مغامرة التجديد اللغوي في
ديوان (فوضى الحروف) لنضال الرفاعي
بقلم– محمد فتحي المقداد
الديوان يعتبر ورشة لغويّة، ومنجمًا أحفوريّا للبحث عن مَوات كلمات
ندر استخدامها في عصرنا من أهل اللغة.
و الحداثة عند الشاعر (نضال الرّفاعي) ذهبت به بعيدًا في مجاهل اللغة
وإحضارها عُنوة إلى ساحة الاستخدام وإعادة تدويرها شعريًّا وأدبيًّا. برأيي
المتواضع هذه النقطة بالذات تُحسَب للشّاعر المُجدّد (نضال الرّفاعي) مع أمثاله من
النُّدرة النّادرة من الشعراء والأدباء.
وما دلالة هذا الكلام عند تطبيقه على أرضية الواقع الأدبي المُعاش في
ظلّ وسائل التواصل وسهولة تناولها، هناك سيلٌ جارفٌ من الغُثاء الضّحل بلا فائدة
تُذكر. فليس كلّ كلام مُنمّق جميل هو شعر، فالشعر موهبة مُكلّلة بامتلاك الأدوات
واتقان الصّنعة. هذا ما رأيته متوافرًا عند شاعرنا نضال الرفاعي.
وعند التوقّف أمام العنوان (فوضى الحروف).. لم أتمالك مشاعري فقلت:
"لله درّها ما أروعها، وهي تخلط الأوراق بفوضى مقصودة.. خبيرة عليمة.. واثقة
بخطوتها".
باعتقادي أن الشّاعر أراد إحداث الفوضى الخلّاقة المُبدعة في
المستنقع الرّاكد الذي تستعمره الإشنيّات والطّحالب، وهو منهل الكثرة الكاثرة
المُفاخرة بما تكتب ظنًّا أنها أتت بما لم تأته الأوائل.
والتجديد هو الحجر الكبير العظيم الذي رماه نضال في هذا هذا الخضمّ
الهادئ هادفًا للتغيير والتطوير الحداثي للغة العربية النّابضة جذورها حياةً.
*النماذج والأمثلة:
____
- (وربِّكَ يا قبيحَ النّسل إنّا ** سنَنسِلُ من لهم حقُّ البقاء)
ص١٧.
# سنَنسِلُ: نسَل الشّيءُ انفصَل عن غيره وسقَط، الآية: (وَهُمْ مِنْ
كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) سورة الأنبياء 99/ نَسَلَ ينسل: كثُرَ ولده
- (فما نضَبَت منابعه وكانت ** لكم مِغداقةَ البَذلٍ احتسابًا
ألستُم من بحِجرِ القلب كنتُم ** وأبدلتُم بنسمتِه عُبابا) ص٢٣
# مِغداقة: صيغة مبالغة من التكثير من العطاء الكثير. غَدِقَ
الْمَطَرُ: كَثُرَتْ قَطَرَاتُهُ. غَدِقَتِ الأَرْضُ: كَثُرَ فِيهَا الْمَاءُ
وأَخْصَبَتْ. غَدِقَتْ عَيْنُ الغَدِيرِ: غَزُرَتْ وعَذُبَتْ. غَدِقَ العَيْشُ:
اِتَّسَعَ. مَاءٌ غَدِقٌ: غَزِيرٌ، كَثِيرٌ.
# عُبابا: العُبَابُ : كثْرَةُ الماءِ والسَّيْلِ. عُباب البحر:
الموج
- (فأسلمتم مراكبكم رُواحًا ** وأخرقتُم مراكبَنا إيابا
لعمري لم يعُد في الثّغر نبضٌ ** ليُنطِفَ سوقَ سائلتي الرّضابا) ص٢٤
# رُواحًا: رَوَاح اسم للوقت من الزَّوال أي من زوال الشَّمس إلى
اللَّيل
# نَطِفَيَنْطَفُ قطرَ أو سال قليلًا قليلا
- (ضُبّوا الدفاتر لا يُجدي بنا صَدَحٌ ** إنّ الدّفاتر قد ملّت من
الكذِب) ص٢٦
# ضُبّوا: ضَبَّ عَلَى الشَّيْءِ : قَبَضَ عَلَيْهِ بِكَفِّهِ. ضَبَّ
بِكَذَا أَوْ عَلَيْهِ : اِشْتَدَّ حِرْصُهُ عَلَيْهِ وَطَلَبُهُ لَهُ، كنت أظنّ
هذه الكلمة عاميّة
- (عشقتُ عروسةَ الشُّطآن عِنْدًا ** فأسلمتِ النّفائسَ لاعتمادي)
