*فنجان ابن ووهان*للشاعر حسن الزهراني
أنا و (المعرّي )
على (مكتبي) بعد منتصف (الحظر)
في نشوةٍ وسرورْ،
بيننا (الشاذلية) بالهيل والزنجبيل المُصفى تفورْ.
ونحن نُلحّن بيتين من شعرنا العذب
قال المعري :
هُما لي ..
وقلت أنا :
لا .. و لا ..
بل لِيَهْ ..
***
وكانت (عَرِيبُ) تُداعبُ أوتار عودٍ قديمٍ.
تُدندن حِينًا
وحينًا
تُشير إلى ( شَارِيةْ ).
***
اختلفنا على اللّحنِ
ثم اتّفقنا
وقمنا نُغنّي جميعاً بأصواتنا الفَاهِيةْ :
( غيرُ مُجدٍ في عُزلتي وانطوائي
جَمعُ صَحبٍ ولا زيارة نادي
أقلقتنا هذي (الكرونا) فبِتنا
بين (كمّامةٍ) وغسل أيادي )
***
طُرقَ البابُ.
عَمّ هدوءٌ رهيبْ...
التفتنا وفي صمت أذهاننا حيرةٌ
وسؤالٌ
تلاه سؤالٌ
تلاه سؤالْ .!
من سيأتي بلا موعدٍ آخر الليل؟!
ماذا يريد؟!
بل وكيف أتانا من الشُّرفة العاليةْ ؟!..
***
قلت في دهشةٍ : من .. ؟!
فأهوى عليّ المعري برأس العصا
شَجّ رأسي وقال:
افتحي الباب يا جاريةْ !! .
***
قلت : لا..
إن فتحنا هلكنا
وكانت نهايتنا القاسيةْ.
***
فُتح الباب قسرًا
أطلّ علينا فتىً من هُلامٍ
بِبزته الزّاهية.
قال : صبّوا من الشاذلية لِلضيف،
أو إن وجدتم نبيذًا فياحبذا…
إنني جئتُ من بلدةٍ نائيةْ..
***
ارتبكنا ونحن نرى نار عينيه ،
والشّرر المُتطاير من بين جفنيه
في لَحظةٍ داجِيةْ .
***
لم يُعِرنا اهتمامًا وألقى (الشّماغ) بِوجهِ ( المعرّي) فعاد
إليه البصرْ... !!!
***
فبكى
وبكينا
جرى دمعنا أنْهُرًا في القفارْ..
وتبسّم في غصن رُمانِهِ الـ(جُلّنار ْ) ..
واستحالت جميع الصحاري مروجًا من الفلّ والياسمين ،
والندى في سرورٍ يكحّلُ في كل صبحٍ رموش الشجر ْ..
***
قلت: بالله من أنت ؟!
قال : (كرونا)
وقفنا ذهولاً
و قُلنا جميعاً : عليك من الله...
قال : اهدأوا ياااابشر ْ..
واستعدوا لـ أمرٍ .. أمَرْ ..
***
أنتم الآن أحقر خلقٍ على الأرض.
كرّمكم خالق الكون عن كل خلقٍ
فحِدتم عن الحق.
حَاقَ بكم مكرُكم حين لم تُغنِكم أيها السادرون النّذر ْ.
***
قلت : هذا كلام الّذين…
وكان يُعاد علينا كثيرا ..
ونسمع ماطال من هوله كل حين..
فهل من جديدٍ مفيد مبين ؟!
ومَدّدَتُّ رِجليَّ دون شعورٍ على مكتبي،
وتنهّدتُ في حسرةٍ وضجرْ .
***
يابن ( وُوهان ):
لا مرحبًا بك
عكّرتَ صفوي ،
ولوَثت كوكبنا، وتجبّرت.
أذْللتنا أيها الوغد :
أودعتنا في سجونٍ من الرّعب ،
أرهبتنا
ومزجت الأماني بِصِبْرِ الكدرْ ..!!
***
كل شيءٍ توقّف من أجل عينيك ،
كم من فؤادٍ طعنتْ !
وكم من صغيرٍ حرمتْ !
وكم من… !
وكم من… . !
وأوجعتَ .
أوجعت .
أوجعت .
يا أيها المُستطير الأشِر .
***
كل ما قد بلغناه من عِلمنا
وابتكاراتنا يابن ووهان
أضحت وفي لَحظةٍ من ذهولٍ هباءْ.
وأكتشفنا سريعا مدى ضَعفِنا ،
وتساقط في لَمحةٍ كل ذاك الهراء.
وأنت الذي لا تُرى ياسليل الخياناتْ
غيّرت كل القناعاتْ.
أخلفت كل الموازين.
أسكَتَّ كل الصواريخ والطائرات !! .
