-->
العهدة الثقافية  العهدة الثقافية

قَلِقٌ أنا لجداية: الشعر في مواجهة القلق


  قَلِقٌ أنا  لجداية: الشعر في مواجهة القلق   

يشرع الشاعر عبد الرحيم جداية مفردات ديوانه " قَلِقٌ أنا" الصادر حديثاً عن مكتبة الطلبة الجامعية في إربد، منذ العتبة الأولى على آفاق وجودية تنحسر حيناً، وحيناً تتمدد حسب الذات المتكلمة، إذ أنه ينشغل في صناعة الحيوات التي يراها تناسب الفكرة وتجلياتها الرائية.

   الديوان نفسه الواقع في "283" صفحة من القطع الوسط، يستلهم مفردات حضوره من الواقع، وينقلها إلى حيث تصبح مداراً للحكمة، وفضاء للقياس، وتنفتح هذه الشهية لمتابعة القلق منذ إهدائه في الصفحة الأولى، إذ يقول: " املئيني، لست أهواه الفراغ، وعطّري حزني بليل ساذج القسمات أعمى"، بهذا الإهداء يكون الشاعر قد وضع لبنة أساسية للقارئ للولوج أو للوقوف أمام  كتلة من التجاذبات التي يمارس تشكيلها عبر نصوص شعرية متنوعة.


   يشتغل الديوان الجديد والذي يأتي بعد تسعة دواوين، وغيرها في النقد والنصوص النثرية، في نصوصه على الحال الجمعي للوجود وتحولاته النفسية، على الحال الذي يتقدم لقراءة ما هو متسق مع فيوضات هذه النفسية المتحوّلة، يقول في القصيدة الأولى في الديوان: " ستقول سنبلة الحقول لأختها: قَلِقٌ هو، وتقول ثم سحابة لسحابة مرّت هنا: قد كان يرتجف الخريف على يديه، قلق يساورني عليه، حتى اليمامة غادرت أغصانه"، تبدو هذه الأحوال التي تجمع بين الأصوات قلِقة ومرتبكة.


   قصائد الديوان التي احتوتها مجريات البحث عن الخلاص من القلق ومآلاته، وبلغت " 39" قصيدة تنوعت بين النص الطويل والنص القصير، وتنوعت فيها بنية العنوان الجامع للديوان، لم تتنصل قصيدة واحدة منها من الارتكاز على الإطار العام لهذا العنوان، فمنذ القصيدة الأولى " قَلِقٌ أنا"، مروراً بالعناوين المتتابعة: " محض اعتراف، يأمرني الحزن فأصغي، سؤال الوقت، أحزان معتقة، طفل على حافة الحنين، أسرفت في العمر اعتكافاً، حدائق الغرباء، قمران يرتعدان في كفي، بين السراب وجدتها، تراجيديا، نقتسم الرحيل، عابر في الظل" والشاعر يبحث عن صيغ تشاركية لتأسيس معجم خاص للقلق لمثل هذه التحولات.  


   تتمدد الموضوعات في بنية الجملة الشعرية في الديوان حسب الدفق الشعوري الخاص، فتحضر بثوبها الغنائي، من مثل: " عيناك أفق في مساحات الضباب رأيتها، تقتات جلّ براعمي وزهوري"، كما أنها تحضر في ثوبها المحسوس غير الظاهر صوتياً، من مثل: " في أضلعي خبأته، في عالمي المنسي كم أشرعته، يا قاربا في اليمّ لست تائها، ما كنت يوما صاخبا في موجة، ما كنت في عينيك يا حبيبتي".


   يشار أن الشاعر جداية حاصل على بكالوريوس فنون جميلة وماجستير آثار كلاسيكية، وعضو العديد من الهيئات الثقافية، منها رابطة الكتاب الأردنيين، صدر له العديد من الأعمال الشعرية، منها: الخيول على مشارف قلبي، سندباد في رحلته الأخيرة، ثالثة الأثافي، ما لون الوقت، ولادة متأخرة، وغيرها، وفي النقد صدر له: قراءات في الشعر الأردني الحديث، وملامح الشعر الأردني، وفي النصوص النثرية صدر له: نشيد الدوالي، طفولة حرف، زمن بلا حكايا، وفي الفكر صدر له كتاب واحد بعنوان: الفكر والإصلاح التربوي"، وهو حاصل على العديد من الجوائز منها: جائزة شرحبيل بن حسنة، وجائزة الناصر صلاح الدين، وجائزة المعلمين الفنانين في جمهورية التشيك"، ويذكر أنه أعد للإذاعة الأردنية ما يزيد عن " 500" حلقة في مجالات الأدب والفن والفكر

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العهدة الثقافية

2016