في الظاهر ومن حيث الشكل والنظرية، يعتقد البعض أن البشرية قد رشدت، حيث لم تعد البشرية المتحضرة قادرة على تقبل مشهد تعذيب وحشي كما كان يحدث أيام محاكم التفتيش والقتل الجماعي للهنود الحمر أصحاب الأرض الأصلييون، أو تلك المرحلة التي تلتها من تعبيد الأحرار وسرقتهم للعمل بالسخرة وبأقل التكاليف لصالح السيد الأبيض البشرية هي البشرية منذ أن استودعها الله تعالى الأرض،
بمعنى أن نوازعها الأولى لا تتبدل ولا تتغير، لكن مظاهر وأشكال تلك النوازع تتشكل حسب المظهر والشكل الحضاري الذي وصلت إليه فلم يعد من الملائم أن يقتل قابيل هابيل من اجل امرأة، فقد تمكن الرجل من المرأة حتى جعلها على قارعة الطريق وباسم الحرية وحقوق المرأة والإنسان ولن تتقبل البشرية مشهد غرس قمع في فم عبد وصَبّ الطعام فيه، وإن أصر على إغلاق فمه بأسنانه يُؤتى بإزميل ومطرقة لكسر أسنانه ووضع القمع في فمه عنوة وفي هذا الزمن لا يمكن أن تشاهد تلك المناظر الدموية التي كانت تلهب قلوب وأيدي الناس وهم يشاهدون الاقتتال حتى الموت في الحلبات وعلى والمسارح،
ولكن يمكن مشاهدة عشرات الآلاف من الجوعى في أنحاء العالم تُنهب ثرواتهم من بين أيديهم ويموتون جوعا لمصلحة الرجل الأبيض ولا يحرك احد ساكنا / الحروب التي يشنها الرجل الأبيض صاحب حقوق الإنسان ومؤسس الديمقراطية، / الحروب الأهلية التي يشعلها لتمكنه من البقاء في مناطق الحروب واختلاس الثروات، /المنظمات الإرهابية المنتشرة في أماكن الثروات والقتل وتدمير الدول والتاريخ وتمزيق نسيج المجتمعات، وبث الفرقة والخوف فيما بينهم /المال الفاسد وغسل الأموال، والمخدرات والدعارة التي تديرها دول /الطعام الفاسد، /تلوث البيئة، احتكار القوة، الكيل بمكيالها، /
إلغاء
التاريخ والثقافة ودمج المجتمعات في الاستهلاك اليومي لثقافة اللحظة وتاريخ اللحظة /تعطيل العقل
البشري الناقد وغسل أدمغة الناس بهذا الكم اليومي من مستهلكات الإعلام والإعلان /تعطيل دور
العلماء والمفكرين وإدماجهم بنظام مؤسسي يعمل لصالح تلك الدول /استنزاف روح
الإنسان وقتل الحياة والحب وكل ما هو إنساني لصالح المادة ورأس المال ثم بعد كل
هذا يقول بعضهم ممن اندمج طوعا أو كرها أو لا يدري؛ البشرية رشدت أو في طريقها إلى
الرشد.
إرسال تعليق