-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

النخبة، مثقفو السلطة بقلم الكاتب خليل عودة

 منذ إعلان موت الاه نيتشيه توافق المثقف الغربي مع فكره ونظرته للوجود وآلياته للحياة والعدم بذلك حسم أمره إلى غير رجعة ليتوافق مع نفسه ومجتمعه ومنظومة مؤسسات السلطة القائمة أصلا على رؤية فلاسفة الفكر الغربي منتجي الحداثة والفكر العلماني وهو (اي المثقف )الغربي في تصالح مع نفسه وبيئته الاجتماعية التي لم تكن في عزلة عن مثقفها ورائد نهضتها منذ الثورة الفرنسية التي تقدمها مجموعة من الفلاسفة والمفكرين ، قدم بعضهم حياته قربانا لها وهو ضمير أمته ورائدها الذي كرس نفسه لأجيال ليحظى بما نراه الآن من توافق وثقة وهو لا يألو جهدا في مراقبة ذاته ونقدها وانحيازها إلى العلم والموضوعية.


ولا يرى غضاضة بموت الكاتب ذلك انه لن يكون أكثر شأنا من الآلهة التي تم نعيها إلى غير رجعة لصالح المادة والعلم والمختبر وبذلك توافق يجعل من المثقف النسغ الذي يربط المجتمع بسلطته حركة وتوافقا وفي النهاية يتحمل الجميع مسؤولية هذه الرؤيا وما يترتب عليها من نمو وتقدم او حروب وكوارث ،حيث لا يمكن ان نسميها شراكة من ثلاث رؤوس بقدر ما هي تشكيل لا يقبل القسمة ،حيث الاندماج والتوافق دون ان يطل رأس منها يعلو عليها كان لا بد من هذه المقدمة لنشاهد المثقف العربي ومكانه في المجتمعات العربية وعلاقته بالسلطة قبل كل هذا يتعذر علينا تعريف من هو المثقف في المجتمعات العربية،،؟ وما علاقته بمجتمعه،،؟ وأين هو من السلطة،،،؟ 


سنكتشف ببساطة أننا إزاء مجتمع لم يتشكل بعد ،وهو في طور الهدم والبناء أما المثقف الذي يشار إليه في روحْه وغدوّه فهذا شيئ آخر يمكن أن نسميهم النخبة من الناس تلك التي لا تستطيع الالتصاق بمجتمعها وحمل همومه وان ادّعت عكس هذا فهي تترفع أن تجلس إلى تراب مجتمعها وطينه لتشكله من جديد ،وذلك بسبب طبيعة الثقافة التي تحصلتها تلك النخبة لا علاقة لها بثقافة الأمة وتشكيلها الاجتماعي.  


ما يزيد الطين بلة أن هوية المجتمع الأمي أو شبه الأمي مسحته سنوات الاستعمار وعتمات الظلم والاضطهاد حتى لم تعد تلك المجتمعات قادرة على رفع رأسها إلى تلك النخبة والتي هي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون صدى لنظريات غربية لا علاقة لها بمجتمعاتها ، ولا تشترك بشيء معها فقد قال نيتشيه بموت الإله فمات عندهم الإله ، وعندما يتنبه بعد فترة من الزمن أن اله مجتمعه لم يمت وان الناس تعبده وتصلي له ،يكون أمام خيارين إما العودة إلى دين آبائه وأجداده لأنه (هذا ما وجدنا عليه آباءنا) أو ينفصل عن المجتمع ليشكل جزيرة وأنصارا له في بنية هذا المجتمع.  


لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد يتوافق مع السلطة للوقوف بوجه مجتمعه ،ولينخرط في مكاسبه الشخصية على حساب مجتمع يحتاج إلى مثقفه الحقيقي وسلطته التي تنتمي إليه وعليه فان النخبة العربية هي عامل هدم وتدمير لمجتمعاتها أكثر منها عامل رفع ونمو ونضج ذلك لأنها لم تكن لتقيم وزنا لمجتمعاتها التي تكبدت أموال طائلة لتدريسهم في دول الغرب وهذا ما يمكن ملاحظته في الأعداد الهائلة من أساتذة الجامعات الذين تتلمذوا على فكر وفلسفة الغرب دون النظر إلى فكر وبنيان مجتمعاتهم الآخذة في التشكل هؤلاء الذين لم يتمكنوا من الاقتراب من رؤية مجتمعاتهم.


ليس من الغريب أن ينقلوا تلك المعارف والعلوم دون محاكمة لظرف مجتمعاتهم وبنيانها العقدي والفكري والبيئي والزماني ما يؤكد أنهم لا يختلفون عن عامة مجتمعاتهم في استهلاكهم للنظريات الغربية كما تستهلك مجتمعاتهم الأجهزة والأدوات الكهربائية ، 


المشكلة لدينا في النخبة التي منحت نفسها للسلطة مقابل مكاسب شخصية لتنكشف تلك الأنظمة عن ثلاث رؤوس مدببة كل منها يتربص بالآخر ؛السلطة،النخبة ،المجتمع ولا مثقف لدينا وان وجد فقد تم ترحيله الى ظلمات النسيان لكي لا تبني الأمة على بنيانه.


 سأذكر بعضهم وفاء لإخلاصهم وتنحيتهم إلى الظلام والعتمة مالك بن نبي،عبد الوهاب المسيري، جمال حمدان،علي شريعتي ،محمد باقر الصدر ،سيد قطب

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016