وأخرست كل القنابل ، كل البنادق والمدفعيات والقاذفاتْ !! .
وكمّمت أفواه كل المُرابين والأدعياءْ.
وأغلقت دون عناءٍ علينا جميع الدّروب،
وأغلقت حتى الفضاءْ. !!
و وحدتَنا في صفوفٍ من الرّعب شرقا - وغربا - شمالا - جنوبا:
سواسيةٍ في خنوعٍ : لِآجالنا ننتظر..
***
قهقه الوغد دون اكتراثٍ وقال : اهدأوا يا بشر ..
واستعدوا لِـ أمرٍ أمرْ .
***
قلت : أمّا أنا يابن ووهان
قبري معي،
وفي أيّ حينٍ على أُهبةٍ للرحيلْ.
ومتاعي قليلٌ قليلْ.
لم يعد بين جنبيَّ قلبٌ .
ولا في الشرايين نبضٌ.
ولا في المشاعر دفءٌ ،
وطرفي كَلِيلٌ كليلْ.
وما بِتُّ أطمع في برزخ الحزن إلاّ بِقطرة ماءٍ خَصِر .
***
وها أنا في مُنتهى عُزلتي يابن ووهان أجرع ما مَرّ من وجعي
اتهجّى الثّواني. أخضِّبُ نبضي بلحنٍ قديمٍ،
وأحصد في وِحدتي زفرات النّجوم،
أصلّي على هدب الغيم دون خشوعٍ وخلفي يسوق الدجى نِصف بدرٍ
سقيم ،
فأدعو بقلبٍ مُنيبْ..
وأبكي بدمع خصيبْ..
وأضحك في لحظةٍ من وجوم،
وأبحث بين المجرات عن مُستقر
***
شَرِبتُ معَ ( سِيلفيا) نَخبَ حدسٍ مُليمٍ ،
وكانت ( عيون الظلام ) تجوسُ دمي منذ ما يقرب الأربعين ،
وأسئلةٌ لا تكفّ عن الطرق في صخرة الجمجمةْ !!.
فجّةٌ فجةٌ مُبهمة.
والجواب الذي كنت أرقبهُ خلف قضبان خوفي : أضاع فمهْ..
هل سأهلك من ( قُبلةٍ ! ) أو نسيمٍ عليلْ؟ !
هل سأهلك في فجر يومٍ كئيبٍ
من الضوء ؟!
أو من ظلامٍ كفيف الخطاطيف في جُنح ليلْ؟!
أو سأهلك من شوكةٍ
أو شَبا حجرٍ غادر قابِع في الطريق ؟!.
أو بجرعة ريق؟!.
أو سأهلك يا ويح قلبي من الماء !!
أو زُرقةٍ في السماء!!
أو عبيرٍ يدسّ به الورد موتى على دفعتين ؟!!..
قال :
أو رُبما من صدى الصوت.
فاسلك سوى ما ترى نُصب عينيك كي لا يقابلك الموت :
ثمّ انتظر...
ثمّ انتظر...
***
يابن ووهان
بِتنا نفكر بعدك من أين يأتي الهلاك ؟!!
وكيف سينصبُ لِلغافلين الشباك ؟
لم يَعدْ مُستحيلاً جميع الذي قلتُ
بعد الذي قد فعلتَ بنا
أيها الوغد
فارحل عليك من الله ..
قال : اهدأوا يا بشر
واستعدوا لـِ أمرٍ أمرْ
***
يابن ووهان هذا سؤالي الأخير الذي لم يزل ينخر الروح في كل حين !!
وينذر في كلّ أحواله بالخطر :
***
أنتَ من أنت ؟ !!
هل أنت لُعبة أوغاد هذا الزمان : الجديدة،
أم حتفنا المُنتظرْ ؟ !!
ومن هم ؟ !!
وأين يقيمون ؟!!
كيف يديرون عالمنا في الخفاء ؟!!
وماذا يريدون مِنا ؟!!
فقال اهدأوا يابشر ..
واستعدوا لـ أمرٍ أمرّ .
***
مدّ ( خشمًا طويلاً لِخشمي الطويل )
وودّعني ساخراً من سؤالي وفي داخلي نار غيظي بجمر الأسى تستعر ..
ثم قام المعري وألقى عصاه ومدّ يَديه
فألقت عريب وشارية الحسن : عوديهما ومضوا يرقصون على صوت (
فيروز ) قبل السّحر :
(على دلعونا على دلعونا
متى نتخلص من ذي الكورونا )
(قولوا لأوروبا وقولوا لأمريكا
والصين العظمى جننتمونا)...
--------------
* عريب و شارية أشهر مغنيتين في العصر العباس.
