كنت في غرفة الصف كالعادة، وعلى وجه الخصوص في شعبة ( أ )، أشرح
لطلبتي درسا في التاريخ عن حركات الاستعمار للوطن العربي . اهتز جهاز الهاتف في
جيبي أشعرني بوصول رسالة هاتفية. فلم أهتم باهتزاز الهاتف وتابعت الشرح . فجاء
رنين الهاتف تاليا وتم فصله من قبل المتصل، أكملت الشرح ولم أتابع انتباهي لهذا
الرنين المفاجئ . أنهيت الشرح ونسيت رنين الهاتف، لكثرة الذين يتصلون
بطريق الخطأ، واتجهت نحو الغرفة الصفية الثانية حيث كان برنامج الدروس الأسبوعي في
هذا اليوم مكتظا بالعمل، دخلت الصف. وقف الطلبة احتراما لي كعادتهم. ألقيت التحية
عليهم . وأدرت وجهي لكتابة عنوان الدرس على السبورة ، فجاء رنين الهاتف مرّة أخرى
وصمت. ثم جاء إشعار بوصول رسالة هاتفية جديدة، فقلت لربما هو أحد أولياء أمور
الطلبة يضطر لمهاتفتي ويبعث رسائل لإخباري بشيء مهم . اعتذرت من طلبتي
وخرجت من الغرفة الصفية، تناولت الهاتف من جيبي. وضغطت على كلمة رسائل فظهرت لي
الرسالة الأولى . ( سيكون اليوم آخر يوم لك في حياتك ) . ابتسمت . ( آخر يوم في
حياتي ؟ أي معتوه هذا ؟ ) . ضغطت على كلمة الرسائل فظهرت الرسالة الثانية. قرأت :
( نحن لا نمزح ). أي غباء هذا همست لنفسي وأضفت: لربما هو أحد الطلبة المشاكسين
أراد مناكفتي. فأغلقت الرسائل واتجهت نحو مكالمات لم يتم الرد عليها. ضغطت بإصبعي
فكان رنين هاتفي في الجهة المقابلة. استمر الرنين طويلا حتى كدت أن أغلق الهاتف.
ثم جاء الصوت أجشا مقتضبا صارخا آمرا: سوف نقوم بإرسال رسالة لك على هاتفك نعلمك
متى وكيف تتصل. لا تطلب هذا الرقم ثانية. وتمّ إغلاق الهاتف . شعرت
باضطراب وشعرت أن الأمر لا هزال فيه. دخلت غرفة الصف هامسا لنفسي. تراه من يكون
وهل أنا المقصود فعلا أم هي لعبة الأرقام أو ممازحة بعض الأصدقاء؟ في الغد سأخبركم
كيف تمّ قتلي إن استطعت إخباركم قبل قيامهم بقتلي الليلة
قصة تختلف عما تعودنا عليه من أنماط سردية، يجعلك تقرأ القصة وكأنه سحر عينيك وغيب عقلك، محمد مشه كاتب مثابر مبدع يسخر من كل شيء إلا أن يكون جادا.
ردحذفمعك عليان قاسم
ردحذف