-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

بلادُ الدمعِ والريحِ والفؤوس للشاعر جعفر علي العلاق

قصيدة جديدة للشاعر علي العلاق
   

جاءَ شَيْـخُ الفُصولِ عَذباً قَديماً قِدَمَ اللّيلِ ...  

والسُّهولُ تَرامَتْ بينَ كَفيْهِ أنْهُراً، وأناشيدَ ،

بِلاداً قديمةً   

كُنتُ أنْمو بَيْنَ غِزْلانِها ،

أكانَ حَصاها فِضّةً فِي دَمي تُضيءُ ؟

أكانَ الفجرُ في الغابِ حِينَها ؟

لمْ يَكنْ في الأرضِ ضوْءٌ وحِنْطَةٌ ...   

لمْ يَكُنْ للرّيحِ سَقْفٌ يرُدُّها

كلُّ شَيءٍ غائِماً كانَ كالنّعاسِ،

أكانتْ نَشوَةٌ تَسْتفزُّني أمْ صَلاةٌ ؟

أكمِل النَّقْصَ يا إلهيَ -

كانت شَمْسُ أوروكَ في دمي ،

ورِدائي دافئاً كانَ كالتّرابْ..؟

*

زهرةٌ في التّلالِ تَخْتضُّ ...   

طَيرٌ يَتَحَرّى شِباكهُ :

  كَيْفَ يَنْجو ؟  -

-أيْنَ كِلكامشُ القديمُ ؟

تَراءَتَ في اشْتِباكِ الغيومِ عِشْتارُ ،

كمْ كانَ حنيني مُدَوّياً :

قدَماها تَقرآنِ الطريقَ، كلُّ بخورٍ كانَ حتْماً

بخورَها، كلُّ رَمْلٍ ثَمِلٌ مِنْ شَذى القدمينِ ،

ثمَّ نساءٌ يبتهلنَّ إلى الحَصَى ، ويُغَنّينَ

وكانَ النَّهارُ يَصْعَدُ عَذباً

منْ سَواقي " أوروكَ " ، يُلقي

لعِشْتارَ رِداءَهُ ، تتَعالى غَيْمةٌ منْ سَريرِها

الخصبِ ، يعلو طائرٌ من ثيابها كغَزالٍ

- أهوَ كِلْكامشٌ ؟ هَتفَتُ ،

فضجَّتْ أنْهُرٌ ثرَّةٌ ، وفاضَ نهارٌ

والغيومُ تَكَسَّرَتْ ، سالَ مِنْها

الضُّوءُ والعنْبَرُ القَديمُ ...  

*

غَسَلْنا خَيْلَنا بالحَنينِ ...  

أيُّ سَريرٍ خضّبَ الكونَ فجأةً ؟

وصَعَدْنا مع الغيومِ ، ذُهلنا :

أمةٌ من قصائدٍ وخيولٍ  

أين يمتـدُ ذلك البرجُ ؟ أين الغيـمُ

يمضي كما الهوادجُ ؟

صِحْنا :   

كلُّ مجدٍ لبابلٍ ، كلُّ غيمٍ لرملها

لا هواها ينحني أو يشيخُ ، لا النارُ تفنى ...  

عشبةٌ تفلِقُ الصّخورَ، وطيرٌ يتَحدّى الظّلامَ ،

كيف وَصلْنا ؟ كلُّ آجرّةٍ تضيءُ

لآشورَ طريقاً لقبرهِ ...   

*

وشمَمْنا الدَّمْعَ والمِلحَ في التّلالِ ،

سَمِعْنا دمَ عِشْتارَ صاعِداً مثلَ فجْرٍ  

.. واجـِهوا الريحَ بالفؤوسِ -

غَرِقْنا في دَمِ الريحِ هائجينَ

وظَلَّ السّهْلُ رطْباً من الدّماءِ

وظلّتْ نجمةٌ في دمائنا

تتلظّى ...

 

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016