ص٣٣
# عِندًا: خالف الحقَّ وهو عارِف بِه.. من العناد.
- (شجونٌ في الدّجى تعرو فؤادي ** فتُدميه لتعبَثَ في مِدادي) ص٣٤
# تعرو: عرا يعرو : عراه المرض: أصابه
- (هي نبع أمواهِ اللّغات فُراتِها ** إن لم نذُد عن حوضها لا
نَرفُدُ) ص٣٧
# أمواه: جمع مياه.
- (يا نسمةً سلكت مدارَ رصانةٍ ** ما اختلّ مجرِيْها
وليست توأدُ) ص٣٨
# مَجريْها: لفظة قرآنيّة.. وهي طريق السير، جاء في سورة هود ﴿وقال﴾
نوح ﴿اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها﴾ بفتح الميمين وضمهما مصدران أي جريها
ورسوها أي منتهى سيرها.
- (يا لاعِجًا في الصّدر يستعِرُ ** ناري رمادٌ ما بها شرَرُ) ص٤٦
# لاعجًا: حُبّ لاهب مُحرِق, صَبَابَة , الحزن والشجن
- (ولو ذاقوا رحيقَ العفوِ يومًا ** لما سلكوا
بدرب البُغضِ وَعْرا) ص٥٠
# وَعْرًا: الوعورة والصعوبة. وعَر الطَّريقُ : صلُب وصعُب السَّيرُ
فيه.
- (يا صاحب السّيفِ هذا السيف كم بَتَرا ** كالبرقِ خاضَ الوغى
كالجمر إذ صَدَرا) ص ٥١
# صَدَرا: الانصراف والابتعاد. وهي لفظة قرآنية (حتى يُصْدِرَ
الرِّعَاءُ)٢٣ سورة القصص، يرد الرعاء أغنامهما عن الماء.
ويرجع و ينصرف عنه، أو يصرف الرعاء مواشيهم عن الماء.
- (كم من رجالٍ قضَوا في الرّوض نحبَهُمُ ** سالتْ دماءٌ
تُغذّي الجدولَ النَّهِرا) ص٥١
# النّهِرا: نهَر نهرًا فهو نهير. نهر الشيء: كثُر وغزُر.
- (لكن برغم خُدوشٍ القلب من وَهَنٍ ** بالفكر نزهو فيبدو وجهُنا
نضِرا) ص٥٢
# خدوش: جروح خفيفة نتيجة للاحتكاك المباشر.
- (يا ساكنين أديمَ المسكِ أسألُكم ** فكرَ الوفاء.. يكونُ الدّرسَ
والعبِرا) ص٥٣
# أديمَ: أديم الأرض: ظهر الأرض وسطحها. وأَدِيمُ كل شيءٍ :
ظاهِرُه. أَدِيمُ السَّمَاءِ : مَا ظَهَرَ مِنْهَا.
- (نزَعَ المعاطفَ وارتمى تحت المطر ** والقلب ضاق بِرانِهِ حتى
انشطر
فالدهرُ في دُوَلٍ يدورُ كما الرْحى ** لم يُبقِ حَبًّا
للنّجاة ولا يذَر) ص٥٤
# بِرانِه: الرَّانُ : الغِطاءُ والحِجابُ الكثيفُ، وهو الصدأُ يعلُو
الشيءَ الجَلِيّ كالسيف والمرآة ونحوهما، والرَّانُ : ما غَطَّى على القلْب
وركِبَه من القسوة للذَّنب بعد الذنب.
# الرّحى: رحَى القمحَ : طَحَنَه. رحَّى الصَّانعُ الطَّاحونةَ :
صنعها وسوّاها
- (و بيضُ الثّنايا فُصوصٌ بعقدٍ ** بخِدْر المليحةِ ليلة عُرس
وقطرُ الرّضابِ كطلّ الزّهورِ ** كخمرٍ عتيقٍ يُقبّلُ كأسي) ص٥٥
# فُصوص: فصُّ الأمر : حقيقته وجوهره
فَصُّ الْخَاتَمِ : مَا يُرَكَّبُ فِي وَسَطِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ
الْكَرِيمَةِ
# الرّضاب: في معانيها المبسطة ما يلي شهد العسل الريق فتات المسك
قطرات الندى المتساقطة على الشجر والماء قطع السكر. وقد جاء في لسان العرب كما
يلي: (الرُّضابُ: ما يَرْضُبُه الإِنسانُ من رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه، وإِذا
قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها).