* سيلفيا براون : صاحبة كتاب ( نهاية الأيام )
* عيون الظلام رواية للأمريكي (دين كونتز)
*فنجان ابن ووهان*للشاعر حسن الزهراني
أنا و (المعرّي )
على (مكتبي) بعد منتصف (الحظر)
في نشوةٍ وسرورْ،
بيننا (الشاذلية) بالهيل والزنجبيل المُصفى تفورْ.
ونحن نُلحّن بيتين من شعرنا العذب
قال المعري :
هُما لي ..
وقلت أنا :
لا .. و لا ..
بل لِيَهْ ..
***
وكانت (عَرِيبُ) تُداعبُ أوتار عودٍ قديمٍ.
تُدندن حِينًا
وحينًا
تُشير إلى ( شَارِيةْ ).
***
اختلفنا على اللّحنِ
ثم اتّفقنا
وقمنا نُغنّي جميعاً بأصواتنا الفَاهِيةْ :
( غيرُ مُجدٍ في عُزلتي وانطوائي
جَمعُ صَحبٍ ولا زيارة نادي
أقلقتنا هذي (الكرونا) فبِتنا
بين (كمّامةٍ) وغسل أيادي )
***
طُرقَ البابُ.
عَمّ هدوءٌ رهيبْ...
التفتنا وفي صمت أذهاننا حيرةٌ
وسؤالٌ
تلاه سؤالٌ
تلاه سؤالْ .!
من سيأتي بلا موعدٍ آخر الليل؟!
ماذا يريد؟!
بل وكيف أتانا من الشُّرفة العاليةْ ؟!..
***
قلت في دهشةٍ : من .. ؟!
فأهوى عليّ المعري برأس العصا
شَجّ رأسي وقال:
افتحي الباب يا جاريةْ !! .
***
قلت : لا..
إن فتحنا هلكنا
وكانت نهايتنا القاسيةْ.
***
فُتح الباب قسرًا
أطلّ علينا فتىً من هُلامٍ
بِبزته الزّاهية.
قال : صبّوا من الشاذلية لِلضيف،
أو إن وجدتم نبيذًا فياحبذا…
إنني جئتُ من بلدةٍ نائيةْ..
***
ارتبكنا ونحن نرى نار عينيه ،
والشّرر المُتطاير من بين جفنيه
في لَحظةٍ داجِيةْ .
***
لم يُعِرنا اهتمامًا وألقى (الشّماغ) بِوجهِ ( المعرّي) فعاد
إليه البصرْ... !!!
***
فبكى
وبكينا
جرى دمعنا أنْهُرًا في القفارْ..
وتبسّم في غصن رُمانِهِ الـ(جُلّنار ْ) ..
واستحالت جميع الصحاري مروجًا من الفلّ والياسمين ،
والندى في سرورٍ يكحّلُ في كل صبحٍ رموش الشجر ْ..
***
قلت: بالله من أنت ؟!
قال : (كرونا)
وقفنا ذهولاً
و قُلنا جميعاً : عليك من الله...
قال : اهدأوا ياااابشر ْ..
واستعدوا لـ أمرٍ .. أمَرْ ..
***
أنتم الآن أحقر خلقٍ على الأرض.
كرّمكم خالق الكون عن كل خلقٍ
فحِدتم عن الحق.
حَاقَ بكم مكرُكم حين لم تُغنِكم أيها السادرون النّذر ْ.
***
قلت : هذا كلام الّذين…
وكان يُعاد علينا كثيرا ..
ونسمع ماطال من هوله كل حين..
فهل من جديدٍ مفيد مبين ؟!
ومَدّدَتُّ رِجليَّ دون شعورٍ على مكتبي،
وتنهّدتُ في حسرةٍ وضجرْ .
***
يابن ( وُوهان ):
لا مرحبًا بك
عكّرتَ صفوي ،
ولوَثت كوكبنا، وتجبّرت.
أذْللتنا أيها الوغد :
أودعتنا في سجونٍ من الرّعب ،
أرهبتنا
ومزجت الأماني بِصِبْرِ الكدرْ ..!!
***
كل شيءٍ توقّف من أجل عينيك ،
كم من فؤادٍ طعنتْ !
وكم من صغيرٍ حرمتْ !
وكم من… !
وكم من… . !
وأوجعتَ .
أوجعت .
أوجعت .
يا أيها المُستطير الأشِر .
***
كل ما قد بلغناه من عِلمنا
وابتكاراتنا يابن ووهان
أضحت وفي لَحظةٍ من ذهولٍ هباءْ.
وأكتشفنا سريعا مدى ضَعفِنا ،
وتساقط في لَمحةٍ كل ذاك الهراء.
وأنت الذي لا تُرى ياسليل الخياناتْ
غيّرت كل القناعاتْ.
أخلفت كل الموازين.
أسكَتَّ كل الصواريخ والطائرات !! .
وأخرست كل القنابل ، كل البنادق والمدفعيات والقاذفاتْ !! .
