من صحف زمان
بمناسبة مئوية الأردن
95 عامًا على
أول دليل هاتف أردني
هل تعرف معنى "دليل الهاتف" وهل تحسّ بقمية أن
يكون لك رقم فيه؟
"ماذا لو كان بيننا" !
عماد الخطيب
نهنئ أنفسنا أولا.. ونهنئ وطننا الأردن مليكًا وشعبًا، ونتمنى أعوامًا
زاخرة بالمحبة والاستقرار.. وسنتحدث عن عام 1926، أي بعد 5 سنوات من تأسيس إمارة
الشرق العربي، وسنتحدث عن عاصمة الإمارة "عمّان"، ويخصّنا فيها
"دليل الهاتف الذي تمّ توزيعه في الأردن وفلسطين قبل 95 سنة" وقد حوى 17
صفحة، و16 شخصًا، وعددًا من الأرقام العسكرية والأمنية.
جاء ذلك في (مقال إخباري) في عدد صحيفة الرأي الأردنية رقم 12013، من عام 2003، للدكتورة هند أبو الشعر، وقد قدّمت لمقالتها بمقدمة قليلة الأسطر غزيرة المعاني؛ إذ تحدّثت عن أثر الهواتف المحمولة أو النّقالة –كما أسمتها- على النّاس، من حيث تحويلهم إلى "ثرثارين"، وجعلتهم يتناقضون مع ذواتهم؛ وهم "يصرفون على اتصالاتهم المال الكثير، ويشكون مستوى الدّخل"، وحولتهم إلى "مقاسم متحركة"، وأغرقتهم في "عالم غريب" عنهم، و"غيّرت نمط حياتهم"، وجعلتهم يظنون أن لا حياة "دون الهواتف النقالة".. على اختلاف أعمارهم وفئاتهم.. وختمت فقراتها "لا أدري إن كان في العالم شعب ينافسنا بهذا الهاجس المجنون بالهواتف المحمولة"!
ثم كتبت فقرات مقالتها الطويلة تنقل لنا معلومات تاريخية قيمة عن نسخة
مصوّرة من أول دليل هاتف لـ "إمارة شرقي الأردن"، جاء فيها أن عدد
الأرقام المستخدمة للمؤسسات التجارية والعسكرية والأهلية 86 رقمًا، وحوى (5)
إعلانات تجارية، منها البنك الوحيد "العثماني"، ومكتبة، وشركة شحن
بضائع، ومحلا قبان.. ولم ترتّب الأسماء هجائيًا، وغلب على المشتركين صفة
"التاجر"! وكتبت تعليمات نشر الإعلانات، وقانون "إعانات"
لتعميم تمديد خدمة الهاتف، كما كتبت تنبيهات "عدم استعمال الهواتف في الدوائر
الرسمية للمخابرات الخصوصية"، وكتبت أسفل صفحة الغلاف: على المشتركين إجابة
النداء حالا وبدون دق الجرس مكررًا، والرجاء عدم التحدث مع موظفي الهاتف..
وبعد،
فكلمة "دليل الهاتف" مستهجنة على جيل الألفين الذي ولدوا في عصر
الهاتف المحمول!
فماذا لو كان بيننا دليل هاتف اليوم!
هل ستكون صفحاته ضخمة العدد؟ الجواب "لا"؛ لأنه لن يحوي أرقامًا
لصبية سفهاء، أو تجارة وهمية، وسيحتفظ به الناس ويحسّون بقيمته، وقيمة أن يكون لك
رقم، أو اسم في الدليل.. تلك الأحاسيس التي ماتت مع العصر الرّقميّ؛ إذ اختفت
أهمية الرقم، وصرنا نتهاتف بالحساب الرّقميّ، وعلا "مَن يملك الفضاء"
على "مَن لا يملك".. وصار لزامًا أن نشكّ في استمرارية ما نحن عليه،
وخلوده، فعلينا الحذر، وإعادة هيبة الأشياء التي تعكس هيبتنا، وهيبة حياتنا.
إرسال تعليق