- (با صانع المهدِ كيف المهدُ يتّسعُ ** كلّ المحاسنِ بالمولود
تَدَرّعُ
في يوم مولده المرقوب لا عجبٌ ** تأتي الملائكُ حولَ الطّفل تجتمعُ)
ص٥٧
# تدرّع: لبس الدرع
# المرقوب: الأمر المرتقب مجيئه..
- (فالوجهُ بدرٌ وممشوقٌ بِهامَتِه ** و الطّرْفُ يخضعُ للجبّار
يتّضِعُ) ص٥٨
# يتّضِع: اتَّضَعَ : خَفَضَ رأْسَه
اتَّضع أمامَ السُّلطة : تذلَّل ، تخشَّع ، خضع
- (إنّا شُغِلنا و رانُ القلبِ يُهلِكُنا ** عفوًا إلهي وألحقنا بمن
شُفِعوا) ص٥٩
# ران، الرَّانُ: الغِطاءُ والحِجابُ الكثيفُ.
- (وليْتَ الذي هزّ الفؤادَ فواجعًا ** يكونُ كأضغاثٍ تقُضّ
المضاجِعا) ص٦٠
# أَضْغاثٌ: (اسم) جمع ضِغْث ما هِيَ إِلاَّ أَضْغاثُ أَحْلامٍ:
أَحْلامٌ مُخْتَلِفَةٌ مُتَداخِلَةٌ وَمُضْطَرِبَةٌ يَصْعُبُ تَأْوِيلُها
وَتَفْسيرُها. ورد في سورة يوسف آية 44 (قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ
بتأويل الأَحلامِ بِعالِمينَ).
- (أمِن ذاتِ جُحْرِ السُّمِّ ندْمى ولم نَفِقْ ** شرِبنا نزيفَ
الجرحِ خمرًا وناقِعًا) ص٦١
# ناقعًا: فاعل من نَقَعَ. دَوَاءٌ نَاقِعٌ : فَاعِلٌ ، نَاجِعٌ.
سُمٌّ نَاقِعٌ : قَاتِلٌ. دَمٌ نَاقِعٌ : طَرِيٌّ. ماءٌ ناقِع : ناجِعٌ يطفئ
الغُلَّة. وموتٌ ناقِع : كثير.
- (ويطلُّ شِعري من ثنايا حُسنها ** فيتوهُ في جيدٍ وخصرٍ أهيَفِ)
ص٦٣
# أهيف: أهيَف: (اسم) الجمع: هِيف ، المؤنث : هيفاءُ ، والجمع للمؤنث
: هَيْفاوات و هِيف صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من هافَ وهيِفَ. قامة هيفاءُ :
ممشوقة رشيقة. ورَجُلٌ أهْيَفُ: ضَامِرُ البَطْنِ رَقِيقُ الخَصْر، ِ النِّطَاقاتُ
الذَّهَبِيَّةُ الْمُلْتَفَّةُ على خَصْرٍ أَهيَفَ لا يَضيقُ بِها وإنْ عَرُضَتْ.
- (وأُشعّلُ الحرفين من شَبَق الجَوى ** حرقًا وبُركانَ الهوى
المُستعصِفِ) ص٦٤
# المُستعصِف: يطلب العصف. اشتدَّ هبوبُه. "عَصَفَتْ
رِيحٌ"
- (واعمَدْ إلى الدّار واسألْ في مضاربها ** هل طيفُ ليلى بأنفاس
الهوى اكتَنَفا
علّى أُعانقُ عين الحبّ مُغمّدَةٌ ** تغفو فأغفو وبعضُ الليل قد
دَنِفا
يا دارُ أنّى يفِرّ الصّبّ من قَدَرٍ ** ما أعسَلَ النّخلُ
إلّا بعدما ارتشفا) ص٦٦
# اكتنفا: اِكْتَنَفَهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ : أحَاطَ بِهِ
# مُغمّدة: مَغْمَدُ السَّيْفِ : غِمْدُهُ ، أَيْ غِلاَفُهُ.
مَغْمَدُ السَّيْفِ : غِمْدُهُ ، أَيْ غِلاَفُهُ. غمَّدَ يغمِّد ، تغميدًا ، فهو
مُغمِّد ، والمفعول مُغمَّد. غَمَّدَ صَاحِبَهُ: غَطَّاهُ، سَتَرَ مَا كَانَ مِنْ
عُيُوبِهِ غمَّد اللهُ فلانًا برحمته : تغمَّده ؛ ستر ما كان من عيوبه وغطَّاه.