وكمّمت أفواه كل المُرابين والأدعياءْ.
وأغلقت دون عناءٍ علينا جميع الدّروب،
وأغلقت حتى الفضاءْ. !!
و وحدتَنا في صفوفٍ من الرّعب شرقا - وغربا - شمالا - جنوبا:
سواسيةٍ في خنوعٍ : لِآجالنا ننتظر..
***
قهقه الوغد دون اكتراثٍ وقال : اهدأوا يا بشر ..
واستعدوا لِـ أمرٍ أمرْ .
***
قلت : أمّا أنا يابن ووهان
قبري معي،
وفي أيّ حينٍ على أُهبةٍ للرحيلْ.
ومتاعي قليلٌ قليلْ.
لم يعد بين جنبيَّ قلبٌ .
ولا في الشرايين نبضٌ.
ولا في المشاعر دفءٌ ،
وطرفي كَلِيلٌ كليلْ.
وما بِتُّ أطمع في برزخ الحزن إلاّ بِقطرة ماءٍ خَصِر .
***
وها أنا في مُنتهى عُزلتي يابن ووهان أجرع ما مَرّ من وجعي
اتهجّى الثّواني. أخضِّبُ نبضي بلحنٍ قديمٍ،
وأحصد في وِحدتي زفرات النّجوم،
أصلّي على هدب الغيم دون خشوعٍ وخلفي يسوق الدجى نِصف بدرٍ
سقيم ،
فأدعو بقلبٍ مُنيبْ..
وأبكي بدمع خصيبْ..
وأضحك في لحظةٍ من وجوم،
وأبحث بين المجرات عن مُستقر
***
شَرِبتُ معَ ( سِيلفيا) نَخبَ حدسٍ مُليمٍ ،
وكانت ( عيون الظلام ) تجوسُ دمي منذ ما يقرب الأربعين ،
وأسئلةٌ لا تكفّ عن الطرق في صخرة الجمجمةْ !!.
فجّةٌ فجةٌ مُبهمة.
والجواب الذي كنت أرقبهُ خلف قضبان خوفي : أضاع فمهْ..
هل سأهلك من ( قُبلةٍ ! ) أو نسيمٍ عليلْ؟ !
هل سأهلك في فجر يومٍ كئيبٍ
من الضوء ؟!
أو من ظلامٍ كفيف الخطاطيف في جُنح ليلْ؟!
أو سأهلك من شوكةٍ
أو شَبا حجرٍ غادر قابِع في الطريق ؟!.
أو بجرعة ريق؟!.
أو سأهلك يا ويح قلبي من الماء !!
أو زُرقةٍ في السماء!!
أو عبيرٍ يدسّ به الورد موتى على دفعتين ؟!!..
قال :
أو رُبما من صدى الصوت.
فاسلك سوى ما ترى نُصب عينيك كي لا يقابلك الموت :
ثمّ انتظر...
ثمّ انتظر...
***
يابن ووهان
بِتنا نفكر بعدك من أين يأتي الهلاك ؟!!
وكيف سينصبُ لِلغافلين الشباك ؟
لم يَعدْ مُستحيلاً جميع الذي قلتُ
بعد الذي قد فعلتَ بنا
أيها الوغد
فارحل عليك من الله ..
قال : اهدأوا يا بشر
واستعدوا لـِ أمرٍ أمرْ
***
يابن ووهان هذا سؤالي الأخير الذي لم يزل ينخر الروح في كل حين !!
وينذر في كلّ أحواله بالخطر :
***
أنتَ من أنت ؟ !!
هل أنت لُعبة أوغاد هذا الزمان : الجديدة،
أم حتفنا المُنتظرْ ؟ !!
ومن هم ؟ !!
وأين يقيمون ؟!!
كيف يديرون عالمنا في الخفاء ؟!!
وماذا يريدون مِنا ؟!!
فقال اهدأوا يابشر ..
واستعدوا لـ أمرٍ أمرّ .
***
مدّ ( خشمًا طويلاً لِخشمي الطويل )
وودّعني ساخراً من سؤالي وفي داخلي نار غيظي بجمر الأسى تستعر ..
ثم قام المعري وألقى عصاه ومدّ يَديه
فألقت عريب وشارية الحسن : عوديهما ومضوا يرقصون على صوت (
فيروز ) قبل السّحر :
(على دلعونا على دلعونا
متى نتخلص من ذي الكورونا )
(قولوا لأوروبا وقولوا لأمريكا
والصين العظمى جننتمونا)...
--------------
* عريب و شارية أشهر مغنيتين في العصر العباس.
* سيلفيا براون : صاحبة كتاب ( نهاية الأيام )
* عيون الظلام رواية للأمريكي (دين كونتز)
إرسال تعليق