحساساً عميقاً بأنّ الحياة ما تزال مديدةً وآمنة، وأن على
الموت أن يتعب كثيراً، قبل أن يصل إلي؛ فهناك، بيني وبينه، تقف شجرةٌ عصيةٌ على
الاقتلاع.
4
يصعب عليّ كثيراً أن أصدق أن امرأةً أخرى يمكن
أن تتحمّل ما تحمّلته أمي في شبابها المبكّر أو كهولتها المجروحة. لقد فجعت بوفاة
أبي في السنة الثانية أوالثالثة من هجرتنا إلى بغداد. وكان عليها أن تواجه،
ببسالةٍ، غربتها الباهظـة وحزنها الفادح. كنّا أربعةَ أبناءٍ – ثلاثةَ أشقّاءٍ وأخاً
من أمّ أخرى، وقد عُنيتْ أمي بتربيته كواحدٍ منا بعد وفاة أمه – وكان علينا أن
نصغي، بعمقٍ، إلى صمتها البليغ .
كانت أنهار طفولتنا تتدفق، تحت الشمس، صاخبة
متعثّرة. وكان علينا، بعد وفاة والدي، أن نغادر طفولتنا تلك دفعة واحدة صوب رجولة
لم نكن مهيّئين لها، أن نبدو، أمام أمنا الأرملة ، وكأننا رجال قادرون على التخفيف
من إحساسها بالوحدة، أو مشاركتها حزنها الكبير.
لا يمكنني أن أنسى تلك الليلة التي تصدّينا فيها
للريح والمطر. كانت الريح العاصفة توشك أن تقتلع سقف بيتنا الطيني في منطقة
العطيفية ببغداد، وكان المطر غزيراً غزارة الظلمة في تلك الليلة . بدأ السقف يرتفع
ويهبط، وأخذت مياه المطر تتسلل من سقف البيت. لم يكن بيتاً، بل غرفة من الطين
تتكدّس فيها أجساد خمسة وهموم لا نهاية لها.
أخذت أمي تضع إناءً هنا، وإناءً هناك ليتجمّع
فيه الماء الذي كان يتسرّب إلى غرفتنا الوحيدة من سقفها المليء بالثقوب. وبعد أن
اشتد عصف الريح، وهطول المطر، وتصاعد دويُّ الرعد، خرجنا، نحن الأربعة، في محاولة
لتثبيت ذلك السقف المتداعي، حيث تعلّق كل واحد بطرف منه. كانت أجسادنا الصغيرة
ترتفع وتهبط مع السقف في الريح والظلمة، وكان المطر يهطل على قلوبنا الصغيرة
المرتجفة عاصفاً وثقيلاً. لم نترك السقف، عائدين إلى الغرفة، إلا بعد أن هدأت
الريح، وتوقّف المطر، وبدت نجوم الليل لامعةً مبلّلة.
هل فعلنا ما فعلناه تعبيراً عن إحساس مبكرٍ
بالمسؤولية ؟
كانت لحظة عجيبة، فيها من الخجل قدر ما فيها من
الإشفاق، ونحن نرى أمنا المكابرة توزع الأواني وصفائح التنك، هنا وهناك، ليتجمع
فيها الظلام وماء المطر اللذان كانا يهطلان علينا ، باردين، من شقوق السقف. كنت
أحس أن ذلك الفعل، بالنسبة لي على الأقل، كان تعويضا لتلك الأم عن حزنهـا الأخرس
المدّويّ، وعن خسارتها الرجل الذي أحبته بعمق وأحبها بقسوة.
كانت أمّي أول من ربطني بالشعر دون أن تعلم. كنت
مشدوداً إلى شفتيها الغائمتين باستمرار، أصغي إلى أحاديثها، وحكاياتها، وشكواها،
وكنت أستمتع دائماً بنبرتها التي تدمي القلب. وكانت، منذ بداياتي في الكتابة،
مبثوثة في معظم قصائدي. ومع أن حضورها كـان فاجعـاً في ديـواني الثاني (وطن لطيور
الماء) ، إلا أنها ظلّت خيطاً من الضوء واللوعة يسكن لغتي دائماً. إن الكثير من
كتاباتي يبدو أحياناً وكأنّه ندم على خسارات كبرى: كواكب يأكلها النسيان، أو
فراديس لا تبارح الذاكرة. وربّما كانت أمّي، وستظل، أكثر هذه الخسارات تعذيباً
للقلب .
5
في أواخر عام 1983، وفي صباحٍ رماديّ ممطر وشديد
البرودة ، كنت أجلس أمام اللجنة المكلّفة بمناقشة أطروحتي للدكتوراه، بجامعة إكستر
في بريطانيا. أثار انتباه المناقشين الثلاثة ذلك الإهداء الذي كان يتصدّر
الأطروحة: إلى أمي التي رحلت بعيداً بينما كنت مشغولاً عنها بكتابة هذا العمل.
علّق أحدهم على ذلك الإهداء متأثّراً: إنّه قصيدة وليس إهداءً. وقال الآخر: كم أنا حزين من أجلك في هذه اللحظة. وغاب الثالث في صمتٍ عميق، بينمـا بـدت الأشجـار، من النافـذة، أشدّ كـآبة وأكثر انحناءً
____
مجلة الأقلام ، العدد الثالث ، 2021..
إرسال تعليق