غَمَّدَ فلانٌ فلانًا كذا: غطَّاه به.
# دنِفا: دنفت الشمس : مالت إلى الغروب. ودَنِفَ الأَمرُ : دنا.
# ما أعسَلَ النحل: صيغة ما أعسل على صيغة أفعَلَ.. بمعنى أن النحل
ما أنتج العسل الا بعدما ارتشف رحيق الأزهار.
- (مَن ذي التي تُشفي الفؤادَ بوصلها ** وتُسابقُ الدّقّات
بالتّرياق) ص٧٠
# الترياق: دواء مركَّب يدفع السُّموم، يُقاوم تأثير سُمّ. خَمْر
سُمِّيت بذلك لأنها تدفع الهُموم.
التِّرْياق صابونُ الهُموم.
- (وتألّقَ الثّغرُ الخجولُ ببسمةٍ ** تُغري بيَ الدّفَقانَ في
الإنطاق) ص٧١
# الدّفقان: شدة الدفق والتدفّق. على صيغة الفعلان. من صيغ المبالغة
# الإنطاق: في استجرار الكلام من شدة الخجل أو الخوف.
- (ويرَوْنَ فيكَ سِماكَهم وسُهيلَهم ** تُهدي إليهم للوصولِ سبيلا)
ص٨٠
# سِماكَهم: السِّماكُ الرامِحُ نجم معروف
، وطلوعُ السِّماكِ الأَعزل مع الفجر يكون في تَشْرِين الأَول. وقالت
العرب: (إذا طلع السِّماك ذهبت العكاك). العِكاكُ: شدةُ الحرِّ معَ سكون الريح.
يقال: يوم عِكاكٌ ، ومكانٌ عِكاكٌ، والمعنى أنه إذا ظهر نجم السّماك في تشرين يذهب
الحر، ويكون الجوّ أقرب للبرودة.
# سهيلهم: سهيل هو الاسم العربي لنجم ألفا القاعدة.
- (بغمدِ الهوى نامت عيونٌ مناهلُ ** وفي لحظِها نِعمَ السّيوفُ
المَصاقِلُ) ص٨٥
# المصاقِلُ: الصّقيلة اللّامعة. استخدمها الشّاعر بصيغة المفاعل.
_ (إني أسافرُ والأقلامَ راحلتي ** والقلبُ بالشّعر لا بالهوْدَجِ
ارتحلا) ص٨٧
# الهودج: "الهودج": هو مَحْمَل يوضع على ظهر الحيوانات
مثل الجمال والأفيال أشبه بحجرة صغيرة أو ما يصح القول عنها بالمركب فيه مقعد أو
سرير مظلل عادة وقد يكون مغلقا بالكامل، استخدم في الماضي عادة لحمل الأثرياء أو
استخدم أثناء الصيد أو الحرب، او للنساء أثناء السفر، صُنع من الخشب وظلل بالقماش.
- (لا تعذُليه فمِن حوران شأفَتُهُ ** من تُربها أُرضِعَ الأشعار
والزّجَلا) ص٨٨
# شأفَتُه: شَأفَةُ : الأصْلُ والمنبت.
- (لو لم تُقلَّمْ جيّدًا أشجارُنا ** تُعطي ثمارًا فَجّةً فيها
هَزَلْ) ص٩٠
# فجّة: الفِجُّ من كلِّ شيء : ما لم ينضَجْ.
- (أبصِر مداكَ و لا تُطاول حدّه ** واعلمْ بأنّ الشّعرَ ليس
بمُنتَعَلْ) ص٩١
# مُنتَعل: انتعلَ ينتعل ، انتِعالاً ، فهو مُنتعِل، اِنْتَعَلَ
الحافِي : لَبِسَ النَّعْلَ. اِنْتَعَلَ الأرْضَ : سافَرَ فيها راجِلاً بِغَيْرِ
دابَّةٍ
- (كانت (فلسطين داري) بوْح مبسَمِنا ** أمّاهُ كنتِ لباسًا زينُهُ
الحَشَمُ
ما زال ينظرُ للماضي بلا أملٍ ** من حسرة الفَقدِ
جفّ المَبسَمُ الوَجِمُ) ص٩٣
# الحَشَم: حَشَمَ الرَّجُلُ : اِنْقَبَضَ ، اِسْتَحْيَا
# الوَجِم: وَجَم الشّخصُ : سكت وعجز عن الكلام من شِدّة الغيظ أو
الخَوف أو الهمّ أو التّعجّب وَجَمَ الرَّجُلُ : عَبَسَ وَجْهُهُ لِشِدَّةِ
الْحُزْنِ وَسَكَتَ.
- (بعضُ الوصالِ يُحالُ اليومَ غائبتي ** عزَّ اللّقاءُ فلا يُدنيه
تِحناني) ص٩٩
# تحناني: من الحنين وشدة الاشتياق.
- (أليس بنهرِنا سالت دماءٌ ** يُخضِّبُ كفَّ شانئنا الوتينُ) ص١٠٣
# شانئنا: المبغض والكاره.
- (سألتُكِ لا تسومي القلب عشقًا ** ومِثلي في الهوى لا يستكينُ)
ص١٠٤
# تسومي: سَامَهُ العَذَاب: عَاقَبَهُ بِأقْسَى أنْواعِ العَذَابِ.
سَامَهُ خَسْفاً: أذَلَّهُ
- (ما لهذا القلبُ يعروهُ الحنينُ ** للذي أضناهُ واستهوى شجاهُ)
ص١١٢
# يعروه: العَرَّةُ : الشِّدَّةُ. لتعُرَّةُ : ما يَعْتري الإنسان من
الجنونِ. إصابة بمكروه . ...
- (هيّا استفيقي من هناك فإنّني ** ما زلتُ قربَ الجفنِ أنطُرُ
صحوَهُ) ص١١٣
# أنطُرُ: سَهِر على الشَّيء وحَفظه. والناطور من نَطَر كَرْمًا
وعمارة وغير ذلك. وصارت مهنة.
- (إنّي انتبذتُ وفي جنينيَ عصمةٌ ** وطنًا قصيًّا في الدّجى
آوانِيَه) ص١١٥
# آوانٍيه: من المأوى والإيواء..
- (كالنّبع يروي الظّامئين ولم يزل ** إردًا لأحفاد البيانِ كزَمزَم
لكن بِطانُ السّنبلاتِ تواضعت ** وخِماصُها كِبرًا تَتيهُ
كأنجُم) ص١١٩
# إردًا: مورد ومنهل مقصود النّهل منه.
# بِطان: مليئة البطن.
# خماصها: الجائع. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم
تتوكلون على الله حق توكّله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتعود بِطانًا)
- (وانهَلْ من الأقحاح تبدُ مثلهُم ** فالبدرُ دون الشّمسِ وجهُ
الأسْحَمِ) ص١٢١
# الأقحاح: القُحُّ : مَن له عِرْقٌ أَصِيلٌ فيما يُوصَفُ به.
# الأسحم: الأسود القاتم. سَحِمَ الوَجْهُ : اسْوَدَّ.
* بالعودة إلى (فوضى الحروف)، فقد أجاد الشاعر في التناص مع القرآن،
وكان أن ضمّن الكلمات القرآنية بمهارة يُشهد له فيها. لوحظ أنه أعاد تدوير بعض
الأبيات من الشعر العربي قديمه وحديثه، وهو ما يأخذ القارئ في
متاهة توارديّة الأفكار، ودفع بالقارئ إلى منصّة جديدة للبحث عن معاني
كلمات عزف عنها الشعراء والكُتّاب، فصارت في عداد اللّغة المهجورة، وغير المألوفة
في زمن ثقافة (التيك أوي) المتسارعة، وعدم التوقف عند قضايا اللغة والنّحو بمخالفة
قواعده عمدًا عن سابق إصرار وتصميم.
الشاعر المُثقّف الذي يُثري السّاحة الشعريّة بأحفوريّاته اللّغويّة
الجديدة النابضة بالحياة إبداعًا، وهذا دليل جليّ على عمق ثقافته ودرايته
المتزاوجة مع موهبته الوضّاة. فهل يكون هكذا إبداع مغامرة؟. السؤال مشروع للقرّاء،
ولكنّه برسم إجابة الشعراء.
عمّان – الأردن
8 / 9 / 2019
الروائي محمد فتحي المقداد |
إرسال تعليق